الأحد، 24 يوليو 2016

دور شركات النفط الفرنسية في افساد السياسيين الافارقة والاجرام الاستعماري الفرنسي في افريقيا


Crime of France in Algeria
جرائم فرنسا في الجزائر

https://vimeo.com/176270981

CRIMES DE LA FRANCE AU MAROC
https://www.youtube.com/watch?v=JjwEXHJTmyM
Veterans: The French in Algeria

https://www.youtube.com/watch?v=NOPfoaTaINU

========
“فرانس آفريك” جريمة فرنسا المستمرة / سيدي علي بلعمش


June 14, 2016


 ظروف النشأة :


بدأ المناخ الذي صنع ما سيعرف لاحقا بــ”ظاهرة فرانس آفريك” في مايو 1958 أي في أوج حرب التحرير الجزائرية و أربع سنين بعد هزيمة فرنسا في الهند الصينية و في وقت كانت فيه فرنسا منقسمة على نفسها حول موضوع استقلال المستعمرات .


و بينما كانت الجمهورية الرابعة تتشرذم حول قضية المستعمرات، انفجر فجأة انقلاب الجنرالات الفرنسيين في الجزائر و فرضت عملية “الانبعاث” عودة الجنرال دي غول للحكم .


و بعد صراع أطراف قوي، تم حل الجمعية الوطنية و دخل دي غول قصر الإيليزي فأعد استفتاء شعبيا ليؤسس جمهورية خامسة معدة على المقاس، كان شغلها الأكبر مستقبل المستعمرات الإفريقية المهدد من قبل الحركات التحررية الإفريقية متصاعدة الرفض و الضغط الدولي المتمثل أكثر في موقف الولايات المتحدة (تهديد إيزينهاور بقطع كل المساعدات المالية عن فرنسا إذا واصلت سياسة “الصيد المحروس” في إفريقيا) .


كانت الخيارات صعبة أمام دي غول لكن الخروج من إفريقيا، كان يؤرقه مجرد الحديث عنه، لأنه كان يعني له قنبلة نووية بلا إيرانيوم، صناعة بلا بترول و إفلاس مؤسسات فرنسية عديدة كانت تنهب بنهم خيرات القارة: الخشب، القطن، الفوسفات، المعادن، الكاكاو .. زيادة على الزحف الشيوعي على القارة، الذي كان يمثل كابوس دي غول الأكثر إزعاجا؟


كان المخرج المطروح أمام الجنرال، في البحث عن حل وسط يبقيه في إفريقيا و يرضي عناد إيزنهاور هو العزف على وتيرة العدو المشترك (الزحف الشيوعي) . و قد وجدت هذه الإرادة السياسية القوية و الذكية الدعم من حلف الناتو في إطار الحرب الباردة لأنها كانت تسد طريق إفريقيا أمام المد الشيوعي . وبالتالي سُمح لفرنسا ضمنيا بلعب دور “شرطي أفريقيا” و صرف النظر عن ما تقوم به من تجاوزات حد الجرائم ضد الإنسانية، في القارة البائسة. .. و قرر دي غول سنة 1960 منح الاستقلال للمستعمرات الإفريقية باستثناء مناطق الإسناد العسكري الاستراتيجية مثل جزر القمر و دجيبوتي و أقاليم فرنسا ما بعد البحار . و كلف في نفس الوقت رجل ثقته و الداهية المبرز جاك فوكار (Jacques Foccart) بإبقاء الدول الإفريقية الفرانكوفونية تحت الوصاية الفرنسية من خلال حزمة من الوسائل اللا مشروعة و الخفية على الجمهور الواسع على الأقل.


كانت استراتيجيتة فوكار (أمين عام الأيليزي للشؤون الإفريقية، مسير الأجهزة السرية ، مسير مالية الديغوليين و مسير خدمة العمل المدني (مليشيات الحزب الديغولي) ) في استخدام كل الوسائل بما فيها تزوير الانتخابات و الانقلابات العسكرية إن تطلبها الأمر، لوضع قادة “أصدقاء” لفرنساء على رأس كل مستعمراتها الإفريقية المستقلة حديثا : إما من مقربين من الإدارة الاستعمارية السابقة مثل أحمدو أهيجيو (الكاميرون) أو عسكريين فرنسيين قدماء مثل إياديما (توغو) أو مخبرين لـــ”قسم الوثائق الخارجية و التجسس المضاد”( SDECE) مثل الحاج عمر بونغو (الغابون) .. أحاط كل قائد إفريقي بمستشارين فرنسيين خاصين، و ورطهم في اتفاقيات اقتصادية مجحفة (أكثرها سري أو يحتوي بنودا سرية) لضمان سيادة الجيش الفرنسي القابض على المستعمرات من خلال قواعد عسكرية دائمة في المناطق الإستراتيجية ، بذريعة تكوين قوات البلدان الناشئة و التدخل في حالة أي عدوان خارجي أو داخلي..!؟ و تضمن هذه الاتفاقيات أيضا بقاء مؤسسات النهب الفرنسية و إعطاءها المونوبول في مجال المواد الأولية الإستراتيجية. و الأسوأ في هذه الاتفاقيات أنها تبقي على العملة الاستعمارية القديمة “فرنك المستعمرات الفرنسية الإفريقية” (CFA) الخاضع لرقابة بنك فرنسا ، فيما تبقى محاصيل التصدير مخزنة في الميتروبول (باريس). و بهذه الطريقة تستفيد المواد الصناعية الفرنسية من امتياز تجاري حاسم .


و في الأخير تم تكوين أجهزة بوليسية سياسية قوية، على أبشع طرق التعذيب المجربة في الجزائر، لخنق أي معارضة داخلية و قمع الحركات التحررية في هذه الدول.


تم وضع كل هذه الوسائل تحت قيادة جاك فوكار في ما يسمى بالخلية الإفريقية لدى الإيليزي و تحت الرقابة اليومية للجنرال دي غول . هذه الخلية التي ستقود إفريقيا من 1960 حتى اليوم ، لتوصل كل أنواع المعوقين عقليا إلى دفة الحكم في إفريقيا التعسة : الفيلد مارشال الحاج الدكتور عيدي آمين دادا .. الإمبراطور آكل لحوم البشر بوكاسا أبو الطيلسان المرصع بالماس و الصولجان السحري .. الرقيب الجنرال إياديما .. الجنرال الرقيب ولد عبد العزيز.. فخامة الشيخ البروفيسور الحاج الدكتور يحيى جامي ناصر الدين بابيلي مانسا (قاهر الأنهر) و غيرهم من المجانين و أنصاف المجانين و أصحاب العقد ممن لا يستطيع أي عقل تصديق قصص وصولهم للحكم و لا كيف استمروا فيه ولو ليوم واحد…



الخلية الإفريقية لدى الإيليزيه :


تستخدم عبارة “فرانس آفريك (Françafrique) أو (France à fric) كما تطلق عليها بعض الجهات الساخرة، لوصف العمل النيوكولونيالي (الاستعماري الجديد) المنسوب لفرنسا، الذي حول إفريقيا إلى “صيد فرنسي محمي”. و هذا العمل يستفيد من جميع الروابط الشخصية و الميكانيسمات السياسية و الاقتصادية و العسكرية التي تربط فرنسا بمستعمراتها الإفريقية القديمة و تنسحب حتى على بعض الدول الإفريقية التي لم تكن مستعمرات فرنسية قديمة و لا فرانكفونية. و الدول المعنية بالظاهرة هي بالتحديد مجموع الدول الإفريقية الفرانكوفونية : التوغو، الغونغو برازافيل، جمهورية الكونغو الديمقراطية، رواندا السنغال، موريتانيا، كوت ديفوار، الكاميرون، بوروندي، تشاد، جزر القمر، الغابون، بوركينافاسو، مدغشكر، بنين، تونس، المغرب، غينيان النيجر، دجيبوتي، مالي، إفريقيا الوسطى، غينيا كوناكري، و غينيا الاستوائية التي دخلت هالة السيطرة الفرنسية بعد استغلالها.



لكن، يجب التنبيه إلى أن هذه الدول معنية بظاهرة “افرانس آفريك” بدرجات متفاوتة حيث تصنف الدكتاتوريات البترولية مثل الغابون و الكونغو برازافيل كصور كاريكاتيرية لـ”فرانس آفريك ” بقدر ارتباط علاقات رئيسيهما بالسلطات الفرنسية و بقدر المكانة المميزة التي تحتلها شركة توتال (ألف (Elf) سابقا) في اقتصادات البلدين.


و هناك أيضا مجموعة أخرى من الأحكام الدكتاتورية، معنية بالدرجة الأولى هي الأخرى مثل التوغو، بوركينافاسو، الكاميرون، تشاد و إفريقيا الوسطى.


غير أن هناك دول كانت مستعمرات فرنسية إفريقية قديمة مثل دول المغرب العربي و الجزائر على وجه الخصوص و مثل كوت ديفوار، عرفت علاقاتها مع فرنسا في الماضي بعض المشاكل ، وصل في بعض الأحيان إلى درجة النزاع . و إذا كنا نجد فيها أوجه مماثلة لممارسات ظاهرة فرانس آفريك نتيجة المصالح الاقتصادية الفرنسية في هذه الدول إلا أن نفوذ الشبكات الفرنسية فيها يظل ضئيلا مقارنة بالدول السابقة.



و هناك مجموعة ثالثة من الدول مثل السنغال و مالي، سمحت لها فرنسا بقدر من الديمقراطية و الاستقرار لأنها لا تملك أي اقتصادات مغرية للشركات الفرنسية من جهة و لأنها من أخرى، دول تستمد نفوذها في المجموعة من وفائها الأعمى لفرنسا ، حد المسخ و العمالة المجانية . و مع ظهور اليورانيوم و البترول في مالي، بدأت فرنسا ترتيب عملية زعزعة استقرارها.


و يأخذ تعبير “فرانس آفريك” واجهة الأحداث الإعلامية من وقت إلى آخر : تقديم الدعم الفرنسي لقبائل الهوتوس في رواندا لارتكاب مجازر ضد التوتسي 1994 .. التدخل العسكري الفرنسي لصالح أنظمة غير ديمقراطية .. أزمة المساعدات الفرنسية للنظام الجزائري في حربه مع الجماعات الإسلامية المسلحة أو للرئيس التونسي السابق المستبد زين العابدين بن علي.. فضيحة “ألف”.. أزمة كوت ديفوار .. اتفاق داكار .. حرب الشمال المالي و غيرها، انقلاب بوركينافاسو (قبل أيام). و محال أن تظهر يوما “فرانس آفريك” على واجهة الأحداث من دون أن تكون جريمة فرنسية تحاك في مكان ما من أرض القارة..


و قد تم استعمال عبارة “فرانس آفريك” (Françafrique) لأول مرة سنة 1955 على لسان الرئيس الإيفواري فيليكس هوفوييت بوني، لوصف طموحات بعض القادة الأفارقة للإبقاء على العلاقات “المتميزة” مع فرنسا مع العبور إلى الاستقلال. و شاعت العبارة إلى درجة الشعبية التي أصبحت عليها اليوم بعد صدور كتاب “فرانس آفريك، أطول فضيحة في تاريخ الجمهورية”، سنة 1998 للكاتب فرانسوا كزافيي فيرشاف (François Xavier Verschave) الذي فضح فيه الطبيعة الخفية للعلاقات الفرنسية الإفريقية و الممارسات المشينة التي طبعتها :

الوقوف مع الدكتاتوريات، تشجيع الانقلابات العسكرية ، الاغتيالات السياسية، اختلاس المال العام و التمويلات غير الشرعية للأحزاب السياسية الفرنسية، الهادفة إلى حماية المصالح الفرنسية على المستوى الاستراتيجي (القواعد العسكرية الفرنسية) و على المستوى الاقتصادي (هيمنة الشركات الفرنسية الكبيرة على ثروات القارة الطبيعية : البترول و الإيرانيوم بصفة خاصة و غيرها من الثروات الكبيرة و المتنوعة التي تزخر بها القارة العذراء.)


المقر و الوصاية



الفندق الخاص الذي أخذ في ما بعد اسم قصر الإيليزي، الواقع في المبنى 55 بشارع فوبورغ سينت أونوري بباريس، الدائرة الثامنة ـ الذي تم تغيير واجهته المعمارية بشكل كبير عبر القرون ـ هو المقر الرسمي لرئيس الجمهورية الفرنسية. و توجد بهذا الفندق (القصر) غرفة معدة خصيصا لتسيير شؤون المستعمرات الفرنسية القديمة في إفريقيا السوداء تحت اسم “الخلية الإفريقية لدى الإيليزي” ، مشكلة من مجموعة من المعاونين المقربين من رئيس الجمهورية، توكل إليهم مهمة السهر على حماية المصالح الفرنسية في إفريقيا. و قد تم إنشاء هذه الخلية سنة 1960 (سنوات استقلال الدول الإفريقية) ، بقيادة جاك فوكار الذي كان ينسق أعمال شبكة واسعة من رجال السياسة و الدبلوماسية و رجال الأعمال الفرنسيين و الأفارقة.



لهذا الدور المزدوج، ظل هذا الفندق الخاص مكانا عالي الرمزية للجمهورية الفرنسية و لتاريخها المشترك مع إفريقيا. و إذا كان هذا القصر الخاص يعتبر صرحا تاريخيا بالنسبة للفرنسيين، فإنه يبقى بالنسبة لإفريقيا، رهانا و تحديا للنضال لنيل حرياتها الأساسية. تلك الحريات التي ظلت مخنوقة بشبكات كثيفة لنظام كولونيالي جديد مسمى “فرانس آفريك” ، يعطي باسم المصالح الفرنسية، امتيازات لا محدودة للقادة الأفارقة على حساب شعوبهم المعذبة و بصفة خاصة للمدافعين من بينهم، عن سياسة دي غول و ميراث جاك فوكار الذي يعتبر مرجعا لا غنى عنه في تكوينة فرق العمل المكلفة بإدارة دبلوماسية التأثير الممارسة تجاه إفريقيا من قبل كل الرؤساء الفرنسيين :



من دي غول إلى فرانسوا هولاند لم يغير أي من الرؤساء الفرنسيين الذين تعاقبوا على الحكم أي شيء يذكر في هذه السياسة المشابهة لسياسة الولايات المتحدة في أمريكا اللاتينية:



ـ الرئيس بومبيدو أبقى على جاك فوكار رئيسا للخلية الإفريقية لدى الإيليزي . . عزله الرئيس جيسكار ديستين سنة 1974 لبناء شبكاته الخاصة .. ورغم وعوده بإنهاء نظام فرانس آفريك قام الرئيس ميتران بتعيين ابنه على رأس الخلية الإفريقية و مدها نحو آنغولا و رواندا و دعم بشكل الخاص نظام الإبادة سنة 1994 .. و في سنة 1995 استدعى شيراك جاك فوكار لتولي قيادة الخلية من جديد ..


و في وجه التحديات السياسية و الاقتصادية الصعبة، قام ساركوزي فور تنصيبه (رغم عملية الإصلاح الظاهرية و مهرجانات الكلام المعسول) ببث روح الوفاق العائلي في المؤسسة المتآكلة و كلف “جاك توبون” (Jacques Toubon) (العضو السابق في فريق جاك فوكار و رئيس “نادي 89” الذي أصبح في ما بعد “نادي تفكير الأغلبية الرئاسية”) ، بتحضير “مبادرة 2010 سنة إفريقيا” للاحتفال بخمسين (50) سنة من استقلال فرانس آفريك، في وقت كان فيه موريس روبير ( Maurice Robert) رجل ظل “جاك فوكار” و رجل ثقة جاك شيراك ، يتولى الأمانة العامة لهذه الظاهرة السياسية و “روبير بورجي” (Robert Bourgi) يمثل فيها “السيد إفريقيا” بالتنسيق مع “كلود غييان” (Claude Guéant) أمين عام الإليزي. و هناك باتريك بالكاني ( Patrick Balkany) عمدة “لفالوا” عضو مجموعة جاك فوكار منذ 1994 لصالح رئيس الوزراء آنذاك “إيدوارد بالادور” (Édouard Balladur) و قد استعان به ساركوزي في مهمته (التي يحاكم عليها الآن)، كما استعان بكل من العميد الحاج عمر بونغو و الماريشال موبوتو و ظل محاطا بفريق من خبراء مدرسة جاك فوكار في الإيليزي : الوزير السابق أوليفيي ستيم (Olivier Stirn) ، مكلف بمهمة للربط بين الاتحاد المتوسطي و الاتحاد الإفريقي و “آلين باوير” (Alain Bauer) العمدة الكبير السابق للشرق الفرنسي الكبير، برينو جوبير (Bruno Joubert) ريمي ماريشو (Rémi Maréchaux) رومين سيرمان (Romain Serman)، الجنرال ديديي كاستر (Castres) مدير إفريقيا لدى “الكي دورساي” (وزارة الخارجية)، ناتالي ديلابالم، لويز أفون المكلفة بتحرير تقرير حول “تحديث القمم الإفريقية” … 
و في مساء 27 سبتمبر 2007 في قصر الإيليزي و بحضور عدد كبير من السفراء الأفارقة و بنت الرئيس الغابوني الحاج عمر بونغو و ابن الرئيس السنغالي كريم واد ، وشح الرئيس الفرنسي نيكولا ساركوزي آخر وريث شرعي مباشر لجاك فوكار الزعيم التاريخي للشبكات الديغولية في إفريقيا، روبير بورجي بميدالية الشرف من درجة فارس. 
و ما زال هذا الفريق الذي يكبر و يخبث مع الزمن، يمارس مهامه حتى اليوم رغم وعود هولاند المعسولة هو الآخر، بإنهاء هذه الظاهرة المشينة، التي تعودنا أن يَعد كل رئيس فرنسي جديد بإنهائها قبل أن يكتشف من أول يوم على الكرسي، أنها أكبر من وعوده و أعمق من تصوراته.


بهذه الخلية الشيطانية التابعة للرئاسة الفرنسية لا لوزارة الخارجية كما يعتقد البعض و لا لرئاسة الوزراء كما يمكن أن يفترض و التي لا يمكن أن توصف أعمالها في إفريقيا بغير “أعمال الأشرار “، استطاعت فرنسا خلال أكثر من نصف قرن من الزمن، أن تخفي أكبر جريمة ضد البشرية في قارة كاملة، حرمتها كل هذه الفترة من أي قدر من التطور من خلال إذكاء الحروب البينية و الأهلية و تشجيع الانقلابات العسكرية و حماية الدكتاتوريات الفاسدة مقابل نهب خيرات القارة و فرض الديمقراطية الشكلية لصعود المافيات التابعة لها، المهيمنة على كل شيء في هذه البلدان المستباحة و الضالعة في كل جرائم الكون من الاتجار بالمخدرات إلى الاتجار بالبشر إلى تبييض الأموال و تهريب السلاح و بيع الأدوية المزورة و المواد الاستهلاكية منتهية الصلاحية … إلى غير ذلك من الجرائم الفرنسية في إفريقيا التي تلتفت عنها كاميرات العالم و تقارير المنظمات الحقوقية في إطار صفقة غربية توزع العالم إلى زرائب و غيتوهات شقاء لا تتم سعادة الغربي دون تلطيخ يديه بدماء ضحاياها.



الأسباب الفرنسية في التمسك بفرانس آفريك


هناك 3 أسباب فرنسية للإبقاء على هذا النظام و الدفاع عنه بكل ما لديها من وسائل رغم ما تسببه لفرنسا من إحراج دائم، هي :



ـ أسباب اقتصادية : ضمان السيطرة على المواد الأولية في القارة (البترول و اليورانيوم و غيرهما) و خلق فرص امتياز لكبريات الشركات الفرنسية (توتال (Tota)، آريفا (Areva)، بويغس (Bouygues)، بولوري ( Bolloré) و غيرها.


ـ أسباب ديبلوماسية و استراتيجية : الحفاظ على التصنيف الهش لها كقوة دولية، (تلك الصفة غير المستحقة التي اكتسبتها من خلال الحرب بإجماع زمرة الدول المتحالفة) و خاصة للاستفادة من أصوات الدول الإفريقية في المنظمات الدولية و لكن أيضا لكبح جموح التوسع الشيوعي في القارة و مقاومة النفوذ الأمريكي المتصاعد فيها و الحفاظ على قواعد عسكرية فرنسية لإظهار البعد الدولي للجيش الفرنسي.



ـ أسباب سياسية : تنظيم التمويل الخفي للأحزاب الفرنسية من خلال سرقة مداخيل المواد الأولية.

وضع استراتيجية فرانس آفريك :


في 1952 تم اختيار جاك فوكار من قبل مجموعة مجلس الشيوخ الديغولية للمشاركة في الاتحاد الإفريقي لإعداد التقارير الفرنسية مع مستعمراتها.



في سنة 1959 رافق دي غول في رحلة إفريقية، تعرف خلالها في أبيدجان، على هوفوييت بوني ، ثم تم تعيينه في نفس السنة مستشارا فنيا مسئولا عن العلاقات مع إفريقيا . كان رجل ظل دي غول و بومبيدو من بعده و كان ذكيا و كتوما و له باع طويل و خبرة ميدانية في شؤون القارة السمراء. تم تكليفه مع بيير غيوما (Pierre Guillaumat) أحد ركائز النظام الديغولي هو الآخر و الرئيس المدير العام لشركة “ألف” (Elf) بتنظيم العلاقات الفرنسية مع إفريقيا.



مسرحَ بفاعلية دعم بعضها و زعزع استقرار بعضها مستعينا بوسائل بشرية و مادية ضخمة. و كانت له يد طولى على أنشطة الأجهزة السرية و الدبلوماسية الفرنسية في إفريقيا و فرض نفسه كزنار ناقل حركة وحيد و حصري بين الرؤساء الفرنسيين و الرؤساء الأفارقة اعتبارا من سنة 1964.


ـ حول الغابون إلى “الدورادو” بترولية في تلك الفترة كحجر زاوية للسياسة الإفريقية لفرنسا.


 ـ ساعد الرئيس ليون امبا (Léon Mba) في وضع بنية إدارته قبل إعادته للحكم بعد انقلاب عسكري و إحاطته بحرس رئاسي و دعوته للاستعانة بنائب رئيس”واعد” (عمر بونغو) الذي سيصبح أحد أهم أعمدة “فرانس آفريك” 
ـ يعتبر جاك فوكار مؤسس سياسة التدخلات العسكرية في القارة (“سياسة الجاغوار” ) و التواطؤ و الانقلابات .


ـ ساعد معارضي الرجل الإفريقي الثائر شيخو توري في غينيا


ـ في الكونغو كينشاسا ظل يدعم الدكتاتور المارشال تيتو


ـ و منذ 1967 ظل فاعلا مهما في المؤازرة الفرنسية للانفصاليين في نيجيريا من خلال تسليم السلاح و إدخال المرتزقة مثل جان كاي (Jean Kay) و المرتزق الشهير، الضابط الفرنسي المتقاعد بوب دينار (Bob Denard) الذي ارتبط اسمه بالانقلابات في عدة دول أفريقية بين ستينيات وتسعينيات القرن الماضي.


و ظل جاك فوكار طليق اليد في السياسة الفرنسية التخريبية لإفريقيا ، مهندسا لكل المؤامرات و مستشارا لكل الرؤساء الفرنسيين ..


لكن جاك فوكار الذي حصل على أهم التوشيحات الفرنسية من الرؤساء الفرنسيين:


ـ صليب الحرب 1939 ـ 1945


ـ ميدالية المقاومة

ـ ميدالية الشرف (لضابط كبير) وشحه بها جاك شيراك سنة1995


هو أيضا جاك فوكار المجرم المحترف تماما مثل بوب دينار، المحمي بقوة القهر حتى في جرائمه ضد الشخصيات السامية الفرنسية إكراما لدوره الإجرامي في إفريقيا حيث أبرم في بداية حياته ، صفقة هامة مع شريك له لاستغلال الخشب في “رانس” ، حصلت على عقد مع منظمة “تودت” (Todt) الألمانية التي اتهمته في ما بعد بالنصب و التحايل ثم أفرجت عنه بكفالة مالية.


و في أكتوبر 1944 وصل إلى انجلترا تحت رتبة مقدم، بعد التحاقه بقيادة التحالف العامة ، حيث قاد عملية “فياكاراج” (Viacarage) ليرتبط اسمه ـ في تقارير أجهزة مخابرات الشرطة القضائية 1953ـ بجريمتين ظلت كل منهما لغزا حقيقيا: قضية فرانسوا فان آيردن (François Van Aerden) في “رانس” و قضية أميل بوفون (Emile Buffon) في “جوي دي بلين” سنة 1944.


 و اعتبر متهما رئيسا في سبتمبر 1979 في قضية اغتيال الوزير “روبير بولين” (Robert Boulin) مع التواطؤ المحتمل لزميليه في “خدمة العمل المدني” آشيل بيرتي” (Achille Peretti) و شارل باسكوا (Charles Pasqua) و جاك شيراك لأن “بولين” كان ينوي نشر معلومات حول تمويل الحاج عمر بونغو لحزب التجمع من أجل الجمهورية (RPR) و أحزاب أخرى. يقول (Benoît Collombat) “كان روبير بولين وزيرا له قيم و رجل مبادئ .. كان رجلا نظيفا في وسط غير نظيف و في حزب سياسي (التجمع من أجل الجمهورية) لم يبق من ديغوليته غير الإسم”.


طغاة أفارقة من صنع فرانس آفريك


ـ بليز كومباوري (بوركينافاسو) : وصل الحكم عن طريق انقلاب عسكري سنة 1987 (كان أهم من تبنوه هوفوييت بوني و جاك فوكار) ، أطاح فيه بمنافسه ذي النزعة الوطنية توماس آنكارا ، واضعا نهاية لأحلام بلد تحول بعد مجيء بليز إلى صورة كاريكاتيرية لفرانس آفريك في أتعس تجلياتها: الرشوة، نهب الثروات الطبيعية ( الذهب من قبل شركة سيركس (Sirex) و القطن من قبل شركة سوفيتيكس (Sofitex) ) ، الزبونية ، الانتهازية، الاغتيالات السياسية (الصحفي روبير زونغو 1998).


ساند كومباوري مجرم الحرب شارل تايلور في تقسيم ليبيريا و باع أسلحة للمتمردين في سيراليون و أرسل جيشه للمشاركة في استيلاء بوزيزي على الحكم في إفريقيا الوسطى و في انقلاب باري مايناسارا في النيجر سنة 1996.


ـ بول بييا : (الكاميرون) وضعته شركة “ألف” (Elf) على الواجهة ، باعتراف مديرها السابق نفسه، لوييك لفلوش بريجان (Loïc Le Floch-Prigent)، ليطيح سنة 1982 بالدكتاتور آهيجيو الذي كان قد وصل إلى الحكم بمساعدة جاك فوكار. و قد تمت حماية بييا وتلقينه مهارات انتخابية من قبل فرنسا التي رأت فيه جسر وقاية من تقدم الاحزاب الآنجلوفونية، لتتم إعادة انتخابه في كل اقتراع ، رغم قمعه للصحافة و المناضلين الديمقراطيين و الشيوخ التقليديين ، لأن الكاميرون كان يقدم فرص كسب كبيرة لمجموعات نفوذ فرنسية مثل “ألف” (Elf) (توتال حاليا) ، روجيي (Rougier) و بولوري (Bolloré).


ـ فور انياسينغبي إياديما (التوغو) : بدأ الرقيب إياديما حرفته كمشروع دكتاتور واعد سنة 1963 ، باغتيال زعيم الاستقلال التوغولي ، الرئيس سيلفانوس أوليمبيو، لتبدأ قصة استبداده و وحشية نهجه و انفراده بالمساعدات و ثروات البلد (الفوسفات) ليجبر عُشرَ سكان بلده على اللجوء إلى بلدان أخرى .


قمعت أجهزة أمنه كل الانتفاضات الشعبية و زرعت الرعب في نفوس السكان فكانت النتيجة تصفيق الرئيس الفرنسي لمهازل نتائج انتخابات 1993، 1997، و 2003 التي أبقت “صديقه الشخصي” في الحكم، رغم ما صاحبها من تزوير و قمع و أحيانا من مجازر بشعة مثل ما حدث سنة 2005 حيث تم قتل ما بين 500 و 800 معارض بدم بارد.


عمر بونغو : ( الغابون.. حكم أكثر من 40 سنة) تمت إعادة انتخاب الدكتاتور الحاج عمر بونغو في 27 نوفمبر 2005 بنتيجة 79،18% حسب النتائج الرسمية و قد فضحت المعارضة التزوير الواسع الذي حدث أثناء التصويت من دون أن تمنحها فرنسا و الرأي العام الغربي (المؤثر) أي أذن لأن اتفاقيات عسكرية هامة مع الغابون (سرية البنود)، تتواجد بموجبها عدة مئات من قوات النخبة الفرنسية و لأن الغابون بلد بترولي صغير ، تحتاجه فرنسا تحت وطأة طاغية يقدم لها كل ما تريد دون استثناء مقابل العمل على إبقائه في السلطة. و قد اعترف أحد رؤساء “ألف” (Total حاليا) السابقين، بأن اسم شركة “ألف” (الفرنسية) أصبح يختلط في أذهان الناس مع الحكومة الغابونية.


إدريس دبي إتنو : (تشاد) تشكل تشاد قاعدة خلفية أساسية للتواجد العسكري الفرنسي في إفريقيا. استولى إدريس دبي (خريج مدرسة الحرب في باريس) على الحكم سنة 1990 بانقلاب عسكري . و منذ ذلك اليوم لم تعد انتهاكات و تجاوزات القوات التشادية تعد في الخارج (الكونغو برازافيل، النيجر، إفريقيا الوسطى..) و في الداخل (التصفيات الجسدية، التعذيب ، المجازر ذات الطابع الأثني) . مع كل هذا نجد وزير الدفاع الفرنسي آلين ريشار (Alain Richard) يمطر إدريس دبي ثناء سنة 1997 و في وقت تشرف فيه الأجهزة الفرنسية على تدريب الحرس الرئاسي التشادي؟


ـ ولد عبد العزيز (الرقيب صامويلدو الثاني)، دخل من دون أي شهادة، مدرسة تكوين ضباط صف في المغرب و تخرج منها ضابطا بمعجزة.. تحول من ضابط ميكانيكي (Tolier) إلى ضابط مشاة بأخرى.. ترقى في الجيش بفضل عطف ابن عمه اعلي ولد محمد فال عليه حتى وصل رتبة عقيد .. رقاه الرئيس سيدي ولد الشيخ عبد الله بخطأ فادح كان السبب الأول في إطاحته به ، إلى رتبة جنرال .. أطاح بأول نظام مدني منتخب بعد سنة واحدة من تنصيبه، في تمرد عسكري بعد إقالته من منصبه في 6 أغسطس 2008 . اتهم بممارسات لم تعرف في أعلى هرم السلطة في موريتانيا قبله : رعاية المخدرات (النائب الفرنسي مامير) .. غسيل الأموال (صناديق كومبا با) .. صفقات الإجرام (بيع السنوسي) .. نهب المال العام على عيون الملأ، تصفية الحسابات مع الخصوم بالمكشوف، الازدراء بالدستور و القانون و الأعراف و القيم الإنسانية، تشكيل عصابات نهب منظم من أقاربه ، إثارة النعرات بين أثنيات المجتمع .. أطلق ابنه النار على فتاة أصيبت إثرها بشلل دائم و لم يحاكم .. تمت محاولة اغتياله على يد فاتنة صحراوية فأمر بعدم توقيفها (مع حراسها) كي لا ينكشف أمره و لفق قصة أصبح الجميع يسخر من غباء تفاصيلها.. أفسد الجيش الموريتاني بتحويله إلى مليشيات و أدخل تقاليد شاذة إلى الحكم و صفى مؤسسات الدولة من كل المعارضين معتبرا كل من لا يؤيده يعارضه.


كما صنعت فرنسا عيدي آمين داداه مرتكب العديد من المذابح و الإبادات الجماعية في أوغاندا و حين أصبح الحفاظ على بقائه مكلفا و كاشفا للبشاعة الفرنسية، استبدلوه بالدكتاتور “يوري اميسفيني” الذي أسسوا على يده منظمة “جيش الرب” التي لا تزال حتى اليوم تقوم بنفس الأعمال التي ظهرت مؤخرا عند “داعش” من قتل للأطفال و اغتصاب جماعي للنساء و حرق للقرى “تقربا للرب” كما يزعمون تماما كما تقول “داعش” اليوم. و قد تم تغييب كل هذه الأعمال في الإعلام الفرنسي عن واجهة الأحداث العالمية .. كما صنعت فرنسا الجنرال لانسانا كونتي في غينيا كوناكري و خلفه الدكتاتور ألفا كوندى (بانتخابات مزورة) و الوحش بوكاسا آكل لحوم البشر و غيرهم من مجرمي القرن و معذبي الإنسانية الذين حولوا القارة السمراء إلى غابة يأكل فيها القوي الضعيف ، تنهش الدكتاتوريات أجساد أبنائها و تنهب فرنسا خيراتها ، في سباق مع الزمن تتغذى كل آلياته على ميكانيسمات فرانس آفريك..

هذه هي فرنسا “النور” .. فرنسا موليير و فيكتور هيغو و شاتو ابريان ، الواقفة على الخط الأمامي للدفاع عن الديمقراطية و حقوق الإنسان ..!


هذا هو نهج الدول الغربية المتمدنة ، المتحضرة ، المتقولة بكل الشعارات البراقة الزائفة ..


 إن كل كلام عن “فرانس آفريك” يظل حديثا معادا، لكن أي إعادة له لن تستطيع كشف ما انطوت عليه العبارة من جرائم فرنسية في حق القارة الأكثر تعاسة في العالم بسبب هذه العلاقة (العار) ، ليس إلا.. نعيده اليوم لفهم ما يحدث في إقليم أزواد و أسباب ترصد فرنسا للمغرب العربي و الجزائر على وجه الخصوص، لكننا نعيده أيضا لنذكر العالم من خلال الوقائع لا المواقف المسرحية، أنه من الطبيعي جدا ـ لأسباب تاريخية و ثقافية ـ أن تفعل فرنسا ما فعلته في إفريقيا . و نعيده أيضا و أيضا لنذكر أكثر بأنه إذا كان من المضحك المبكي أن تتحدث فرنسا اليوم أمام العالم بلا أدنى خجل، عن أي وجه أخلاقي لبشاعاتها في إفريقيا فإنه من المبكي المضحك أن يكون ما زال على وجه الأرض من يستمع إلى حديثها و من يردد أسبابها بل حتى من يتحدث عن محاربتها للإرهاب و دفاعها عن الديمقراطية و استماتتها في تقصي ما يحدث من خروقات في مجال حقوق الإنسان، تماما كأننا لم نكن هنا..


إن شهادات الضباط الفرنسيين أنفسهم حول ما كانوا يرتكبونه في الجزائر من جرائم يندى لها جبين البشرية، بأوامر من دولة النور و الديمقراطية و حقوق الإنسان يذكرنا بقول موليير “إن وقوفي لحطة في قفص الاتهام، ينسيني ألف كتاب قرأته عن الحرية”. إن أول “داعش” عرفتها البشرية ـ بعقيدتها و ممارساتها و مبرراتها و بشاعتها ـ هي “الرازيا الفرنسية” ، إذا كانت شهادات قادة الحملة الفرنسية أنفسهم ، تكفي لإقناعكم من خلال وقائع “الرازيا” أن الحقد و الكراهية و الهمجية هي أخلاق الفرنسيين الحقيقية و ثقافتهم الوحيدة و ديانتهم الثابتة و ما هي في النهاية إلا جزء من المنظومة الغربية ككل، التي يتباهى بها أكثر مثقفينا اليوم، معتبرينها النموذج الأروع للعدالة و المساواة، جهلا منهم بحقيقتها الأزلية المنسجمة تماما مع ثقافتهم و تربيتهم و عقيدتهم النافية لوجود أي رب و أي رسل و أي كتب سماوية و على رأسها “المسيحية” التي يسيئون إليها أكثر مما يسيئون إلى الإسلام و يجهلونها أكثر مما يجهلونه، فاسمعوا شهادات ضباطهم عن أعمالهم الإجرامية في الجزائر:


ـ يقول العقيد مونتانياك (Montagnac): “أخبرني بعض الجنود أن ضباطهم يلحون عليهم ألا يتركوا أحدا حيا بين العرب.. كل العسكريين الذين تشرفت بقيادتهم يخافون إذا أحضروا عربيا حيا أن يجلدوا”.


ـ ويقول النائب البرلماني توكوفيل: “إننا نقوم بحرب أكثر بربرية من العرب أنفسهم.. لم يستطع الفرنسيون هزم العرب حربيا فهزموهم بالتدمير والجوع”.


ـ ويقول مونتانياك: “لقد محا الجنرال لاموريسيير (La Moricière) من الوجود خمسة وعشرين قرية في خرجة واحدة، إنه عمل أكثر انعداما للإنسانية”.


ـ ويقول مونتانياك: “إن الجنرال لاموريسيير يهاجم العرب ويأخذ منهم كل شيء: نساء وأطفالا ومواش.. يخطف النساء، يحتفظ ببعضهن رهائن والبعض الآخر يستبدلهن بالخيول، والباقي تباع في المزاد كالحيوانات، أما الجميلات منهن فنصيب للضباط”.


ـ و يعلق شارل أندري جوليان:”وتنتشر “الرازيا” فتصير أسلوبا للتدمير المنظم والمنهجي الذي لم يسلم منه لا الأشخاص ولا الأشياء. إن جنرالات جيش إفريقيا لا يحرقون البلاد خفية. إنهم يستعملون ذلك ويعتبرونه مجدا لهم سواء أكانوا ملكيين أم جمهوريين أو بونابارتيين”.


ـ ويروي الضابط المراسل تارنو: “إن بلاد بني مناصر(الجزائر) رائعة، لقد أحرقنا كل شيء، ودمرنا كل شيء..آه من الحرب ! ! ! كم من نساء وأطفال هربوا منا إلى ثلوج الأطلس ماتوا بالبرد والجوع.. إننا ندمر، نحرق، ننهب، نخرب البيوت، ونحرق الشجر المثمر.. أنا على رأس جيشي أحرق الدواوير والأكواخ ونفرغ المطامير من الحبوب، ونرسل لمراكزنا في مليانة القمح والشعير”.


ـ ويروي الجنرال لاموريسيير: “… في الغد انحدرت إلى حميدة، كنت أحرق كل شيء في طريقي. لقد دمرت هذه القرية الجميلة.. أكداس من الجثث لاصقة الجثة مع الأخرى مات أصحابها مجمدين بالليل.. إنه شعب بني مناصر، إنهم هم الذين أحرقت قراهم وسقتهم أمامي”.


ـ و يقول مونتانياك: “النساء ولأطفال اللاجئون إلى أعشاب كثيفة يسلمون أنفسهم لنا، نقتل، نذبح، صراخ الضحايا واللاقطين لأنفاسهم الأخيرة يختلط بأصوات الحيوانات التي ترغي وتخور كل هذا آت من سائر الاتجاهات، إنه الجحيم بعينه وسط أكداس من الثلج.. إن كل ذلك في هذه العمليات التي قمنا بها خلال أربعة أشهر تثير الشفقة حتى في الصخور إذا كان عندنا وقت للشفقة، وكنا نتعامل معها بلا مبالاة جافة تثير الرجفة في الأبدان “.


ـ ويقول الجنرال شانغارني: “إن هذا يتم تحت القيادة المباشرة لبوجو الذي راح جنوده يذبحون اثنتي عشرة امرأة عجوزا بلا دفاع”.


ـ ويقول الجنرال كانروبير ِ:”ينفذ جنودنا هذا التدمير بحماس، إن التأثير الكارثي لهذا العمل البربري والتخريب العميق للأخلاق الذي يبث في قلوب جنودنا وهم يذبحون ويغتصبون وينهب كل واحد منهم لصالحه الشخصي”
ـ ويقول النقيب لافاي: “لقد أحرقنا قرى لقبيلة بني سنوس. لم يتراجع جنودنا أمام قتل العجائز والنساء والأطفال.

إن أكثر الأعمال وحشية هو أن النساء يقتلن بعد أن يغتصبن، وكان هؤلاء العرب لا يملكون شيئا يدافعون به عن أنفسهم”…


و لعل أهم ما في هذه العودة هو اكتشاف أقدم و أقرب حقيقة، نسيء إليها حد العقوق ـ و هو اكتشاف شخصي لا أنتظر أن يشاطرني “مثقفو” العرب فيه ـ هو أن ما تبقى من أخلاق و إنسانية و عدل و إنصاف على وجه الأرض، لا يوجد في غير الدول العربية و الإسلامية على علاتها، لأنها وحدها هي من تدافع عن هذه القيم لذاتها و من منطلق عقائدي و أخلاقي لا بذرائع تهدم ما هو أهم منها. هذه الحقيقة يجب أن توضع على الواجهة. و قد فهمت الآن أن تهجمنا على أنظمتنا العربية لا يعود إلى تخلفها في هذا المجال بقدر ما يعود إلى تطور هذه القيم في نفوسنا و في ثقافتنا. و هذه ليست دعوة إلى الدفاع عن ما يحدث في بلداننا العربية من تجاوزات لكن اعتقادنا أن في الغرب ديمقراطية أو حقوق إنسان أو أي قيم أخرى، غباء مهين و جهل مخجل. على المثقف العربي أن يعترف أن بلداننا تتجاوزهم في مجالها بكثير، بالفطرة و الثقافة و الإرادة .


إن العالم الغربي بديمقراطيته و حقوق إنسانه و كل شعاراته الكاذبة المكذوبة، مذنب في حق كل الشعوب البائسة ( العرب .. الزنوج .. الهنود الحمر .. الغجر.. الباسكيين.. البرتون.. الإيرلنديين..البوسنيين…) .. مذنب في حق شعوبه التي جعلها في مواجهة مع ردة فعل كل من تسحقهم سياسات عصابات النهب التي تحكمهم باسم ديمقراطية مغلوطة لم تعرف البشرية على امتداد التاريخ أبشع من جرائمها، لكن أكبر ذنب يغترفه الغرب في حق البشرية، يظل بلا شك، عدم شعوره بالذنب.


 







ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق