السبت، 22 يوليو 2017

الإمارات تستهدف الأمن القومي الخليجي والأمريكي بدعم التنظيمات الإرهابية في اليمن



ايماسك- تقرير خاص:

تاريخ النشر :2017-07-01

مع ضلوع الإمارات في شبكة سجون سرية جنوب اليمن، حسب تحقيقات لوكالة اسوشيتد برس الأمريكيَّة ومنظمة هيومن رايتس ووتش؛ يمارس القادة العسكريين الإماراتيين أو عبر قوات قامت بتدريبها وتخضع لسلطتها أبشع أنواع التعذيب بحق اليمنيين، ما يتسبب في كارثة على الأمن القومي الخليجي والأمريكي على حد سواء في طبيعة يغلب عليها الانتقام.
وكتب متخصصون أمريكيون كُثر مقالات تطالب بمراجعة تعاون بلادهم مع أبوظبي في مجال مكافحة الإرهاب والمخابرات، فهذه السجون تقوم بعملية تفريخ كبيرة للإرهابيين الذي يهددون الأمن القومي الخليجي والأمريكي على حد سواء.
وذكر تحقيق لوكالة أنباء أسوشييتد برس نشرته في (21 يونيو/حزيران)، أن الإمارات، وهي أحد أطراف التحالف العربي في الحرب اليمنية الحالية التي تدعمها الولايات المتحدة، أقامت سلسلة من المواقع السوداء في أنحاء جنوب اليمن؛ ونفت الإمارات في وقت لاحق مثل هذه التقارير فيما شكلت الحكومة اليمنية لجنة للتحقيق في تلك المزاعم.

أولويات عاجلة

ورداً على نفي أبوظبي لتلك المزاعم، قال كين غود زميل بارز في فريق الأمن القومي والسياسة الدولية في مركز التقدم الأميركي للأبحاث، في تحليل ً تحت عنوان: يجب على الولايات المتحدة الأمريكيَّة إغلاق "أبو غريب" اليمن": ينبغي أن تدعم الإمارات حديثها بإعلان جميع مرافق الاحتجاز وضمان الوصول إليها عبر ممثلي لجنة الصليب الأحمر الدولية، وفقا لاتفاقيتي جنيف الثالثة والرابعة. وعلى الولايات المتحدة والشركاء الآخرين مع الإمارات العربية المتحدة أن يطالبوا بذلك لحماية حقوق الإنسان الأساسية والامتثال للقانون الدولي".
غود دعا إلى أن يكون هذا الموضوع-السجون السرية للإمارات- أولى أولويات السياسة الأمريكيَّة الخارجية، كما دعا إلى معاقبة الإمارات حتى الإفصاح عن مراكز الاحتجاز السرية جميعها.
كما رد غود على نفي الولايات المتحدة الأمريكيَّة التي نفت مسؤوليتها عن ذلك مؤكدةً في القوت نفسه أنهم يقدمون الأسئلة ويحصلون على الإجابات بفيديو من قادة عسكريين إماراتيين وقال غود: " وللأسف، لا تملك الولايات المتحدة بئرا عميقة من المصداقية للاستفادة منها في هذه الحلقة. إن مأساة التعذيب المروع للمعتقلين العراقيين في أبو غريب خلال حرب العراق تركت علامة لا تمحى على سجل الولايات المتحدة لحقوق الإنسان. وشملت النتائج التي توصل إليها تقرير لجنة الاستخبارات في مجلس الشيوخ الصادر في عام 2014 حالات واسعة من التعذيب وإساءة المعاملة في برنامج استجواب وإدارة بوش. في الواقع، كما هو مبين في قصة اسوشيتد برس كانت دولة الإمارات واحدة من البلدان التي شاركت في هذا البرنامج".
وأشار إلى أنه وفي أعقاب هذه السياسة الكارثية، اتخذ الكونغرس وإدارة أوباما تدابير تصحيحية لضمان عدم عودة الولايات المتحدة إلى التعذيب. إلا أن الرئيس دونالد ترامب قام بحملة لإعادة المياه لمجاريها أو أسوأ من ذلك.

درس مكلف للغاية

لقد تعلمت الولايات المتحدة درسا مكلفا ومؤلما للغاية أثناء إدارة بوش: إن التعذيب وإساءة المعاملة لهما نتائج عكسية، ولا يوفران سوى وقود لأعدائنا ومعلومات سيئة. كتب ماثيو ألكسندر، وهو الاسم المستعار الذي استخدمه محقق عسكري أمريكي سابق خلال حرب العراق: "علمت أن السبب الأول هو أن المقاتلين الأجانب توافدوا [إلى العراق] للقتال كانوا الانتهاكات التي ارتكبت في أبو غريب وغوانتانامو. ... ليس من قبيل المبالغة القول بأن ما لا يقل عن نصف الخسائر والخسائر في هذا البلد قد حان على أيدي الأجانب الذين انضموا إلى المعركة بسبب برنامجنا لإساءة معاملة المعتقلين".
وأشار الباحث الأمريكي بعد أن أشار إلى أن الكونغرس قدم طلباً بالتحقيق في التواطئ الأمريكي مع الإمارات. "من المؤكد أنه لا بد من إجراء تحقيق، ولكن هذا لا يمكن أن يفعله الكونغرس زحده. وتوفر الولايات المتحدة حاليا الكثير من الأسلحة والدعم الجوي الذي تقدمه الطائرات السعودية والإماراتية للتزود بالوقود في الحرب اليمنية. وهذا يوفر للولايات المتحدة نفوذا كبيرا على إجراءات دولة الإمارات. وأعلن رئيس لجنة العلاقات الخارجية بمجلس الشيوخ السناتور بوب كوركر مؤخرا أنه سيرفض أي مبيعات جديدة للأسلحة إلى دول الخليج حتى يتم حل الأزمة مع قطر. وكحد أدنى، ينبغي تمديد الحظر المفروض على المبيعات الجديدة إلى أن تعلن دولة الإمارات جميع مراكز الاحتجاز التابعة لها وتمنح اللجنة الدولية إمكانية الوصول الكامل إلى المحتجزين هناك.
واختتم كين غود تحليله بالقول: " إن التعذيب هو رجس أخلاقي ويخلق معاناة إنسانية لا داعي لها. كما أنه يكلف حياة الأميركيين. ولا يهم كثيرا ما إذا كان الأمريكيون يقومون بتعذيب أو تواطؤ مع حلفائنا. وفي كلتا الحالتين، فإنه يوفر الوقود للدعاية، والتطرف، وحملات تجنيد الجماعات الإرهابية مثل تنظيم الدولة والقاعدة. إذا كانت هذه الادعاءات صحيحة، وأن دولة الإمارات لا تعالجها بسرعة وبطريقة شفافة، فإن الولايات المتحدة لديها القدرة على وقفها. وينبغي أن يصبح القيام بذلك أولوية عاجلة".

الإمارات تخدم تنظيم القاعدة

من جهتها نشرت مجلة ذا أتلانتك الأمريكيَّة مقالاً للباحثة المتخصصة في الأمن القومي الأمريكيَّ كوري كرايدر، قالت فيه إن الإمارات تخدم تنظيم القاعدة والتنظيمات الإرهابية الأخرى في اليمن، عبر شبكة السجون السرية التي تديرها برعاية أمريكية.
وقالت كرايدر، التي عملت مع منظمة ريبريف في تحقيقات في اليمن عن تأثير الاعتقالات على الأمن القومي، إن تنظيم القاعدة وغيره من التنظيمات الإرهابية هُم المستفيدون من الممارسات البشعة التي تحدث داخل سجون سرية إماراتية باليمن والتي تشبه التعذيب في العصور الوسطى، وتؤكد التقارير تورط الولايات المتحدة الأمريكيَّة بإدارتها الجديدة في مثل هذه السجون.
واستندت الكاتبة للوصول إلى تلك النتيجة بمناقشتها بحثاً لها في اليمن عام 2010م حين التقت مواطناً أميركياً كان محتجزاً بالسجن السري الأسوأ سمعةً في تاريخ اليمن، وهو سجن الأمن السياسي. لم يتم القبض على الرجل رسمياً أبداً، إنَّما أطلقت عصابةٌ من اليمنيين المقنعين النار عليه بوضح النهار في شارعٍ قريب من بيته، ثم ألقوه في سيارة، وسارعوا بالانطلاق.
وقالت كوري إنها في ذلك الوقت كانت تعمل محاميةً ومديرةً بمؤسسة ريبريف الحقوقية. وكان فريقها متخصصاً في الانتهاكات التي تحدث باسم “الحرب على الإرهاب”، بدايةً من معتقل غوانتانامو إلى سجون “المواقع السوداء”، وهي سجون سرية أميركية كان يتم احتجاز المشتبه فيهم بها وتعذيبهم خارج إطار القانون.
ورغم أن هذا كان في بداية حكم أوباما، فإنه بات واضحاً في ذلك الحين أنَّ العديد من سياسات مكافحة الإرهاب المشبوهة التي ظهرت في عهد جورج بوش الابن لم ينتهِ عهدها بعد. وبدأت الكاتبة وفريقها بإجراء تحقيقاتٍ حول اليمن فور معرفته بأن مسؤولين في المخابرات الأميركية يديرون ما يسمى عمليات “الاحتجاز بالوكالة”، ويمسكون بزمام الأمور، فيما تقوم قوة محلية شبه عسكرية فاسدة باختيار شخص ما، وتعذيبه، ثم إحالته بعد ذلك إلى محققين أميركيين لاستجوابه. وهو ماتشير إليه تحقيقات وكالة اسوشيتد برس.
وسردت الكاتبة مشاهداتها في تلك الفترة من تعذيب ومن دور أمريكي يبدو مشابهاً لما تقوم به الإمارات في السجون السرية باليمن، وتضيف "يبدو أن الولايات المتحدة متورطة بشدة في سلسلة الاعتقالات؛ إذ اعترف مسؤولون بوزارة الدفاع بأنَّهم “يشاركون في استجواب المحتجزين في مواقعٍ باليمن، ويمدون آخرين بأسئلةٍ ليسألوها، ويتلقون نسخاً من الاستجوابات التي أجراها الحلفاء الإماراتيون”. وسيشعر كل من عمل على قضايا الاحتجاز السري في اليمن من قبلُ كيف يبدو كل هذا مألوفاً، ومنذراً بكارثة.
وتقول كوري إن هذا قد يعني أنَّ الأحوال في هذه السجون الجديدة أسوأ حتى مما رأته هي.

نماذج

خلال الحرب على الإرهاب، أصرت أميركا على تجاهل حقيقة أن تاريخها المتقلب مع مسألة الاحتجاز السري في اليمن يولد أعداءً جدداً باستمرار؛ إذ تشمل قيادة القاعدة في شبه الجزيرة العربية (الفرع الذي فخَّخ عدة طائرات) نزلاءً سابقين بالمواقع اليمنية السوداء وسجن غوانتانامو، وهي حقائق يستغلها التنظيم بكثافة في دعاياته.
وقالت المجلة إن خنق الحصار السعودي-الإماراتي على اليمن إمدادات الغذاء، والإمدادات الطبية الطارئة. وانتشرت الكوليرا فيه مثل النار في الهشيم، فقد أُبلغ عن نحو 124 ألف حالة في 6 أسابيع فقط، فيما يعيش مئات الآلاف على حافة المجاعة. ولم يجرِ رصد عدد ضحايا الحرب اليمنية بالضبط، لكن تجاوزت التقديرات 10 آلاف قتيل.
ومع ذلك، يبدو أنَّ رد الولايات المتحدة على الجماعة يتجاهل أنَّها، في الواقع، تعتبر نفسها لاعباً سياسياً، وتتنافس على الشرعية المحلية. فالتنظيم كيانٌ هجين، مزيجٌ بين جماعةٍ إرهابية وتمرد محلي، يتداخل مع السكان ويسعى، في بعض الأماكن، إلى توسيع نفوذ حكمه حاذياً حذو تنظيم طالبان.


تدفع للانضمام إلى تنظيم القاعدة

وتخلص الكاتبة إلى انه وفي خلال بحثها في اليمن عام 2010، كان واضحاً أنَّ مسؤولي المخابرات الأميركية فقدوا اهتمامهم بالأميركي المتهم الذي أتت بهدف زيارته. وأبلغ آخرون عن تجاربٍ مماثلة: محنةٌ كارثية، واستجوابٌ تجريه الولايات المتحدة. وبعد أن يُصبح واضحاً أنَّ المعتقلين لا يحملون أي معلوماتٍ ذات قيمة، يُطلَق سراحهم من السجون دون اعتذارٍ أو تفسير. وتوسع تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية أفراداً أكثر بكثير إلى صفوفه في أثناء حرب بوش وأوباما ضد الإرهاب، ويرجع ذلك بنسبةٍ كبيرة إلى انتهاكاتٍ كهذه. ومع ذلك، يبدو أنَّ هذه المجموعة الفاشلة من السياسات ستستمر تحت إدارة ترامب أيضاً.
واختتمت مقالها بالقول: “إنه من الواضح أن هذه الممارسات، التي تُنفَّذ اليوم في جنوب اليمن على نطاقٍ واسع، ستثير غضباً مريراً مع مرور الوقت؛ بل إنَّها قد تُطيل أمد الحرب الأهلية. وقد زعم التحالف السعودي-الإماراتي انتصاره في حرب اليمن أكثر من مرة”، لكن كوري ترى أنَّ هذا يبدو بعيداً كل البعد عن الحقيقة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق