الخميس، 29 أكتوبر 2015

الإمارات تبرر التدابير القمعية بمحاربة الإرهاب


 تقرير نادر “للجزيرة” بعد صمت طويل
: الإمارات تبرر التدابير القمعية بمحاربة الإرهاب

الكاتب : وطن 29 أكتوبر، 2015 
أحمد منصور

نشر موقع “الجزيرة الإنجليزية” تقريرا حول الانتهاكات الحقوقية في الإمارات وذلك بعد نحو أسبوعين من نشر صحيفة “ميل أون صنداي” البريطانية تقريرا معمقا تضمن اتهامات لشخصيات في الإمارات ووزراء مثل أنور قرقاش يقومون بدور “تحريضي” على قطر والإخوان المسلمين في بريطانيا بمساعدة حكومة كاميرون ومؤسسات إعلامية بريطانية.

الفجوة بين “التقدم” و واقع حقوق الإنسان

أبرز تقرير الجزيرة الإنجليزية، الفجوة بين الصورة المشرقة التي تسعى الدولة لترويجها عن نفسها أمام العالم كمحطة للراحة والأمان وبين الممارسات الحقوقية “القاسية” التي عرضها التقرير الموثق بالوقائع والحقائق.
وبدأ التقرير بحادثة منع البروفيسور أندرو روس من جامعة نيويورك، الذي تم منعه من دخول الدولة وأعادته سلطات مطار أمن أبوظبي لانتقادات سابقة للبروفيسور حول أوضاع حقوق العمال بالدولة، وعقب التقرير بالقول، “الإمارات حددت بشكل متزايد علاقتها مع منتقديها في السنوات الأخيرة”.
وأضاف التقرير، “على الرغم من محاولات الإمارات نشر صورة ليرالية وتقدمية، إلا أنها صعدت من جهودها لإسكات كل الأصوات المعارضة، وغالبا ما تبرر التدابير القمعية حسب الضرورة لتعزيز الأمن ومكافحة الإرهاب”.

محدد مكافحة الإرهاب

وتطرق التقرير إلى تكريس الدولة إقليميا ودوليا نشاطها الدبلوماسي ” مجال مكافحة الإرهاب”. وعليه، أصبح سفير الإمارات يوسف العتيبة من الشخصيات المفضلة في دوائر الأمن القومي في واشنطن، حيث شارك في اجتماعات استراتيجية البنتاغون بدعوة من مجلس السياسة الدفاعية، وهي اللجنة التي تقدم المشورة لوزير الدفاع حول قضايا السياسة الدفاعية الرئيسية.
وأبرز التقرير مقولة للعتيبة في ذلك الاجتماع للمسؤولين الأمريكيين،”أنت لا تستطيع أن تفعل ذلك (محاربة الإرهاب) من دوننا، ونحن لا نستطيع أن نفعل هذا من دونكم”.
وأشار التقرير إلى تدشين أبوظبي وواشنطن مركز “صواب” لمحاربة داعش عبر مواقع التواصل الاجتماعي.

محاربة الإرهاب والقمع الداخلي

وإزاء جهود الإمارات في محاربة الإرهاب إلى جانب واشنطن، فقد قامت السلطات بتمرير قوانين بذريعة “مواجهة التطرف المحلي”، ولكنها تستخدم هذه القوانين لمعاقبة منتقديها والذين لا يفلتون من عقاب السلطات. ونوه التقرير إلى قانون “مكافحة الإرهاب” في الدولة والذي يسمح بفرض عقوبات لسنوات طويلة بالسجن وعقوبة الإعدام لمن “يرتكب عمل يضر الوحدة الوطنية”، دون تعريف ما هي الوحدة الوطنية.
وكمثال على تعسف قانون “مكافحة الإرهاب” أورد التقرير محاكمة المغرد أسامة النجار الذي حوكم بالسجن 3 سنوات وغرامة مالية كبيرة لأنه “دعا إلى إجراء تحقيق في مزاعم ذات مصداقية بشأن التعذيب في السجن الذي يُحتجز فيه والده”.

جرائم أمن الدولة والانتهاكات الحقوقية

واستطرد التقرير قائلا، “يوفر قانون 2012 بشأن جرائم الإنترنت عقوبات على جرائم غامضة كما يُجرم نشر أي مواد تعتبرها السلطات سخرية بسمعة الدولة أو حكامها. وأضاف التقرير، و”تعرف الحكومة العديد من المخالفات المنصوص عليها بموجب القانون بأنها “جرائم ضد أمن الدولة”.
وكمثال آخر على تعسف القوانين في مواجهة حق التعبير عن الرأي، أشار التقرير إلى قضية اعتقال “الشقيقات الثلاث” اللواتي تعرض للإختفاء القسري ثلاثة شهور كاملة من منتصف فبراير إلى منتصف مايو الماضي.
وعقب تقرير الجزيرة على هذه الحالات، بالقول، “هؤلاء الناس يسعون ببساطة إلى رفع مستوى الوعي اتجاه الانتهاكات الحكومية”. وتابع التقرير، “قليل من الناس سواء داخل الإمارات أو خارجها يستطيع التحدث عن اضطهاد الناشطين في البلاد، لأنهم يخافون من انتقام الحكومة”.

الاختفاء القسري في تقرير الجزيرة

لم يخل تقرير الجزيرة الإنجليزية من الإشارة إلى إخفاء الأكاديمي ناصر بن غيث قسرا منذ (18|8) الماضي دون معرفة مكان اعتقاله ودون توجيه أي تهمة له أو تقديمه للمحاكمة. وتابع التقرير، ” حتى النشطاء ال”94″ الذين حوكموا في وقت لاحق بتهمة “التحريض على قلب نظام الحكم”، تعرضوا للاختفاء القسري لبضعة شهور أيضا، وبعضهم تعرض للتعذيب”.

 القمع بلا توقف

أفاض التقرير في الحديث عن صنوف شتى من الانتهاكات التي يتعرض إليها الناشطون، حتى بعد قضاء فترة عقوبتهم. واستدل التقرير بالناشط الحقوقي أحمد منصور، الذي كان أحد الموقعين على عريضة الثالث من مارس 2011 التي طالبت بتطوير المجلس الوطني. ورغم انقضاء مدة عقوبته فإنه لا يزال ممنوعا من السفر ولا يمتلك جواز سفر وحرمته سلطات الأمن من التوجه إلى جنيف الشهر الجاري لاستلام جائزة حقوقية فاز بها، وهي جائزة “مارتن إينالز” للمدافعين عن حقوق الإنسان.

القمع يطال المقيمين أيضا

وأثرت الجزيرة تقريرها بالحديث عن معتقلين عربا كانوا يقيمون في الدولة سواء أمريكيين أو ليبيين مثل سليم العرادة ومحمد وكمال الضراط الذين تعرضوا للتعذيب.
وأنهى التقرير بالإشارة إلى ضرورة عدم استخدام الإمارات محاربة الإرهاب ذريعة لممارسة القمع الداخلي، واستذكر التقرير تصريحات لأوباما قال فيها:”  عندما يتم إسكات المعارضة، فإن ذلك يغذي التطرف العنيف، وهذا يخلق بيئة مناسبة ل للإرهابيين”. وعقبت الجزيرة الإنجليزية على تصريحات أوباما بالقول،” من خلال انتهاج الإمارات سياسات القمع الحالية، فإنها ببساطة تصب المزيد من الزيت على النار”، على حد تعبيرها.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق