الجمعة، 26 أغسطس 2016

د. طه حسين: حمد الجاسر أعلم منا بجزيرة العرب

 

يعد الفقيد علامة الجزيرة العربية الشيخ حمد الجاسر من أقدم وأبرز أعضاء مجمع اللغة العربية منذ 42 عاماً، اذ انتخب عضواً عاملاً في هذا المجمع. وصدر مرسوم جمهوري في مصر في 28 ديسمبر (كانون الأول) سنة 1958 بمنحه عضوية المجمع، كما انتخب في 10 مارس (آذار) سنة 1951 عضواً في المجمع العلمي العربي بدمشق (مجمع اللغة العربية حالياً) وصدر بذلك مرسوم جمهوري، كما انتخب في المجمع اللغوي العراقي سنة 1954.
وكان للشيخ حمد الجاسر في إحدى جلسات مجمع اللغة العربية في القاهرة (كما يشير محضر الاجتماع في دورته الـ 25 سنة 1959، وهو ما ذكره عبد الله عبد الجبار في كتابه (التيارات الأدبية الحديثة في قلب الجزيرة العربية - محاضرات ألقاها في كلية معهد الدراسات العربية العالية بجامعة الدول العربية) ملاحظات على النموذج الذي قدمته لجنة (المعجم الكبير) حول بعض المواضع والأنساب والتراجم الموجزة، وقال في ملاحظته : «ألاحظ أن المعجم لم يذكر كل ماورد من هذا القبيل، فإذا كان المقصود من المعجم ذكر الأسماء الواردة في الشعر القديم وفي النصوص الأدبية، فأعتقد أن القسم الأول الذي طبع منه لم يف بهذا الغرض وأعتقد أننا نجد أسماء كثيرة ليس لها صلة بالشعر أو اللغة».

ومن ملاحظات الشيخ حمد الجاسر التي أوردها حول المعجم:

«ذكر في الصفحة الثانية من المعجم أدام : وادي تهامة. وأرى أن تكون (واد في تهامة). وفي الصفحة الثالثة «أدامى» بالفتح والقصر: وهي موضع بالحجاز فيه قبر الزهري العالم الفقيه نقله ياقوت عن أبى القاسم السعدي.

ويلاحظ على هذه المادة ما يلي:

ـ المعروف أن قبر الزهري (محمد بن مسلم بن عبيد الله بن عبد الله بن شهاب) في ضيعته في وادى شَغَب، ويقع هذا الوادي بين ميناءي الوجه وضبة (ظبا) الواقعتين على ساحل البحر الأحمر في الحجاز، وهذا الوادي هو من روافد وادي (دامة) التي سميت هنا (أدامى) ويجاور شغباً واد آخر يدعى (بَدَا)، وفي الواديين مــزارع في هذا العهد.

ـ (أدامى) هذه المعروفة الآن باسم (دامة) كانت في القديم يشملها إسم وادي القرى وكان معدوداً في أعراض المدينة، والآن واديا (شغب) و(بَدَا) وهما أعلى وادي (دامة) وفيهما المزارع وتابعان لإمارة ضبة (وتكتب الآن ظبا)، وهذه الإمارة واقعة على حدود الحجاز من جهة الشام على ساحل بحر القلزم (البحر الأحمر)، ومنتهاها العقبة مما يلي شرق الأردن.

ـ جملة (ومواضع ديار قضاعة بالشام) يفهم منها أن الإسم يطلق على مسميين والحقيقة أن قضاعة كانت في العهد الجاهلي وفي العصر الإسلامي إلى هذا العهد تسكن شمال الحجاز، ممتدة من الجنوب من بلدة ينبع إلى الشمال حتى تتصل بالسماوة وأطراف الشام، فجهينة تسكن قرب ينبع وتليها مساكن (بلى) ثم (بني عذرة) (وهم غير معروفين الآن بهذا الاسم) وربما أضيف وادى القرى الذي منه وادى (أدامى) دامة وشغب وبَدَا الى الشام، وهذا هو ما أوقع في الوهم من حيث تصور أن هذا الاسم يطلق على موضعين والصواب أنهما موضع واحد».

وقد أثنى الدكتور طه حسين على تلك الملاحظات قال: «وملاحظات الأستاذ الزميل حمد الجاسر ملاحظات قيمة جداً. وللأستاذ الزميل تخصصه ومعرفته الكاملة بالأماكن في الجزيرة العربية، فهو حجة في هذا الموضوع. وأرجو أن يتفضل بكتابة ملاحظاته على المعجم ويزود اللجنة بها وليثق أن «اللجنة ستقدره قدره فهو أعلم منا بجزيرة العرب».

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق