الأحد، 28 فبراير 2016

موقفنا من العروبة







في بداية التعريف بالمشروع قلنا إن العروبة أحد عناصر المشروع؛ وعللنا ذلك بما يلي:

  • • لأن الله تعالى اختار العرب لحمل رسالته إلى الأمم
  • • ولأن حب العرب إيمان، وكرههم نفاق
  • • ولأن عدونا الأول يعادينا كعرب وليس كمسلمين فقط
  • • ولأن العراق مهدد في هويته وانتمائه العربي
  • • ولأن عروبتنا ليست عرقية عنصرية، بل تقوم على أساس أن الناس سواسية في أصل الخلقة، وفي نقطة الشروع. وعلى أساس أن من أحب العرب فهو منهم روحاً ووشيجة، فهو بهذا المعنى عربي. بل المجال أمامه مفتوح لأن يكون خيراً من عربي هو دونه في مقياس التقوى والعمل
الإسلام هو الإطار الحاكم
ولزيادة الأمر توضيحاً، وبعداً عن الإشكالات أقول: الإسلام هو الإطار الذي يحتوي ويحكم كل المبادئ التي نؤمن بها؛ وبهذا نفترق عن (القوميين) الذين جعلوا العروبة هي الإطار الحاكم، وأبعدوا الدين عن موقعه المرجعي الأعلى من المعادلة. كما أننا نفهم أن من حق كل إنسان أن يعتز بقوميته ويصل أبناء أمته ويحبهم أكثر من غيرهم؛ فتلك هي الفطرة التي فطر الناس عليها. وذلك هو حقه بحكم تلك الفطرة، بل الواجب عليه، ما لم يخرجه ذلك إلى تعصب، أو بغي على الآخرين. فمن حق الكردي أن يدافع عن قومه وكرديته، ومن حق التركي والفارسي، وحق كل الأمم والأوطان والشعوب.

أقوال بعض الأئمة في العرب والعربية (العروبة)
سوى أن للعربية فضلاً دلت شواهد الوحي عليه، ونوّه به علماء الأمة وأئمة المذاهب الإسلامية الكبرى. فإمام السنة أحمد بن حنبل في (الرد على الجهمية والزنادقة) يقول: "ونعرف للعرب حقها وفضلها وسابقتها، ونحبهم لحديث رسول الله: حب العرب إيمان وبغضهم نفاق. ولا نقول بقول الشعوبية وأراذل الموالي الذين لا يحبون العرب ولا يقرون بفضلهم".
ويقول شيخ الإسلام ابن تيمية في (اقتضاء الصراط المستقيم): "والعرب أفضل في أنفسهم من العجم. إن اعتقاد أهل السنة والجماعة أن جنس العرب أفضل من جنس العجم. وليس فضل العرب بمجرد كون النبي صلى الله عليه وسلم منهم، بل هم في أنفسهم أفضل، لما اختُصوا به في عقولهم وألسنتهم وأخلاقهم وأعمالهم... ومحبتهم سبب قوة الإيمان".
ثم يورد قول الإمام أحمد السابق، ويقول عن قول الشعوبية: "إنه بدعة وخلاف. ومن فضل العجم على العرب فهو على شعبة من النفاق".
ويقول: "اسم العرب يطلق في الأصل على قوم جمعوا ثلاثة أصناف: أن لسانهم عربي، وأنهم من أولاد العرب، وأن مساكنهم كانت أرض العرب وهي جزيرة العرب... ثم مع انتقال المقاييس وتطورها صارت العربية عربية اللسان وعربية الأخلاق، تثبت لمن كان كذلك، وتنتفي عمن لم يكن كذلك وإن كان أصله هاشمياً".
يكشف القول السابق عن فكرة الفضل الذاتي للعرب، فالله تعالى اختارهم لتنزل النبوة وحمل الرسالة لأنهم أقدر الشعوب على فهمها عقيدة وفكراً، وتمثلها إيماناً وسلوكاً وعملاً، وحملها دعوة وخلقاً. فالاختيار مبني على أسباب ثابتة موجودة مسبقاً في داخل الذات العربية. وفي قوله تعالى: (كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّه) (آل عمران:110) دليل على ذلك من حيث أن جودة الثمر نتاج بذر جيد في تربة طيبة ولا بد. فالبذر الجيد هو الرسالة النازلة، والتربة الطيبة هم العرب. وفي هذا يقول سبحانه: (اللَّهُ أَعْلَمُ حَيْثُ يَجْعَلُ رِسَالَتَهُ) (الأنعام:124).
إن العروبة مادة الإسلام، والإسلام روح العروبة. فالطعن في أي واحد منهما طعن في الآخر. وفصل أحدهما عن الآخر كفصل الروح عن الجسد. وفي القرآن شواهد كثيرة على ما نقول.
ومن طبيعة الفرس عموماً، والاستثناء وارد فهم ليسوا سواءً – وخلافاً لكل الشعوب المسلمة - يكرهون العرب كما يكرهون الإسلام والمسلمين، ويطعنون فيهم جميعاً. فالفرس لا يعادوننا لإسلامنا فحسب، ولكن لأننا عرب أيضاً. فإدخال العروبة في معادلة الصراع ضرورة لكي يعتدل ميزان القوى المتصارعة المختل في غياب هذا العنصر الفعال.
لقد آن الأوان لكي نتخلص من ردود الفعل السلبية ضد من تطرف في تبني القومية فجعل العروبة بديلاً عن الإسلام، فكان الرد أن أخرجت العروبة من ساحة الصراع.
وإذا كان الإسلام هو الروح وهو الأصل والأساس، فلا يضيره - بل يشده ويقويه - أن تأخذ العروبة موقعها في سلم الخطاب دون إفراط أو تفريط.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق