الأربعاء، 23 سبتمبر 2015

مصطلح الأسرة في أبرز المواثيق الدولية دراسة تحليلية بحث مقدم في مؤتمر الخطاب الإسلامي المعاصر

ورقة (مصطلح الأسرة في أبرز المواثيق الدولية.. دراسة تحليلية)


 مصطلح الأسرة في أبرز المواثيق الدولية دراسة تحليلية  بحث مقدم في مؤتمر الخطاب الإسلامي المعاصر

28 -29 يوليو2011

اتحاد علماء المسلمين

مقدمته : مهندسة / كاميليا حلمي

رئيس اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل
بالمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة

مقدمة:

الفصل الأول: مفهوم الأسرة في الوثائق الدولية
الفصل الثاني: أبرز القضايا ذات الصلة بشئون الأسرة التي تناولتها الاتفاقيات الدولية ورؤية نقدية لها
توصيات الباحث
مقدمة
"إن الأسرة بمعناها الإنساني المتحضر، لم يعد لها وجود إلا في المجتمعات الإسلامية، رغم التخلف الذي تشهده هذه المجتمعات في شتى المجالات الأخرى". وردت هذه العبارة في التقرير الصادر عن هيئة الأمم المتحدة عام 1975م بمناسبة العام العالمي للمرأة. بما يعني أن الأسرة هي الصرح الأخير الذي صار لزامًا على الأمة الإسلامية الحفاظ عليه، إذا أرادت أن تحمي نفسها من الفناء، بل والانطلاق منه للنهوض من كبوتها.
فالشعوب الإسلامية رغم تعرضها خلال عقود طويلة للغزو: العسكري، والسياسي، والاقتصادي، إلا أنها لا زالت تحتفظ بقيمها الأصيلة. وهي وإن كانت تغط في سباتها العميق، إلا أنها لن تلبث أن تفيق وتسترد عافيتها شيئًا فشيئًا، وتفيء إلى أصالتها وحضارتها، ولن تبقى في سباتها إلى الأبد.
وأنموذج الجزائر ليس عنا ببعيد، حين تمكن أبناءها من طرد المحتل رغم ما تم من (فرنسة) لها على مدار مائة واثنين وثلاثين عامًا من الاحتلال؛ بفضل تماسك الأسرة والحفاظ على الدين الإسلامي، ثم تركيا، وكذلك شعوب الاتحاد السوفيتي سابقًا، ودول جنوب شرق آسيا، ودول البلقان الأمر الذي حدى بـ"هنتنجتون" أن يقول: "أخطأتُ وأخطأ قبلي كثيرون حين ظنوا أن الإسلام انتهى كدولة ودين بسقوط الخلافة، فتركيا عادت اليوم أقوى .. هناك شواهد على إمكانية عودة الإسلام لقيادة العالم مرة أخرى".
ولم يُخفي ممثل صندوق السكان في الأمم المتحدة (UNFPA) في هولندا "آري هوكمان" سعادته الشديدة بانهيار الأسرة على المستوى العالمي، حيث قال في ندوة عقدت مؤخرًا في المكسيك: "إن ارتفاع معدلات الطلاق، وكذا ارتفاع معدلات المواليد خارج نطاق الأسرة يُعدُّ نصرًا كبيرًا لحقوق الإنسان على البطرياركية"!!
إلا أنه علينا أن نعترف بأنه في حالة الانكسار التي تحياها الأمة، تسربت إلينا بعض القيم والعادات الخاطئة سواء من الوافد الغربي الذي يعمل جاهدًا على إثارة التشكيك في منظومة قيمنا لاستبدالها بقيمه؛ حتى يتسنى له استكمال هيمنته السياسية والاقتصادية، بل والعسكرية بأقل قدر ممكن من الخسائر. أو من موروثات وعادات ما أنزل الله بها من سلطان إلا أنها تسربلت بلباس الشرع، واختلطت بما هو أصيل فكان نتاج ذلك ثمرة مُرّة يستعصي علينا هضمها، فهي غريبة عن منهجنا الإسلامي وتراثنا الأصيل.
لذلك فإن نقطة الإنطلاق هي تقوية الجهاز المناعي لمجتمعاتنا كي تتمكن من صد أي جراثيم تحاول النيل منها، والبدء بإصلاح الأسرة وتحصينها، ذلك أن الأسرة ليست نظامًا اجتماعيًّا فحسب، وإنما هي جماعة اجتماعية أساسية في المجتمع تقوم بالدور الرئيسي في بناء صرح المجتمع، وتدعيم وحداته، وتنظيم سلوك أفراده بما يتلائم مع أدوارهم الاجتماعية، فضلاً عن دورها في إلزام أفرادها بالضوابط الدينية، وتأثير ذلك على أنماط سلوكهم في مواجهة متغيرات العصر.
فالأسرة باحتوائها على أكثر من جيل يسهل عليها نقل هذه الضوابط من جيل إلى آخر بسلاسة وتلقائية، فضلاً عن أن لقاء الأجيال فيها يعطي مساحة واسعة لإمكانية حل المعادلة الصعبة وهي: الموائمة بين الثقافة الإسلامية والثقافة المعاصرة، أي الموائمة بين صحيح الموروث، ونافع الوافد بما يحفظ لشخصية أبناءها التوازن.
الفصل الأول: مفهوم الأسرة في الوثائق الدولية
تمهيد:
للأسرة دور كبير، بل هو الدور الرئيس في تربية النشء، والحفاظ على هوية المجتمع وتماسكه، ومع ذلك لم تعطها الوثائق الدولية الاهتمام اللائق بها بل إن كثيرًا من الوثائق المعنية بالمرأة خلت بنودها تمامًا من أية إشارة للأسرة بمفهومها الطبيعي والفطري، وإنما تناولت المرأة كفرد مقتطع من سياقه الاجتماعي. واللافت أن الوثائق التي ذكرت فيها الأسرة، جاء ذكرها نادرًا وهامشيًّا، وفي سياقات تؤدي من خلال التطبيق إلى إضعاف الأسرة وهدمها، كأن ترد ضمن سياق المطالبة بتقليل النسل، أو ضمن سياق تقييد صلاحية الآباء في توجيه وتربية الأبناء فيما أطلقت عليه الوثائق: "العنف في نطاق الأسرة"، أو أن يأتي المفهوم في سياق في منتهى الخطورة وهو ضرورة الاعتراف بوجود أشكال أخرى للأسرة، وهو ما يعني الاعتراف بالشذوذ وتقنينه وإعطاء الشواذ نفس الحقوق التي يتمتع بها الأسوياء من ضمانات اجتماعية، والحق في الزواج، والتوارث، والحصول على كافة الخدمات الاجتماعية، ودفع الضرائب... إلخ.
o     خلو بعض وثائق الأمم المتحدة المعنية بالمرأة تمامًا من أية إشارة للأسرة:
من اللافت للنظر خلو بعض الوثائق الصادرة عن الأمم المتحدة بشأن المرأة من أية إشارة للأسرة بمفهومها الطبيعي، مثل:
- البيان الصادر عن الدورة الثامنة والأربعين بعنوان (تنفيذ استراتيجيات نيروبى التطلعية للنهوض بالمرأة) تحدث عن التدابير اللازمة لتنفيذ هذه الاستراتيجيات من أجل تحقيق الأهداف المتمثلة فى"المساواة والتنمية والسلم" ولم يرد ذكر الأسرة على الإطلاق بل كان تركيز الوثيقة بالأساس على إدماج المرأة بشكل كامل في صنع القرار في الحياة العامة سواء على المستوى المحلي أو في الهيئة الدولية [1]
- وفى تقرير المجلس الاقتصادي والاجتماعي لعام 1995م -أحد الوثائق الرسمية للجمعية العامة في الدورة الخمسين- لم يرد ذكر الأسرة على مدار التقرير الذى بلغ تعداده 227 صفحة عبر أربعة عشر فصلاً رغم تناوله لمسائل ذات صلة، كحقوق الإنسان والنهوض بالمرأة ودور المرأة في التنمية ..إلخ[2].
o     السياقات التي ورد فيها مصطلح الأسرة في المواثيق الدولية:
§          تنظيم الأسرة وتحديد النسل
نص البند (هـ) في الفقرة 107 من وثيقة بكين على: "توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسئول، بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعالة؛ بغية الوقاية من الأمراض .. وتوفيرها بأسعار زهيدة"
وأيضا البند (83/ل) من وثيقة بكين: "التشجيع بدعم من أهالي البنات والبنين وبالتعاون مع موظفي التعليم والمؤسسات التعليمية على وضع برامج تعليمية لهم، وايجاد خدمات متكاملة؛ بغية زيادة وعيهم بمسئولياتهم، ومساعدتهم على تحمل هذه المسئوليات، مع مراعاة أهمية التعليم والخدمات المشار إليها بالنسبة إلى نمو الشخصية واحترام الذات، وكذلك مراعاة الحاجة إلى تفادي الحمل غير المرغوب فيه وتفشي الأمراض التي تنتقل على طريق الاتصال بين الجنسين، ولا سيما فيروس نقص المناعة البشرية/ الإيدز" .
وتؤكد التقارير على أن الأساس في تمتع المرأة بحقوقها هو تمكنها من التحكم في خصوصياته: "وتشكل قدرة المرأة على التحكم في خصوصيتها أساسًا هامًا للتمتع بالحقوق الأخرى وطبقًا لما سلم به في خطة العمل العالمية للسكان"[3]، وأعيد التأكيد عليه في المؤتمر الدولي المعني بالسكان، "لكل شريكين ولكل الأفراد الحق الإنساني الأساسي في أن يقرروا بحرية وعلى بيّنة عدد أطفالهم، كما ينبغي تعزيز عناصر الرعاية الصحية الأولية المتعلقة بصحة الأم وتنظيم الأسرة، وينبغي توفير المعلومات وتقديم الخدمات المتعلقة بتنظيم الأسرة[4]. (لاحظ: شريكين Partners والتي لا تعني بالضرورة زوجين).
§          إلغاء القوامة واستبدالها بالشراكة:
ففي التقرير الأممي الصادرعام 1985 بمناسبة تقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة، اعتبروا أن الحائل والعقبة الكئود أمام تمكين المرأة هو جعل الرجل مسئولاً عن الأسرة. وطالب التقرير الدول الأطراف بتغيير التشريعات[5]، فجاءت البنود المختلفة لتنص على ذلك:
"إن التشريعات والأنظمة ذات الصلة التي تقصر دور العائل ورب الأسرة على الرجل تعوق حصول المرأة على الائتمانات والقروض والموارد المادية وغير المادية. ويلزم إدخال تغييرات على هذه المجالات تضمن للمرأة المساواة في الحصول على الموارد وهناك حاجة إلى استبعاد عبارات مثل "رب الأسرة" وإدخال عبارات أخرى على درجة من الشمول تكفي للتعبير عن دور المرأة على نحو مناسب في الوثائق القانونية ضمانًا لحقوقها"[6]. "كما ينبغي إدخال برامج تعليمية لتمكين الرجال والنساء على حد سواء من تحمل مسئولية متكافئة في تنشئة الأطفال وإعالة الأسرة، وذلك على جميع مستويات النظام التعليمي[7].
ولا يقتصر الأمر على مجرد تغيير تشريعات وإنما المطالبة بإدخال تغييرات جذرية وشاملة على كافة أنظمة المجتمع حتى لو اقتضى الأمر إيجاد هياكل وكيانات جديدة من أجل الوصول إلى وضع نهائي تتشارك فيه المرأة مع الرجل في الإنفاق على الأسرة، وبالمثل يتشارك الرجل مع المرأة في المهام المنزلية وعلى الدولة الطرف تمهيد المجتمع لتقبُّل بل وتشجيع الأدوار الجديدة والمعدلة للذكر والأنثى، وقد ورد في نفس التقرير:
"وينبغي القيام بعمل متضافر يستهدف إنشاء نظام للمشاركة في المسئوليات الأبوية من جانب المرأة والرجل في الأسرة ومن جانب المجتمع. ولبلوغ هذه الغاية ينبغي إعطاء الأولوية لتوفير هياكل أساسية اجتماعية تمكن المجتمع من المشاركة في تحمل هذه المسئوليات مع المرأة، وتحقيق تغييرات -في الوقت نفسه- في المواقف الاجتماعية تؤدي إلى قبول وتشجيع أدوار للجنسين جديدة أو معدلة بحيث يمكن ممارسة هذه الأدوار وينبغي إعادة النظر في الواجبات المنزلية وفي مسئوليات الوالدين بما في ذلك اتخاذ القرار فيما يتعلق بحجم الأسرة والمباعدة بين فترات الإنجاب، بغية تقاسم المسئوليات بين المرأة والرجل"[8].
"وينبغي تنقيح القوانين المدنية، ولاسيما القوانين التي تتعلق بالأسرة، من أجل القضاء على الممارسات التمييزية حيثما وجدت وأينما اعتبرت المرأة قاصرة[9]، وينبغي إعادة النظر في الأهلية القانونية للمرأة المتزوجة؛ بغية منحها المساواة في الحقوق والواجبات"[10].
§       اعتبار ممارسة الرجل مسئوليات القوامة داخل الأسرة "عنفًا ضد المرأة":
وبالتالي توسيع دائرة التدخل القانوني داخل الأسرة، حيث دعت الوثائق إلى تدخل الحكومات في الأسر بإجراءات أمنية متعددة بدعوى حمايتها من العنف، من ذلك ما ورد في الفقرة 271 من التقرير الأممي سالف الذكر: "وينبغي إنشاء جهاز وطني يتولى معالجة مسألة العنف دخل الأسرة، وصوغ سياسات وقائية وتوفير أشكال مؤسسية لتقديم المساعدة الاقتصادية وغيرها من أنواع المساعدة لحماية ضحايا العنف من النساء والأطفال. كما ينبغي تعزيز الإجراءات التشريعية وتقديم المساعدة القانونية[11].
وفى الفقرة 288 تحت عنوان (النساء اللواتي تُساء معاملتهن): "وينبغي للحكومات كذلك أن تكثف جهودها المبذولة لوضع أو تعزيز سبل المساعدة لضحايا هذا النوع من العنف عن طريق توفير المأوى والحماية والدعم والخدمات القانونية وغيرها. وعلاوة على المساعدة الفورية التي يجب أن تقدم إلى ضحايا العنف الموجّه ضد النساء في الأسرة والمجتمع، ينبغي على الحكومات أن تعمل على زيادة توعية الجماهير"[12]. وبشكل غير مباشر يتم إقرار الزنا عن طريق اعتبار الطفل غير الشرعي طفلاً عاديًّا له أب وإلزام هذا (الأب) بتحمل مسئولية ذلك (الابن): "وينبغي جعل الوالد المفترض للأطفال الذين وُلدوا بصورة غير شرعية يساعد في إعالة هؤلاء الأطفال وتعليمهم:[13].
ومن ثم فإن أي اعتراض على حق المراهقة في ممارسة الجنس سيُعد انتهاكًا لحقوق الإنسان، وكذلك امتناع الطبيب عن إجهاض فتاة سيُعد اعتداءًا على حقها الإنساني في أن يتوفر لها إجهاض مأمون، حرمان تعقيم الزوجة –إذا أرادت- دون الرجوع لزوجها يعد حرمان تعسفي من الحرية فلها الحق في أن تتحكم وتبت بحرية في المسائل المتصلة بحياتها الجنسية دون إكراه أو تمييز أو عنف، ومن ثم فإن أي اعتداء على هذا الحق يعد انتهاكًا لحقوق الإنسان.
ويقوم صندوق الأمم المتحدة للسكان  بتوجيه كم كبير من أنشطته تجاه صغار السن حتى يتم تنشئتهم منذ وقت مبكر على مفاهيم (الصحة الإنجابية) و (تغيير تصور أدوار الجنسين) وأن يتم تقبل المجتمع للحرية الجنسية، وأدوار الجنسين داخل الأسرة تحت مسمى (ديناميات القوة داخل الأسرة) - فيصدر تقريره لعام 2005م بعنوان (دُور بلدية هل بديلة أم بلدية للمراهقين والشباب) والذي جاء فيه: "عمل صندوق الأمم المتحدة للسكان على إقامة دُور (Casas) للمراهقين والشباب وتشجع هذه الدُور حقوق صغار السن، ويحصل المراهقون فيها على معلومات وتدريب بشأن الصحة الإنجابية والعنف ويضطلعون بمهام توعية مجتمعية من خلال وسائط الإعلام بشأن الصحة والحقوق الإنجابية".
"يستعين مشروع "إيقاظ ضمائر المراهقين الذكور" (والذي يعمل على تدريب المراهقين على استخدام العازل الطبي لمنع حدوث الحمل) في نيجيريا، بحوارات منظمة للتشجيع على التفكير الانتقادي لدى الرجال صغار السن الذين تتراوح أعمارهم من 14 إلى 20 سنة وتتناول مواضيع المناقشة ديناميات القوة داخل الأسرة، والعلاقات الحميمة، والصحة الجنسية والإنجابية، وحقوق الإنسان، والديمقراطية[14].
§    إقرار الشذوذ الجنسي، وإعطاء الشواذ كافة الحقوق منها الزواج وتكوين أسر:
رتبت وثيقة برنامج عمل مؤتمر القاهرة للسكان حقوقًا، ودعت إلى إزالة كل العقبات أمام العلاقات الشاذة: "ينبغى القضاء على أشكال التمييز في السياسات المتعلقة بالزواج وأشكال الاقتران الأخرى واستخدمت مصطلح (The Family in all its forms).
وقد عرَّف مكتب الإحصاء الرسمي لسكان الولايات المتحدة الأسرة بأنها: "جماعة تتكون من شخصين أو أكثر يرتبطون معًا برباط الميلاد أو الزواج أو التبني وتقطن معًا"[15].
ويعُد هذا إفرازًا طبيعيًا للحركة الفكرية في المجتمع الأمريكي، وفي دراسة للأمريكية "آن فوستس ستيرلنج" بعنوان "الأجناس الخمسة"[16] ادَّعت فيها أن "تقسيم الخلق إلى ذكور وإناث أصبح واقعًا تجاوزه الزمن، ولم يعد يعبر بدقة عن حقيقة الواقع الإنساني، ذلك أن الواقع أصبح يحفل بخمسة أجناس، وليس جنسين فقط، إذ بجانب الرجال والنساء، هناك المخنثون، والنساء الشاذات اللائي يعاشرن النساء، والرجال الذين يعاشرون الرجال"[17].
ومع تراجع مفهوم الأسرة الطبيعية، حلّ تدريجيًّا البديل الكارثي، حيث ظهرت الدعوة إلى بناء الأسر (اللانمطية)، وبهذا يتم الإبقاء على الشكل مع إفراغ محتواه أو استبداله بمحتوى آخر، فظلت التسمية (أسرة) ولكن المعنى مختلف، حيث صارت تعني: كل بيت تشبع فيه الحاجات الأساسية الطبيعية (رجل وامرأة في إطار الزواج، رجل وامرأة خارج إطار الزواج، رجال ونساء دون رابطة قانونية، رجلين، امرأتين.. والبقية تأتي).
ونجد صدى ذلك واضحًا في المؤتمرات الدولية التي تظهر فيها الأجندة الأنثوية  Feminismبشكل قوي، حيث تعكس الوثائق الدولية الصادرة عن تلك المؤتمرات ذلك المفهوم، فنجد الوثيقة الصادرة عن مؤتمر القاهرة للسكان والتنمية عام 1994م - في الفصل الخامس منها والذى جاء بعنوان (الأسرة وأدوارها وحقوقها وتكوينها وهيكلها) مبحث كامل بعنوان (تنوع هيكل الأسرة وتكوينها) من مواده: "وينبغى أن تتخذ الحكومات إجراءات فعالة للقضاء على جميع أشكال الإكراه والتمييز في السياسات والممارسات المتعلقة بالزواج وأشكال الاقتران الأخرى"، وأخرى تطالب بتغيير (الهياكل الأسرية) معتبرة ذلك التغيير هو (المجال الحيوي لعمل الحكومات والمنظمات الحكومية الدولية، والمنظمات الحكومية المعنية، ووكالات التنمية، والمؤسسات البحثية )، كل هذه المؤسسات مدعوة –بإلحاح- (لإعطاء الأولوية للبحوث الحيوية المتعلقة بتغيير هيكل الأسرة).
وذلك حتى لا تكون -فقط- أسرة شرعية مؤسسة على علاقة مشروعة بين ذكر وأنثى، وإنما لتضم كل ألوان العلاقات -بين رجل ورجل، أو بين امرأة وامرأة – مُدخلة بذلك الانقلاب كل ألوان العلاقات الشاذة والمحرمة شرعًا وفطرة في إطار الأسرة التي يعترف بها القانون ويحميها ويرتب لها الحقوق[18].
وجاء في تقرير المؤتمر الدولي للسكان والتنمية بالقاهرة 1994م: "وضع سياسات وقوانين تقدم دعمًا أفضل للأسرة، وتسهم في استقرارها وتأخذ في الاعتبار تعدد أشكاله"[19]
وفي تقرير المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة: "توجد أشكالاً مختلفة للأسر في الأنظمة الثقافية والسياسية والاجتماعية المختلفة"[20]. وقد أثارت تلك الأجندة موجة عارمة من الاعتراضات من قِبل الكثير من دول العالم ذات الثقافات المحافظة.
ثم بعد عامين، وفي مؤتمر اسطنبول للمستوطنات البشرية HabitatII- تركيا 1996م، تكرر نفس الأمر، وبدى واضحًا إصرار المنظمة الدولية على نفس الأجندة، وثارت موجة ثانية من الجدل حول موضوع الأسرة: هل هي خلية اجتماعية يجب تدعيمها، أم أنها إطار تقليدي يجب الانفكاك منه واستحداث مفهوم جديد للأسرة؟
وتزعمت كندا ودول الاتحاد الأوروبي المطالبة باستحداث أنماط وأُطُر جديدة للأسرة، أما الصين ودول عدم الانحياز فقد وقفت ضد هذا الموقف، وكحل وسط تبني النص الذي يقارب نص وثيقة مؤتمر القاهرة للسكان 1994م، حيث تضمن الإشارة إلى الزوج والزوجة مع تعدد الأنماط الأسرية، وقد تُرك اللفظ على عمومه وغموضه؛ إرضاءً للجماعات التي تطالب باستحداث زواج بين الجنس الواحد  Same sex marriage، وشهدت أروقة المؤتمر سجالاً واسعًا مما دعا ممثل الإكوادور إلى تحفظه على "الأشكال المختلفة للأسرة" و"الصحة الإنجابية"، حيث فسرهما على أساس أن التعبير الأول يغير مفهوم الأسرة وأساسها، والتعبير الثاني لا يمكن أن يشمل الإجهاض كوسيلة لتنظيم الأسرة.
وأيضًا اعترضت غواتيمالا على (الأشكال المختلفة للأسرة) في مختلف النظم الثقافية والسياسية والاجتماعية، وبررت اعتراضها بأنه لا يجوز تحت أي ظرف تغيير الأساس الذي تقوم عليه الأسرة وهو الاتحاد بين الرجل والمرأة. كما أكد الكرسي الرسولي (الفاتيكان) أن الأسرة هي الوحدة الأساسية للمجتمع، وأنها تستند إلى الزواج كشراكة تقوم على المساواة بين الزوج والزوجة.
وتحفظت جمهورية هندوراس على عبارة "الأشكال المختلفة للأسرة"؛ حيث برر ممثلها الحكومي تحفظ بلاده قائلاً: "ويجب أن يكون مفهومها بأنه لا يمكن أن تعني أبدًا بالنسبة "لجمهورية هندوراس" إباحة الزواج بين أشخاص من نفس الجنس؛ حيث أن دستورنا الوطني يحمي الأسرة بشكلها الطبيعي[21]
أما نص بعض البنود التي أعربت صراحة عن أشكال أخرى للأسرة Different Forms of the Family، فلم يكن مستحدثًا في مؤتمر الإسكان 1996م، بل له سابقاته في المؤتمرات السابقة، ففي مؤتمر السكان الذي عقد في مكسيكو سيتي 1984م: "تعترف خطة العمل العالمية للسكان والأسرة- بأشكالها المتعددة – باعتبارها الوحدة الأساسية للمجتمع، وتوصي بإعطائها حماية قانونية. والأسرة مرت- ولا تزال تمر- بتغيرات أساسية في بنيتها ووظيفتها"[22].
ولم تسلم وثائق الطفل من تلك الأجندة، فتأتي وثيقة عالم جدير بالأطفال 2002م، والتي تعد وثيقة آليات وسياسات لتفعيل اتفاقية حقوق الطفل (CRC)1989م، لتبرز ذات المعنى (تعددية أشكال الأسرة) حينما طالبت الوثيقة الحكومات بـ: "مراعاة أن الأسرة تتخذ أشكالاً مختلفة باختلاف النظم الثقافية والاجتماعية والسياسية"[23]
وليست الوثائق الدولية الخاصة بالمرأة أو بالطفل فقط هي التى أكدت على تعددية أشكال الأسرة، وإنما تظهر نفس الأجندة بوضوح في العديد من المؤتمرات، وقد حرصت لجنة المرأة على فرض نفس الأجندة في المؤتمرات الأخرى، فقد جاءت الوثائق الصادرة عنها وقد رسخت نفس المفهوم كنوع من تطبيع المصطلح، فقد جاء في تقرير مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية: "الأسرة هي الوحدة الأساسية في المجتمع وهي بهذه الصفة يجب أن تدعم، ومن حقها أن تلقى حماية ودعمًا شاملين، وفي النظم الثقافية والسياسية والاجتماعية المختلفة، تتخذ أشكالاً مختلفة"[24].
وتشترك الوثائق الدولية الصادرة عن الأمم المتحدة – من حيث مفهوم الأسرة- في النقاط التالية:
1- تناول مفهوم الأسرة من المنظور الأنثوي الراديكالي Radical Feminism، وهو المنظور الذي يطرح الشذوذ الجنسي كحق من حقوق الإنسان، واعتبار الأسرة المكونة من رجل وامرأة ارتبطا برباط الزواج الشرعي أسرة (نمطية) تقف في طريق الحداثة، ويجب استبدالها بالنموذج اللانمطي الإبداعي للأسرة.
2-إقرار وجود أشكال مختلفة للأسرة، بما يعني إقرار العلاقات غير الشرعية، سواء بين رجال ونساء، والعلاقات الشاذة بين مثليي الجنس، فالأشكال المختلفة للأسرة تشمل النساء والرجال الذين يعيشون معًا بلا زواج، والشواذ، كما تشمل النساء اللائي يأتين بالأطفال سفاحًا، ويحتفظن بهؤلاء الأطفال فيقمن بالإنفاق عليهم، ويطلق على هذا التشكيل اسم الأسرة ذات العائل المنفرد Single parent family، وتسمى الأم بـ (الأم المعيلة).
3-التوصية بإعطاء هذه الأشكال المختلفة الحماية قانونية، وضمان إعطائها نفس الحقوق التي يحصل عليها الأزواج في الأسر الطبيعية والتى صار يطلق عليها في الوثائق مصطلح (التقليدية أو النمطية).
ولا يخفى أن ما عمَّ المجتمعات الغربية من هذه الفوضى الأخلاقية صار وضعًا مخيفًا، وهو ما حدى بالعقلاء هناك من إطلاق صيحات التحذير، فتقول الكاتبة الأميريكية "سوزان غللر" محذّرة:  "لقد أدى انتشار الشذوذ بين الرجال، أن أخذ شكل الرجل يتغير، فأصبح يهتم بزينته كما تهتم المرأة، ويرتدي الملابس الملونة الزاهية ويكوي شعره حتى أصبح من الصعب التفرقة بين الرجل والمرأة، وزادت شُقة الخلاف بينهما، فهو يبحث عن متعه الخاصة الشاذة، ويضحي بالحياة الأسرية في سبيل فرديته وأنانيته، ثم زاد الطين بلة انتشار الإيدز بين الشواذ من الرجال أولاً، ثم انتقل المرض اللعين إلى النساء شيئًا فشيئًا، فتزايد عدد الرجال الذين لا يمكنهم الزواج بسبب المرض، وزاد عدد النساء اللاتي لا يمكنهن الزواج للسبب نفسه"[25].
§          اعتبار الأمومة وظيفة اجتماعية بدلاً من أن تكون وظيفة فطرية:
تكرس الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة مفهومًا غريبًا يعكس الرؤية الأنثوية للأدوار الاجتماعية لكلا الجنسين، والتي تسعى لفصل جنس الإنسان عن دوره في الحياة، وبالتحديد فصل جنس المرأة عن دورها الأساسي –والمرتبط بالأساس بجنسها وتركيبها البيولوجي- وهو دور الأمومة، وهو ما عبرت عنه بيللا آبزوج (إحدى زعيمات الفكر الأنثوي الراديكالي) بقولها: "لن نعود مرة أخرى لنخضع لفكرة أن القَدَر البيولوجي وحتميته يحصر المرأة داخل صفات متعلقة بجسدها وجنسها لذلك نحن نستخدم كلمة جندر Gender بدلاً من جنس Sex للدلالة على أن حقيقة الرجل والمرأة هي من صنع المجتمع ومن الممكن تغييرها".
وبالتالي نجد اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) تطالب الحكومات باتخاذ التدابير اللازمة لترسيخ هذا المفهوم (الأمومة وظيفة اجتماعية) حيث نصّت في المادة الخامسة على: "أن "تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة لتحقيق ما يلى:
 (أ) تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية لسلوك الرجل والمرأة؛ بهدف تحقيق القضاء على التحيزات والعادات العرفية وكل الممارسات الأخرى القائمة على فكرة دونية أو تفوّق أحد الجنسين، أو على أدوار نمطية للرجل والمرأة.
(ب) كفالة أن تتضمن التربية الأسرية تفهمًا سليمًا للأمومة، بوصفها وظيفة اجتماعية والاعتراف بالمسئولية المشتركة لكلٍ من الرجال والنساء في تنشئة أطفالهم وتطورهم، على أن يكون مفهومًا أن مصلحة الأطفال هى الاعتبار الأساسي في جميع الحالات".
وتكرس هذه المادة أحد أهم أهداف اتفاقية السيداو؛ لأنها تنصب على تعديل الأنماط الاجتماعية والثقافية، وهو ما تهدف الاتفاقية إلى تغييره في سنوات معدودة. وهى لا تفسر ماهية الأدوار النمطية، وإن كانت تعني أنه ليست هناك أنماط خاصة للنساء باعتبارهن نساء، وليست هناك أنماط خاصة للرجال باعتبارهم رجالاً، ومن ثم فهناك إمكانية واسعة لتبادل الأدوار، باعتبار الأدوار (محايدة) غير مرتبطة بجنس، بل ووصف دور المرأة في المجال الأسرى بالأنماط الجامدة، وهذا المعنى وثيق الصلة بمفهوم الجندر Gender، وهو ما تحاول الاتفاقية ترسيخه، فلا الرجل رجلاً ولا المرأة امرأة لأنهما خلقا هكذا، بل لأن التنشئة، والثقافة المجتمعية هى التى أملت على كل منهما دوره، وكرسته عبر العصور، ولا علاقة لهذا الدور بخلقة كل منهما وتركيبه البيولوجي!!!
وقد ورد في التقرير النهائي الذي تم إحالته إلى المجلس الاقتصادي والاجتماعي بهيئة الأمم المتحدة عام 2007م حول وثيقة (عالم جدير بالأطفال) تحت عنوان (التعليم والتدريب) 14-2-ل:  "تقليل الوقت الذي تقضيه البنات في القيام بمهام العناية اليومية بشئون الأسرة المعيشية مع العمل على تغيير المواقف التي ترسخ تقسيم العمل حسب الجندر Gender تعزيزًا لتقاسم المسئوليات الأسرية للعمل في البيت".
وكشأن اتفاقيات الأمم المتحدة الأخرى، يتم تكرار المفهوم الواحد أكثر من مرة وإدماجه ضمن أكثر من محور؛ لضمان تكريسه وتفعيله، فنجد نفس المفهوم وقد تم إدماجه في المادة الخاصة بالتعليم في اتفاقية سيداو، وهي المادة 10(ج) الخاصة بالتعليم، حيث نادت بضرورة إزالة أي مفاهيم نمطية عن دور الرجل والمرأة في جميع مراحل التعليم، فنصت على:"القضاء على أي مفهوم عن دور الرجل ودور المرأة على جميع مستويات التعليم، وفي جميع أشكاله، عن طريق تشجيع التعليم المختلط وغيره من أنواع التعليم التي تساعد في تحقيق هذا الهدف، ولا سيما عن طريق تنقيح كتب الدراسة والبرامج المدرسية وتكييف أساليب التعليم".
ونلحظ هنا كذلك، استخدام المساواة بين الذكور والإناث كحُجّة للمطالبة بتشجيع التعليم المختلط، بما له من مساوئ، جعلت الكثيرين من الغربيين أنفسهم يتبنون الدعوة إلى فصل الذكور عن الإناث في التعليم حيث ثبت أفضلية ذلك لهم.
وفي تفسير هذه المادة جاء ما يلي :"يجب على الدول الأطراف القضاء على الأنماط الجامدة غير المتغيرة لدور الجنسين في النظام الدراسي وعن طريق الكتب المقررة المستخدمة في النظام الدراسي التي كثيرًا ما تقوي الأنماط الجامدة غير المتغيرة والتقليدية المنطوية على عدم المساواة وبخاصة في مجال العمل والمسئوليات الأسرية".[26]
كل تلك النصوص تؤكد أن المعني بالأدوار النمطية الجامدة، والتي تطالب الاتفاقية بتغييرها وتبديلها، هو دور الزوجة والأم، وذلك يتفق مع تركيز الاتفاقية على تلقي المرأة لنفس التعليم والتدريب وتوظيفها في جميع المهن التي يقوم بها الرجل، ويتفق مع المناداة بتعميم استخدام موانع الحمل؛ من أجل التفرغ لأعباء الوظيفة خارج البيت. ومما يؤكد هذا المفهوم ما جاء في أحد إصدارات الأمم المتحدة بعنوان (تغيير القيم في العائلة العربية)، والذي استنكر أن تعكس المناهج الدراسية صورة المرأة كأم، كذلك الخطاب الديني الذي يؤكد هذه الصورة، وبالتالي لم يحقق دفع المرأة إلى سوق العمل الأهداف المرجوة منه وهي تغيير نظرة المجتمع لدور المرأة، فقد ورد في ذلك الإصدار: "وقد تزامنت الدعوة لخروج المرأة للعمل مع الخطاب الأيديولوجي الذي يؤكد الدور التقليدي للمرأة كأم وزوجة، فالمدرسة لا تعكس صورة حقيقية للمرأة كإنسان نشط وفعال اجتماعيًا واقتصاديًا، بل غالبًا ما تصورها كامرأة ملتزمة بالإنجاب والأمومة".[27]
ولنستمع إلى شهادة من طبق مبدأ التساوي التام في مجتمعه، حيث يقول الباحث الطبيعي الروسي "أنطون نميلاف" في كتابه الذي أثبت فيه استحالة التساوي التام بين الرجل والمرأة، بتجارب العلوم الطبيعية ومشاهداته: "ينبغي أن لا نخدع أنفسنا بزعم أن إقامة المساواة بين الرجل والمرأة في الحياة العملية أمر هين ميسور.. الحق أنه لم يجتهد أحد في الدنيا لتحقيق هذه المساواة بين الصنفين مثل ما اجتهدنا في روسيا السوفيتية، ولم يوضع في العالم من القوانين في هذا الباب مثل ما وضع عندنا، ولكن الحق أن منزلة المرأة قلما تبدلت في الأسرة، لا في الأسرة فحسب بل قلما تبدلت في المجتمع أيضًا".
ويقول عن الفوضى الجنسية التي أحدثتها محاولات تطبيق المساواة: "الحق أن جميع العمال قد بدت فيهم أعراض الفوضى الجنسية، وهذه حالة جدُ خطرة، تهدد النظام الاشتراكي بالدمار، فيجب أن نحاربها بكل ما أمكن من الطرق؛ لأن المحاربة في هذه الجبهة ذات مشاكل وصعوبات، ولي أن أدلكم على آلاف من الأحداث، يعلم منها أن الإباحية الجنسية قد سرت عدواها ليس في الجهال الأغرار فحسب، بل في الأفراد المثقفين من طبقة العمال". ويقول الدكتور "ألكسيس كاريل" -الحائز على جائزة نوبل-: يجب أن يبذل المربون اهتمامًا شديدًا للخصائص العضوية والعقلية في الذكر والأنثى، كذا لوظائفهما الطبيعية. هناك اختلافات لا تنقص بين الجنسين، ولذلك فلا مناص من أن نحسب حساب هذه الاختلافات في إنشاء عالم متمدن[28].
ولاستكمال المنظومة اعتبرت تلك الاتفاقية أن الأمومة ليست صفة لصيقة بالمرأة اقتضاها تكوينها البيولوجى والنفسي، بل هى وظيفة اجتماعية يمكن أن يقوم بها أى إنسان آخر؛ لذا نادى تفسير الأمم المتحدة للاتفاقية بضرورة وضع نظام إجازة للآباء لرعاية الأطفال، وقد جاء إعلان بكين ليؤكد على نفس المطلب، بل وجعله هدفًا استراتيجيًا، فجاء ليحثِّ الحكومات على: "القيام عن طريق التشريعات، بتوفير الحوافز و/أو التشجيع على تهيئة الفرص للنساء والرجال على الأجازات الوالدية، وتشجيع التقاسم المتساوي لمسئوليات الأسرة بين الرجل والمرأة، بما في ذلك عن طريق التشريعات الملائمة والحوافز"[29]. كما حث على ضرورة توفير شبكات من دور رعاية الطفل حتى تتفرغ الأم لمهمتها الأساسية –وفقًا لمفهوم الاتفاقية- وهي العمل بأجر خارج البيت.
الفصل الثاني: أبرز القضايا ذات الصلة بشئون الأسرة التي تناولتها الاتفاقيات الدولية ورؤية نقدية لها
تمهيد:
هناك عدد من القضايا الهامة تتمحور حولها اتفاقيات الأمم المتحدة المتعلقة بالمرأة والطفل تمس الأسرة بشكل مباشرة، وتؤثر عليها تأثيرًا خطيرًا، من حيث التركيب، والقيم، والهوية، والتماسك. من أهم تلك القضايا قضية العلاقات الجنسية بين الرجل والمرأة خارج وداخل الأسرة بغض النظر عن الرباط الشرعي، وما تثمره تلك العلاقات من أبناء سواء كانوا داخل الإطار الشرعي أو خارجه، وكل ما يخص قوانين الأحوال الشخصية داخل الأسرة من: زواج، وطلاق، وقوامة، وولاية، وغيرها.. كل تلك القضايا يتم تناولها من منظور واحد: منظور تمكين المرأة، وتخليصها من أية قيود أو ضوابط يمكن أن تكون ملزمة لها حفاظًا على كيان الأسرة، وحفاظًا عليها هي ذاتها.
أولاً- العلاقات الجنسية:
تتبنى الاتفاقيات الدولية منظورًا واحدًا للعلاقات وهي أنها:
1- غير مرتبطة بالزواج الشرعي:
فالجنس في الثقافة الغربية هو كالماء والهواء، وأنه ضمن الاحتياجات الفسيولوجية للجسم، بما يعنى أنه لا يحق لكائن من كان أن يجبر آخر على أن يكبت رغبته الجنسية إلى مرحلة سنية معينة، وقد ورد في تقرير لجنة الخبراء الصادر عن قسم الارتقاء بالمرأة في الأمم المتحدة (DAW)، تحت عنوان (القضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضد الطفلة الأنثى): "كثير من أسوء أشكال العنصرية والعنف ضد الفتيات تحدث في بيوتهم ومجتمعاتهم، مجتمعات الرجال والأولاد دائمًا تركز على التحكم الجنسي والإنجابي. والكبت الجنسي للفتيات شاملاً التركيز الشديد على عذرية الفتاة وخصوبتها بما يقود للتميز وإذعان الفتيات".
بل إن لجنة مركز المرأة في الأمم المتحدة (CSW)، طالبت الحكومات - صراحة- بتحديد كل من السن القانوني لممارسة الجنس  minimum legal age of consent[30]، وسن الزواج[31] مع رفع سن الزواج إذا لزم الأمر. والبند في الوثيقة الإنجليزية:
"Review, enact and strictly enforce laws and regulations concerning the minimum legal age of consent and the minimum age for marriage, raising the minimum age for marriage where necessary".
ولتجنب المعارضة من الدول الإسلامية، يتم ترجمة المصطلح بشكل مختلف للغة العربية بحيث يتم استبدال عبارة (السن القانوني لممارسة الجنس) بعبارة (سن قبول الزواج) وبالتالي فالترجمة الرسمية للبند هي: "استعراض وإصدار قوانين ولوائح تتعلق بالحد الأدنى لسن قبول الزواج والحد الأدنى لسن إتمام الزواج والتقيد بإنفاذها، ورفع الحد الأدنى لسن الزواج حيثما تقتضي الضرورة".
وحيث أن الممارسة الجنسية مضمونة ومكفولة - في المجتمعات الغربية- لكل فرد مهما كان عمره أو وضعه، فإن تلك الوثائق تتعامل مع تبعات تلك الممارسة، وليس مع الممارسة نفسها، فنجدها تطالب –بدلاً من الدعوة إلى العفة والامتناع عن الممارسة خارج نطاق الزواج- بأن تكون الممارسة الجنسية (آمنة ومسئولة)، أي أن يقوم الطرفان باستخدام الوسائل المناسبة أثناء الممارسة؛ للوقاية من الحمل والإصابة بالأمراض التناسلية. الأمر الذى يتطلب –وفقًا لمنظومة الأمم المتحدة- ضرورة تثقيف الفتيات والنساء بكيفية التمتع بالعلاقات الجنسية دون حدوث الحمل أو الإصابة بأحد الأمراض التناسلية، وعلى رأسها الإيدز، وقد نصت وثيقة بكين على ذلك تحت عنوان (المرأة والصحة-بند93): "وحصول المراهقات على المشورة والمعلومات والخدمات فيما يتعلق بالصحة الجنسية والإنجابية لا يزال قاصرًا أو معدومًا تمامًا، وكثيرًا ما لا يؤخذ في الاعتبار حق الشابات في الخصوصية والسرية والاحترام والموافقة المستنيرة".
أى أن الوثيقة تنتقد عدم حصول المراهقات على خدمات الصحة الجنسية والإنجابية بسبب عدم إعطائهن الثقة Confidence والخصوصية Privacy والموافقة المستنيرة فيما يخص علاقاتها الجنسية!!.
وقد عرفت الوثيقة الصحة الإنجابية المطلوب توفيرها للفتيات والنساء على خدماتها بأنها: "تعنى  قدرة الناس على التمتع بحياة جنسية مرضية[32]، ومأمونة[33]، وقدرتهم على الإنجاب، وحريتهم في تقرير الإنجاب وموعده وتواتره "[34] (نلاحظ هنا أن الصحة الإنجابية مطلوب توافرها لكل الناس، على اختلاف أعمارهم، أو حالتهم الزواجية، بما يعني تقديمها كذلك للمراهقين والشباب إضافة إلى الأزواج).
وعلى الأباء –وفقًا للاتفاقيات- الاطمئنان على وجود الواقيات الذكرية وحبوب منع الحمل في حقائب أبنائهم!! وهو ما نص عليه صراحة (البند 108ل- بكين): "تصميم برامج محددة موجهة إلى الرجال من جميع الأعمار والمراهقين مع مراعاة أدوار الوالدين المشار إليها في الفقرة 107هـ تهدف إلى توفير معلومات كاملة ودقيقة عن السلوك الجنسي والإنجابي المأمون والمسئول بما في ذلك الاستخدام الطوعي لوسائل الوقاية الذكرية المناسبة والفعالية بغية الوقاية من فيروس الإيدز، والأمراض الأخرى التي تنتقل عن طريق الاتصال الجنسي".
وقد حرصت الوثائق الدولية على التأكيد على عدم الاكتفاء بأن يكون الجنس مُرضيًا ومأمونًا، وإنما يكون مسئول وبخاصة حينما تتوجه بالخطاب للرجال، ومن ذلك ما نص عليه (البند 93 – بكين): "وكثيرًا ما لا يتعلم الشبان احترام حق المرأة في تقرير المصير واقتسام المسئولية مع المرأة في أمور الحياة الجنسية والإنجاب".
كما تعتبر الوثائق قوامة الرجل في الأسرة – والتي تشير إليها بانعدام المساواة في علاقات القوة بين الرجل والمرأة – من أسباب تعويق حصول المرأة على الجنس الآمن (حيث أن الزوج قد لا يوافق على استخدام تلك الوسائل)- كما في (البند 98 – بكين): "الضعف الاجتماعي وانعدام المساواة في علاقات القوة بين النساء والرجال هما من العقبات التي تعترض الممارسة الجنسية المأمونة".
"والعوائق من قبيل عدم التوازن في العلاقات بين الرجال والنساء؛ حيث لا تملك المرأة غالبًا القدرة على الإصرار على الممارسات الجنسية المأمونة والمسئولة، وإن انعدام الحوار بين الرجال والنساء بالنسبة إلى احتياجات المرأة الصحية يؤدي إلى أمور منها تعريض صحة المرأة للخطر وبخاصة من زيادة قابليتها للإصابة بفيروس نقص المناعة البشرية الإيدز" (البند 12-بكين+5)؛ لذا تضع الوثيقة هدفًا استراتيجيًا تطالب فيه الحكومات بـ: "تمكين جميع الأفراد ذوي الأعمار المناسبة من الحصول على رعاية الصحة الإنجابية وذلك في أقرب وقت ممكن على ألا يتجاوز عام 2015"(البند 106ط- بيكين).
كذلك: "الاعتراف بحق الجميع أزواجًا[35] وأفرادً بحريتهم في تقرير الإنجاب[36]وموعده وتواتره، والوصول بسهولة لوسائل مقبولة ورخيصة وفعالة وآمنة لمنع الحمل"[37]
وكي لا يفهم خطأ أن تلك البنود موجهة للمتزوجين فقط، بل للمراهقين والمراهقات بالدرجة الأولى، حيث نص البند (البند 281هـ -بكين) على: "ضمان تثقيف البنات ونشر المعلومات بينهن وبخاصة بين صفوف المراهقات فيما يتعلق بفسيولوجية الإنجاب والصحة الإنجابية والجنسية على النحو المتفق عليه في برنامج عمل المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، وعلى النحو المحدد في تقرير ذلك المؤتمر، وممارسة تنظيم الأسرة بشكل يتسم بالمسئولية. ونص (البند 95-بكين): "والاهتمام بوجه خاص بتلبية الحاجات التثقيفية والخدمية للمراهقين؛ كي يتمكنوا من معالجة الجانب الجنسي من حياتهم معالجة إيجابية ومسئولة".
وهكذا أكدت الوثيقة على أهمية تزويد المراهقة بالمعلومات الجنسية Sexual Information لتفادي حدوث حمل غير مرغوب فيه أو الإصابة بالإيدز، فالمشكلة –وفقًا للاتفاقيات الدولية- ليست في ممارسة العلاقات الجنسية غير المشروعة، وإنما تكمن المشكلة في نقص المعلومات الجنسية Lack of Sexual Information الناتج عن عدم تعليم الجنس بصورة صحيحة؛ مما يتسبب في حدوث الحمل غير المرغوب فيه أو انتقال عدوى الإيدز!!
ويؤكد ذلك المعنى، تقرير صندوق السكان بالأمم المتحدة UNFPA لعام 2005: "وعلى الرغم من أن معظم الناس يبدأون تجاربهم الجنسية أثناء المراهقة، تواجه الفتيات المراهقات، ويواجه المراهقون الذكور صعوبة في الحصول على الرفالات (العوازل الطبية) ولا يعرف كثيرون منهم كيف يستخدمونها استخدامًا صحيحًا".
وتتمادى تلك الوثائق في مطالبها الشاذة، إذ تصر على إعطاء الفتاة الحق في تحديد هويتها الجنسية  Sexual Identity[38]، ومن ثم تحديد ميلها أو توجهها الجنسي Sexual orientation، بمعنى أن يعطي كل الأفراد الحق في ممارسة الشذوذ الجنسي استنادًا إلى القاعدة سالفة الذكر.
وتأتي هنا محاولة فصل التوجه الجنسي عن الهوية الجنسية؛ للإيحاء بأنهما شيئين مختلفين يمكن أن ينفصلا، وللتأكيد على أن توجه (ميل) الشخص الجنسي سواء للذكور أو الإناث لا يشترط أن يتوافق مع تركيبه البيولوجي، بمعنى أنه يمكن للفتاة أن تميل لفتاة مثلها جنسيًا بدعوى أن هويتها الجنسية غير متوافقة مع تركيبها البيولوجي، ونفس الشيء بالنسبة للذكر[39].
وقد ورد في تقرير لجنة الخبراء الصادر عن قسم الارتقاء بالمرأة بالأمم المتحدة (DAW) لعام 2007م، تحت عنوان "القضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضد الطفلة الأنثى"، تحت عنوان (الفتيات السحاقيات Lesbian girls): "الفتيات تنمو وتكتشف الهوية الذاتية الجنسية وربما وجدوا توجهات جنسية تختلف عن القيم السائدة، مجموعات الفتيات القاصرات يواجهن اعتداءات وعنصرية وهن ضحايا العنف الناتج من الهجوم والضرب والاعتداء (لتعليمهن الممارسة التى يجب أن يفضلنها) والتعذيب والقتل، مقترف هذه الجرائم عادة يكون من أعضاء المجتمع من العائلة والشرفاء والبوليس. الفتيات السحاقيات كمجموعة لم تظهر في المجتمعات ومن الصعوبة أن يجدن أماكن آمنة؛ ليشرحن وجهات نظرهن ومخاوفهن ويجدن الدعم".
بمعنى أن الفتيات السحاقيات يعانين من الإيذاء من أسرهن، خاصة عندما تجبرهن أسرهن على الزواج من رجال، ويعدّ هذا –وفقًا للاتفاقيات الدولية- عنفًا ضد هؤلاء السحاقيات، وتطالب بتوفير المناخ الآمن لهن للتعبير عن أنفسهن وميولهن بحرية!!
2- فرض القيود على العلاقات الجنسية في إطار الزواج:
في حين تعطي الوثائق الدولية مطلق الحريات للأفراد في ممارسة العلاقات الجنسية بدون أى قيد أو شرط، تضع قيود عديدة على نفس الممارسة إذا كانت ستتم في إطار الزواج. من تلك القيود:
·       تجريم الزواج تحت سن الثامنة عشر: واعتباره عنفًا ضد الفتاة؛ حيث يعد من منظور الاتفاقيات الدولية زواجًا مبكرًا[40]، واعتباره ضمن الممارسات الضارة، والمطالبة برفع سن الزواج وتوحيده من منطلق المساواة بين الفتى والفتاة.
ومما ورد في المؤتمر الدولي للسكان عام 1994م بهذا الشأن: "ينبغي على الحكومات أن تزيد السن الأدنى عند الزواج حيثما اقتضى الأمر، وعلى الحكومات والمنظمات غير الحكومية توفير الدعم الاجتماعي اللازم؛ لإنفاذ القوانين المتعلقة بالسن الأدنى الشرعي عند الزواج، ولا سيما بإتاحة بدائل تغني عن الزواج المبكر من قبيل توفير فرص التعليم والعمل".
·       تجريم معاشرة الزوجة إذا لم يكن بكامل رضاه، وذلك انطلاقًا من مبدأ (جسد المرأة ملك لها Your body is your own) ومن ثم تعطي تلك الاتفاقيات الزوجة الحق في الامتناع عن زوجها، وعدم الاعتداد بأى عرف أو دين أو قانون تنص تعليماته على عكس ذلك، فإذا وطأها بغير كامل رضاها، اعتبرت هذه جريمة يعاقب عليها القانون، وتسمى بـ (الاغتصاب الزوجي) [41].
وقد طالبت وثيقة (بكين+5) بضرورة التعامل جنائيًا مع ما أسمته بالاغتصاب الزوجي ومعاقبة الزوج عليه كما في (البند 69d - بكين+5): "وضع التشريعات و/أو تعزيز الآليات المناسبة لمعالجة المسائل الجنائية المتعلقة بجميع أشكال العنف العائلي بما في ذلك الاغتصاب في إطار الزواج والإيذاء الجنسي للنساء والفتيات وكفالة سرعة تقديم هذه القضايا للعدالة".
·       الاعتراض على حق الزوج الطبيعي في وطء زوجته، واعتباره استغلالاً جنسيًا، ففي تقرير اليونيسيف عن العنف المنزلي يونيو2000: "إن الاعتداء الجنسي والاغتصاب بين الأزواج لا يُعد جريمة في معظم الدول،.... المشكلة هنا أن المرأة بمجرد أن توقع على عقد الزواج فإن الزوج له الحق اللامحدود في الاتصال الجنسي مع زوجته"!!
ثانيًا- منظومة الأحوال الشخصية[42]:
وتجعل اتفاقية سيداو[43] من نفسها المرجعية والبديل التشريعي لقوانين الأسرة والمرأة لكل بلاد العالم، وأخطر بنودها المتعلقة بالأسرة بندى (15-16)، إذ تنص المادة (15) من اتفاقية "السيداو" على :
"1- تمنح الدول الأطراف المرأة المساواة مع الرجل أمام القانون.
2- تمنح الدول الأطراف المرأة في الشئون المدنية أهلية قانونية مماثلة لأهلية الرجل، ونفس فرص ممارسة تلك الأهلية، وتكفل للمرأة -بوجه خاص- حقوقًا مساوية لحقوق الرجل في إبرام العقود وإدارة الممتلكات، وتعاملها على قدم المساواة في جميع مراحل الإجراءات المتبعة في المحاكم والهيئات القضائية.
3- توافق الدول الأطراف على اعتبار جميع العقود وسائر أنواع الصكوك الخاصة التي لها أثر قانوني يستهدف تقييد الأهلية القانونية للمرأة باطلة ولاغية.
4- تمنح الدول الأطراف الرجل والمرأة نفس الحقوق، فيما يتعلق بالقانون المتصل بحركة الأشخاص وحرية اختيار محل سُكناهم وإقامتهم".
ونلحظ أن هذه المادة تتعلق بمسألة أهلية المرأة في الشئون المدنية وهى مشكلة غربية بالأساس، وليس بالضرورة أن تعاني المرأة في العالم بأسره مما تعاني منه المرأة في الغرب، ففى حضارات بأكملها احتفظت النساء بالذمة المالية المستقلة وبشخصيتها القانونية المستقلة عن أهلها وعن زوجها، وتعترف الكثير من الثقافات بأهلية نسائها في تحرير العقود والالتزام بنصوصها.
فالمرأة في الإسلام منذ أكثر من أربعة عشر قرنًا تتمتع بذمة مالية مستقلة تمامًا عن ذمة الرجل، وأهلية كاملة لا تقل عن أهلية الرجل المالية، فلها حق تملك جميع أنواع العقارات والمنقولات والأموال السائلة كالرجل سواء بسواء، ولها حق التصرف فيما تملكه، فلها أن تبيع وتشترى وتقايض وتهب وتوصي وتقرض وتقترض وتشارك وتضارب وتوقف وترهن وتؤجر.. إلخ، وتصرفاتها نافذة بإرادتها الذاتية، ولا يتوقف شيء من ذلك على رضا أب أو زوج أو أخ.
إلا أن البند 4 من المادة (15) يحمل إشكالية أخرى تدفعنا للحديث عن ثلاثة أمور:
أول:أنه ليس في البند أية إشارة إلى كون المرأة زوجة من عدمه، ومن ثم فهو يشمل حق الفتاة -الابنة- في الاستقلال بالسكن بعيدًا عن الأبوين، الأمر الذى يعرض الفتاة للانحراف بشكل مؤكد.
ثانيً: هو المتعلق بحركة الأشخاص وانتقالهم، وهو ربما تتماس مع قضية سفر المرأة المسلمة التى وضع الإسلام لها بعض الضوابط، وهى أن تسافر مع محرم أو في رفقة آمنة وبإذن زوجها، وذلك تحقيقًا لهدفين:
- توفير الحماية والأمن للمرأة على نفسها.
- والحفاظ على متانة العلاقة الأسرية وتماسكها؛ إذ توجب الشريعة على الزوج ألا يستخدم حق الإذن إلا لتحقيق مصلحة مشروعة للأسرة تعلو على مصلحة الزوجة في السفر، كما أن للزوجة أن تعترض على سفر الزوج إذا أصابها وأطفالها ضرر من سفره.
ثالثً: منزل الزوجية، وعما إذا كان هو محل سكن الزوجة أم لا، وهى قضية تتصل باستقرار محل الزوجية، واعتباره سكنًا لكلا الزوجين، وهو أحد مترتبات عقد الزواج ضمنًا، ومن ثَمَّ فإن النص على حرية اختيار محل السكن ربما يوحى بحق المرأة في أن يكون لها سكن آخر غير محل سكن الزوجية، تقيم فيه استقلالاً دون الزوج، وهو الأمر الذى يستلزم توضيح رأى الشريعة التى تقرر:
 أ- اعتبار مسكن الزوجية أثرًا من آثار عقد الزواج القائم على رضا الطرفين واختيارهما.
ب- استقرار الحياة الاجتماعية الذي يفرض توحيد محل سكن الزوجية المشترك بين الزوجين.
ج- سكن الزوجية هو سكن للمرأة، تشارك في اختياره والموافقة عليه سلفًا قبل الزواج، مع حق الزوج في الانتقال بزوجته حيث يشاء وهذا الحق يستند إلى قوله تعالى: (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنتُم) [الطلاق من الآية 6].
وهو ما اعتبرته النسويات من صور (التمييز) في الأسرة العربية: "لا حرية للمرأة في اختيار المسكن وهي مجبرة على أن تتبع زوجها وتسكن معه حيث يشاء"[44]، وفى الكتاب الصادر عن لجنة السيداو –المكلفة من قبل الأمم المتحدة بمتابعة تطبيق الاتفاقية- والذى ضمنته تحليل وتفسير لمواد الاتفاقية في عام 1994 ذكرت: "إن القانون الذى يجعل مسكن المرأة الدائم متوقفًا على مسكن زوجها يعد تمييزًا"[45]
 وتنص المادة (16) من نفس الاتفاقية على:
"1- تتخذ الدول الأطراف جميع التدابير المناسبة؛ للقضاء على التمييز ضد المرأة في كافة الأمور المتعلقة بالزواج والعلاقات الأسرية، وبوجه خاص تضمن -على أساس تساوي الرجل والمرأة-:
(أ) نفس الحق في عقد الزواج.
(ب) نفس الحق في حرية اختيار الزوج، وفي عدم عقد الزواج إلا برضاها الحر الكامل.
(ج) نفس الحقوق والمسئوليات أثناء الزواج وعند فسخه.
(د) نفس الحقوق والمسئوليات كوالدة، بغض النظر عن حالتها الزوجية، في الأمور المتعلقة بأطفالها، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هى الراجحة.
(هـ) نفس الحقوق في أن تقرر بحرية وبشعور من المسئولية عدد أطفالها، والفترة بين إنجاب طفل وآخر، وفى الحصول على المعلومات، والتثقيف، والوسائل الكفيلة بتمكينها من ممارسة هذه الحقوق.
(و) نفس الحقوق والمسئوليات فيما يتعلق بالولاية والقوامة والوصاية على الأطفال وتبنيهم، أو ما شابه ذلك من الأنشطة المؤسسية الاجتماعية، حين توجد هذه المفاهيم في التشريع الوطني، وفى جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هى الراجحة.
(ز) نفس الحقوق الشخصية للزوج والزوجة، بما في ذلك الحق في اختيار اسم الأسرة، والمهنة، والوظيفة.
(ح) نفس الحقوق لكلا الزوجين فيما يتعلق بملكية وحيازة الممتلكات، والإشراف عليها، وإدارتها، والتمتع بها، والتصرف فيها، سواء بلا مقابل أو مقابل عوض ذي قيمة.
2- لا يكون لخطوبة الطفل أو زواجه أي أثر قانوني، وتتخذ جميع الإجراءات الضرورية -بما فيها التشريع- لتحديد سن أدنى للزواج، ولجعل تسجيل الزواج في سجل رسمي أمرًا إلزاميًّا".
ونلحظ هنا أن هذه المادة هي من أخطر مواد الاتفاقية على الإطلاق، وهى تمثل مادة (حزمة)، حيث تضم مجموعة بنود تعمل على مستوى: زواج، طلاق، قوامة، وصاية، ولاية، حقوق وواجبات الزوجين، حقوق الأولاد.. باختصار: كل ما يمس الأسرة كمؤسسة ونظام قيم ونمط حياة.
فبمقتضى هذه المادة تصبح جميع أحكام الشريعة المتعلقة بالمرأة والأسرة لاغيه وباطلة ولا يصح الرجوع إليها أو التعويل عليها، ويبدو أن الأمر كما لو أن تلك الاتفاقية قد نسختها جميعًا؛ لأن أحكام الشريعة -وفقًا– لتلك المادة هي أحكام (تمييزية)، ونجد ذلك واضحًا فيما صدر عن الإسكوا ESCWA[46]:  "حين تكرس قوانين الأحوال الشخصية التمايز بين الرجل والمرأة، فلا تعطي للمرأة الحق في الزواج إلا بوكالة الرجل (الأب) وموافقته، ولا تمنحها حق الطلاق إلا عن طريق إقامة دعوى أمام القاضي تثبت بها عدم وفاء الزوج بالتزاماته "المادية"!! ولا تجيز حقها في السفر إلا بموافقة الزوج، ولا تقر لها الحق في الزواج من رجال الديانات الأخرى في كل الأديان[47]، ولا تجيز لها أيضًا إعطاء جنسيتها لأولادها من الزوج الذي لا يحمل جنسيتها..إلخ"[48].
كذلك ورد في ندوة إقليمية عقدت في الأردن عام 2006م بعنوان (المرأة والهجرة وحقوق الإنسان) ما يلي:
"من خلال رصد قوانين الأسرة وجدنا أن أبرز صور (التمييز) في قوانين الأسرة:
أولاً- اعتبار كل ما يلي (تمييزًا) ضد المرأة في الزواج:
1-    الرجل رأس المرأة والعائلة.
2-    طاعة المرأة للرجل.
3-    لزوم البكارة عند الزواج.
4-    إذن الزوج للخروج من البيت.
5-    إذن الزوج في اختيار الأصدقاء، ومعاشرة الناس.
6-    إذن الزوج للعمل خارج البيت.
7-    عدد الأطفال والمهلة بينهم راجع للزوج.
8-    على المرأة أن تلبي زوجها دائمًا في العلاقات الجنسية عند الطلب.
9-    تعدد الزوجات.
10- حق التأديب.
11- سقوط حق المرأة في المهر، والبائنة إذا كانت مسئولة عن انحلال الزواج.
ثانيًا- اعتبار كل ما يلي (تمييزًا) ضد المرأة في الطلاق أو فسخ الزواج:
1-    طلاق المرأة بإرادة منفردة أي بدون علمها، وبدون سبب ودون المثول أمام القاضي.
2-    عدم المساواة في أسباب الطلاق أو فسخ الزواج بين الرجل والمرأة.
3-    تفويض طلاق المرأة لغير الزوج.
4-    عدم إمكان المرأة الطلاق إلا بدفع مبلغ من المال إلى الزوج أو اللجوء إلى المحكمة في حالات استثنائية ومحدودة.
5-    حق الحضانة للأم حتى سن السابعة للذكر والتاسعة للأنثى.
6-    العدة من ثلاثة أشهر حتى عشرة أشهر.
7-    على المرأة الإفصاح عن الحمل لزوجها خلال ثلاثين يومًا من إعلان الطلاق.
8-    سقوط حق المرأة المخطئة بمهرها أو بجهازها.
9-    حق الزوج في حالة الطلاق الرجعي أن يعيد زوجته دون رضاها.
ثالثًا- اعتبار كل ما يلي (تمييزًا) ضد المرأة في الحضانة والولاية على الأطفال:
1-    تقديم الأب وبعض الذكور في العائلة على الأم في حق الولاية على الأولاد.
2-    حضانة الولد تعود إلى الأم إذا كانت غير متزوجة برجل غير والده وعرفت بحسن السلوك والأخلاق والقدرة على تربية ولده.
3-    تحديد مدة الحضانة دون أخذ مصلحة الولد بالاعتبار.
4-    إرغام الأم على إرضاع الولد لمدة سنتين.
رابعًا- اعتبار كل ما يلي (تمييزًا) ضد المرأة في الإرث:
1-    للذكر مثل حظ الأنثيين (عند المسلمين).
2-    إرث الزوجة من الزوج نصف إرث الزوج من الزوجة (عند المسلمين).
وعدّت الندوة من العوامل التي تساهم (بالتمييز) ضد المرأة أن:
·       تتأثر القوانين عميق التأثر بالأفكار المقبولة الراسخة في التقاليد الاجتماعية والافتراضية بشأن الأدوار غير المتساوية من الجنسين (وذلك في إشارة إلى الدين الإسلامي الذي يعطي القوامة للرجل).
·       تخضع القوانين المتعلقة بالعائلة للقوانين والمحاكم الدينية، وبذلك تكون الدولة قد أناطت الشئون التي تطال المرأة إلى حد بعيد بمؤسسات منحازة إلى هذا المجال. وأيًّا كان الدين، فإن القوانين المتعلقة بالعائلة تستند إلى الافتراض بأن الزوج هو معيل العائلة وربها، بينما تعتبر المرأة متلقية العناية والإرشاد. وعليه فإن العلاقة بين الزوج وزوجته طبقية وغير متساوية في طبيعتها"[49].
ومن ثم نرى أن الفكر الأنثوي قد انتقل إلى العالم العربي والإسلامي من خلال نساء تبنين هذا الفكر، وعملن على ترويجه من خلال مؤتمرات وندوات إقليمية، مثل تلك الندوة التي أشرنا إليها، والتي تعتبر أن تقسيم الأدوار بين الزوجين، التقسيم الفطري والطبيعي الذي تمليه فطرة الإنسان، من إعطاء القوامة للرجل في الأسرة، وقيامه بإعالة الأسرة، وقيام المرأة بإنجاب الأطفال وتربيتهم ورعاية أسرتها، من عوامل (التمييز ضد المرأة)، وبالمثل أية فوارق بين الرجل والمرأة في التشريعات – والنابعة في الأساس من الفوارق الخلقية والبيولوجية بينهما- تعدّ تمييزًا ضد المرأة!!
وقد تحفظت معظم الدول الإسلامية على تلك المادة [50] لتعارضها الواضح مع ثوابت الشريعة الإسلامية[51].
     قضية النسب:
تعمل اتفاقية "سيداو" على فرض التساوي التام بين الأم المتزوجة، وغير المتزوجة في الحقوق وفي الأوضاع الاجتماعية وفي كل شيء، حتى فيما يخص الأطفال ثمرة العلاقة الجنسية، مشروعة أو غير مشروعة، وأخطر ما في ذلك قضية النسب، فتساوي الأطفال غير الشرعيين بالشرعيين يعني حصول غير الشرعيين على نسب الزاني، في مخالفة صريحة للقاعدة الفقهية المعروفة: "إبن الزنا ماؤه هدر"، فالبند (د) من اتفاقية "السيداو" يفصل بين مسئولية الأم كوالدة ووضعها كزوجة، حيث ينص على: "نفس الحقوق والمسئوليات كوالدة بغض النظر عن حالتها الزوجية في الأمور المتعلقة بأطفالها وفي جميع الأحوال تكون مصالح الأطفال هي الراجحة".
وتعلق لجنة سيداو الدولية –المكلفة بمتابعة السيداو– على هذه النقطة فتقول: "كشفت تقارير الدول الأطراف عن عدم منح الأبوين نفس الوضع إذا كانا غير متزوجين، ولا يتمتع أطفال هذه العلاقات بنفس الوضع الذى يتمتع به الأطفال المولودون في علاقة زوجية "[52]، ومن ثم تضغط الأمم المتحدة باتجاه منح الأطفال غير الشرعيين نفس الحقوق التي يتمتع بها الأطفال الشرعيين من حيث النسب والميراث وغيرها.
والشريعة الإسلامية تضع أحكامًا خاصة بثبوت النسب وغير ذلك، في حالة ما إذا كان الحمل نتيجة زواج أم لا[53].
أما عن المنهج الشرعى في إثبات النسب، فقد روي البخاري ومسلم وغيرهما‏،‏ عن عائشة رضي الله عنها قالت‏:‏ قال سعد‏:‏ يا رسول الله ابن أخي عتبة ابن أبي وقاص عهد إليه أنه ابنه‏،‏ أنظر إلى شبهه‏،‏ وقال عبد بن زمعة‏:‏ هذا أخي يا رسول الله‏,‏ ولد علي فراش أبي،‏ فنظر الرسول صلى الله عليه وسلم‏ فرأي شبها بيّنا بعتبة‏..‏ فقال‏:‏ هو لك يا عبد بن زمعة‏، الولد للفراش وللعاهر الحجر، وذكر الإمام ابن حجر في فتح الباري. وقد اتفق الفقهاء على أن ابن الزاني لا يلحق به ، لأن النسب نعمة، والزنى جريمة لا يمكن أن تترتب عليها هذه النعمة، وطالما أن الولد ولد على فراش الزوجية الشرعية، فهو ينسب للزوجين.
     القوامة:
يتجاهل البندان (هـ) و (و) وضع الأسرة كمؤسسة مكونة من زوجين، القوامة فيها للزوج (الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء: 34] كما أن له أيضًا الولاية على الصغار، رغم أن هذا لا يعنى انفراد الزوج بتحديد القرارات دون رأي الزوجة، فالأمر شورى ومحصلة توافق آراء، مع ترجيح رأي الزوج الذي لا يسيء استعمال حقوقه، أو يتعسف في استعمالها.
في حين تعد الأمم المتحدة تلك القوامة عنفًا ضد المرأة، حيث ينص (البند 82) من تقرير قسم الارتقاء بالمرأة بالأمم المتحدة لعام 2004 تحت عنوان: (دور الرجال والصبية في تحقيق مساواة الجندر): "أي شكل من أشكال العنف يستخدم للإبقاء على الأدوار الجندرية الجامدة، والعلاقات غير المتساوية كما هي عليه، بمعنى أنه آلية سياسة لإبقاء وضع النساء، (والأنواع المختلفة من الرجال) كما هي عليه، وللتأكيد على (من يملك القوة، ومن يملك صنع القرار) وتعني تلك التعريفات، أن كل ما يضع الرجل في درجة أعلى من المرأة يُعد عنفًا .. وبالتالي قوامة الزوج على زوجته وأسرته يُعد "عنفًا مبني على الجندر  Gender based violence"، تجب -من منظور الأمم المتحدة - محاربته وإيقافه. (لاحظ :الأنواع المختلفة من الرجال التي وردت في التقرير، وفيها إشارة إلى الشواذ من الرجال).
  تعددالزوجات:
 طبقًا للاتفاقية، منح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة في عقد الزواج، يستلزم إما منح المرأه الحق في أن تعدد الأزواج، أو حرمان الرجل من هذا الحق، وقد علقت لجنة السيداو على تقارير الدول في هذه النقطة بما يلى:
"كشفت تقارير الدول الأطراف عن وجود ممارسة تعدد الزوجات في عدد من الدول، وإن تعدد الزوجات يتعارض مع حقوق المرأة في المساواة بالرجل، ويمكن أن تكون له نتائج انفعالية ومادية خطيرة على المرأة وعلى من تعول، ولذا فلا بد من منعه "وتستنكر اللجنة التناقض في مواقف الحكومات التى تنص دساتيرها على المساواة بين الرجل والمرأة، وفى الوقت ذاته تسمح بانتهاك هذا الحق بموجب قوانين أحوال شخصية أو عرفية، فتعلق عقب هذا بـ "إن العديد من الدول تعتمد في حقوق الزوجين على تطبيق مبادئ القانون العام أو القانون الدينى أو العرفى بدلاً من الاتفاقية"[54].
عولمة الفكر الأنثوي عبر هيئة الأمم المتحدة
تأسست لجنة مركز المرأة Commission on the Status of Women (CSW) سنة 1946م، كهيئة رسمية دولية تتألف من خمس وأربعين دولة من الدول الأعضاء، تجتمع سنويًا؛ بهدف دراسة أوضاع النساء على النطاق العالمي، وعمل مسودات وتوصيات وتقارير، ووضع توصيات خاصة بالمرأة، وبشكل خاص: تمكين المرأة Woman Empowerment ، ومساواة الجندرGender Equality.
وقد أصدرت اللجنة خلال السنوات العشر ما بين عامى 1949م و1959م عددًا من الاتفاقيات للمرأة ركزت فيها على قضية المساواة التامة بين المرأة والرجل بالمفهوم الغربي كقيمة مطلقة، واستخدمت قضية المساواة هذه في تمرير كثير من القضايا التي تنادي بها الأمم المتحدة؛ لعولمة النموذج الأنثوي للمرأة في جميع مجالات الحياة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والأخلاقية والثقافية والإعلامية.
عولمة الفكر الأنثوي عبر هيئة الأمم المتحدة:
تقول "ويندي رايت" رئيسة منظمة نساء من أجل أمريكا Women for America: "إن لجنة المرأة بالأمم المتحدة إنما تفرض النسوية الراديكالية على العالم"، كما وصفت رايت اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة (سيداو) Convention on the Elimination of all forms of discrimination Against Women CEDAW قائلة في تقرير نشرته صحيفة واشنطن تايمز وأثناء مؤتمر عُقد في مؤسسة هيرتاج، وهو معهد أبحاث مقره واشنطن العاصمة: "إن الاتفاقية كانت سلاحًا لإجبار البلدان على التوقيع على اتفاقيات للحد من النسل ولدعم الحقوق المدنية للمثليين والمثليات جنسيًا".
وتقول الأستاذة الأمريكية كاثرين فورث: "إن المواثيق والاتفاقات الدولية التي تخص المرأة والأسرة والسكان تصاغ الآن في وكالات ولجان تسيطر عليها فئات ثلاث: الأنثوية المتطرفة، وأعداء الإنجاب والسكان، والشاذون والشاذات جنسيًّا، وإن لجنة المرأة في الأمم المتحدة شكلتها امرأة اسكندنافية كانت تؤمن بالزواج المفتوح، ورفض الأسرة، وكانت تعتبر الزواج قيدًا، وأن الحرية الشخصية لابد أن تكون مطلقة".
والسؤال الذى يفرض نفسه هنا: ما هى النسوية الراديكالية التى حذرت منها رئيسة منظمة نساء من أجل أمريكا، وهل يتطابق ما تنادي به مع بنود الاتفاقيات الدولية؟ بعبارة أخرى هل تعكس مطالبات الهيئة الدولية الفكر الأنثوي الراديكالي رغم قلة معتنقيه ولكن توليهم مناصب حساسة ووصولهم إلى دوائر صنع القرار في الهيئة الدولية هو الذي ساعد على عولمة ذلك الفكر الشاذ الذي ينافي القيم الدينية وترفضه الفطرة البشرية؟
o  الأنثوية (النسوية) Feminism:
نظرًا لتنوع تيارات الأنثوية، وأشهرها الليبرالية والاشتراكية والراديكالية، يصعب تحديد تعريف واحد لها، وقد يطلق البعض مصطلح (النسائي) على الحركات النسائية الليبرالية، ومصطلح (النسوى) على تلك التى تنحى منحى راديكالي...إلخ [55]
يقول العالم والمفكر الكبير الدكتور عبد الوهاب المسيرى –رحمه الله-: "ظهر منذ عدة سنوات مصطلح هو Feminism وحل محل المصطلح الأولWomens Liberation Movement أي حركة تحرير المرأة، وكأنهما مترادفان أو كأن المصطلح الأخير أكثر شمولاً من المصطلح الأول، ولكن لو دققنا النظر لوجدنا أن هناك مدلولين مختلفين تمام الاختلاف: (حركة تحرير المرأة) و (حركة التمركز حول الأنثى) هما حركتان مختلفتان، بل ومتناقضتان؛ فحركة تحرير المرأة هى: حركة اجتماعية، بمعنى أنها تدرك المرأة باعتبارها جزء من المجتمع، ومن ثم تحاول أن تدافع عن حقوقها داخل المجتمع، ورغم أن هذه الحركة علمانية في رؤيتها تستند إلى فكرة العقد الاجتماعي والإنسان الطبيعي....إلا أن مثلها الأعلى يحوي داخله أبعادًا إنسانية واجتماعية لعلها بقايا المجتمع التقليدي الغربي، ومع تصاعد معدلات العلمنة بدأت هذه البقايا في التبخر وتراجع البعد الاجتماعي، وتم إدراك الأنثى خارج أي إطار اجتماعي كأنها قائم بذاته، وظهرت نظريات تتحدث عن ذكورة وأنوثة اللغة والفهم الأنثوي للتاريخ، والجانب الذكوري أو الأنثوي في رؤية الإنسان للإله".
ويتابع قائلاً: "أي أننا هنا لسنا أمام قضية حقوق المرأة الاجتماعية والاقتصادية أو حتى الثقافية، وإنما أمام رؤية معرفية متكاملة نابعة من الإيمان بأن الأنثى كيان منفصل عن الذكر متمركزة حول ذاتها، بل وفي حالة صراع  كوني تاريخي معه ومن هنا تسميتنا لها"حركة التمركز حول الأنثى"[56].
وقد بالغ التيار الراديكالي، في المطالبة بالمساواة إلى حد التطابق التام وإلغاء كافة الفوارق بينهما، حتى الفوارق البيولوجية يتم تجاهلها وتجاهل أثرها الجوهري في تحديد أدوار كل منهما، ومن ثم ينظر للإنجاب نظرة سلبية ويرى فيه سببًا من أسباب دونية المرأة أو كما تطلق عليها زعيمة الأنثوية الوجودية سيمون دي بوفوار: (عبودية التناسل)، ويطالب بحرية الإجهاض، ويعتبر الاهتمام بالأسرة ورعاية الأولاد وتربيتهم عوامل معيقة لتحرر المرأة ونيلها كافة حقوقها، وأن الأمومة هي مسئولية المجتمع بأسره؛ حيث عليه أن يوفر دور حضانة لمدة 24 ساعة متواصلة. وبالتالي يعتبر هذا التيار الزواج قيدًا للمرأة يمنعها من ممارسة حريتها وتصبح خادمة للزوج مقابل إطعامها.
ومن ثم فليس غريبًا مطالبة أنصار هذا التيار بإلغاء الأسرة واعتبارها مؤسسة طالما أسهمت في قهر النساء، وتهاجم إحدى الرائدات الأنثويات "آن أوكلي" –على سبيل المثال– الأسرة نفسها، حيث تقول: "إن إلغاء دور ربة المنزل، وأيضًا ذلك الافتراض التلقائي بأن دور المرأة هو تربية الأطفال، هي خطوات ضرورية في اتجاه تحقيق المساواة التي تنشدها النساء وإن كانت هذه الخطوات هي في حد ذاتها ليست كافية، ذلك أنه ينبغي إلغاء مؤسسة الزواج أيضًا؛ لأنها معوق أساسي في سبيل المساواة بين الجنسين في مجال العمل"[57]
وعلى هذا يمكن القول بأن مصطلح Feminism: "حركة فكرية سياسية اجتماعية، متعددة الأفكار والتيارات، تسعى للتغيير الاجتماعي والثقافي وتغيير بنى العلاقات بين الجنسين وصولاً إلى المساواة المطلقة كهدف استراتيجي وتختلف نظرياتها وأهدافها وتحليلاتها تبعًا للمنطلقات المعرفية التى تتبناها.  "فهى لا تتبنى إصدار بعض القوانين الشكلية لتغيير أوضاع المرأة وإنما تريد تغيير الثقافة والعلاقات وصناعة أعراف وقيم جديدة"[58]. وتعمل على تحقيق أهدافها، عبر منظمات جماهيرية وجماعات ضغط ومؤسسات المجتمع المدني والتي هي قناة من قنوات ممارسة العمل السياسي، بل إنها الآن تمارس العمل السياسي على مستوى العالم عبر الضغط على مؤسسات الأمم المتحدة عبر المجلس الاقتصادي والاجتماعي  ECOSOC، وصناديق السكان  UNFPA، والطفل UNICEF، والمرأة UNIFEM، والتنمية UNDP، ولجنة المرأة CSW، ولجنة الطفل CRC، ومؤتمراتها المختلفة واتفاقياتها المتعددة.
توصيات الباحث
1.    ضرورة نشر الوعي لدى الشعوب بحقيقة ما تستبطنه الاتفاقيات الدولية من فكر هدام وتحذيرهم منه؛ حتى لا ينخدعوا بما تحمله تلك الاتفاقيات من شعارات براقة، وذلك من خلال الدعاة والوعاظ والمؤسسات التعليمية، ومنظمات المجتمع المدني المعنية بالحفاظ على الأسرة.
2.     ضرورة عرض كافة الاتفاقيات الدولية الخاصة بالمرأة والطفل وكذلك مشروعات القوانين  على أهل الاختصاص من علماء الشريعة والقانون -قبل إصدارها والتوقيع عليها-؛ لضبطها بميزان الشرع، ورفض ما يتعارض منها مع أحكام الشريعة الإسلامية ومقاصدها. ودعوة الحكومات الإسلامية إلى مراجعة الاتفاقيات التي تم التوقيع عليها للوقوف على البنود التي تتعارض مع الأحكام الشرعية، ورفض تلك البنود دون الإخلال بما اشتملت عليه من جوانب إيجابية متوافقة مع الشريعة الإسلامية.
3.     رفض ما يخالف نصوص الشريعة الإسلامية في الاتفاقيات والمواثيق الدولية، من بنود تدعو إلى إلغاء الفوارق الفطرية بين الرجل والمرأة، بما في ذلك التقسيم الفطري للأدوار بينهما من اختصاص الرجل بالقوامة، واختصاص المرأة بالأمومة، والتي تدعو كذلك إلى التساوي التام بين الذكر والأنثى في كل أحكام الأسرة من زواج وطلاق وميراث، وغير ذلك مما هو ثابت في الشريعة الإسلامية.
4.    التأكيد على التزام خصوصية الثقافة الإسلامية، والأحكام الشرعية، واحترام التحفظات التي تبديها الحكومات الإسلامية وممثلوها حيال بعض البنود المتعارضة مع الشريعة الإسلامية في المواثيق والاتفاقيات المتعلقة بالأسرة.
5.    طرح "ميثاق الأسرة في الإسلام" الذي وضعته اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، التابعة للمجلس الإسلامي العالمي للدعوة والإغاثة، والذي أجمعت عليه نخبة من علماء الأمة، للنقاش مع العلماء والمجامع الفقهية وعقد ندوات وحلقات نقاشية يطرح فيها الميثاق للتدارس والنقاش؛ بهدف الاستفادة منه في استنباط أحكام الأسرة، وتوصيله عن طريق المنظمات والجمعيات المعنية بالأسرة إلى كل أفراد الأسرة بهدف الإصلاح، والتأهيل للحياة الأسرية السعيدة.
6.    إدخال مفهوم الأسرة في مناهج التعليم في المراحل المختلفة مستقاة من الشريعة الإسلامية الحنيفة، وتعليم النشء المعنى الحقيقي للقوامة في  إطارها الشوري الصحيح بما فيها من التزام بالحقوق والواجبات والموازنة بينهما. مع التأكيد على احترام الأمومة ودور المرأة في بيتها.
والله المستعان، وهو يهدي السبيل
1-اضغط هنا
2-اضغط هنا
[3] - تقرير مؤتمر الأمم المتحدة العالمي للسكان، 1974، بوخارست، 19- 30 آب/ أغسطس 1974 (منشورات الأمم المتحدة، رقم البيع (A.75. XIII.3)) الفصل الأول.
[4] - الأمم المتحدة، تقرير المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة، والتنمية، والسلم، نيروبي، كينيا، 15- 26 تموز/ يوليه 1985، ص 57.
5-في قوانين بلدان المغرب العربي لمزيد من التفاصيل انظر رد تونس على استجوابات لجنة السيداو عام 2003  تم استبدال عبارة (رب الأسرة) وحق الطاعة ب(الشراكة)
اضغط هنا
[6]- الأمم المتحدة، تقرير المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: المساواة، والتنمية، والسلم، نيروبي، كينيا، 15- 26 تموز/ يوليه 1985، ص 106.
[7] - المرجع السابق، ص 61.
[8] -  المرجع السابق ، ص 46.
[9] - المقصود به ولاية الأب على الابنة، أو القوامة على الزوجة.
[10] - الأمم المتحدة، تقرير المؤتمر العالمي لاستعراض وتقييم منجزات عقد الأمم المتحدة للمرأة: مرجع سبق ذكره، ص 31.
[11] - المرجع السابق، ص 95.
[12] - المرجع السابق، ص 103.
[13] - المرجع السابق، ص 107.
[14] - مجلس السكان 2003 "أبي لم يكن يفكر بهذه الطريقة: الصبية النيجيريون يتأملون المساواة بين الجنسين" 2003.Quality/calidad/QUALITE. No. 14. . نيويورك : مجلس السكان.
[15]- عبدالله لؤلؤ، آمنة خليفة، الأسرة الخليجية: معالم التغيير وتوجهات المستقبل، من أكرم رضا قواعد تكوين البيت المسلم، مرجع سبق ذكره، ص51.
[16] - لم يقتصر هذا العبث على دراسات فردية لنسويات أمريكيات، بل سيتم عولمته عبر المنظمة الدوليةUN  حيث اجتمعت أكبر المنظمات العالمية لحقوق الإنسان وأشهرها على الإطلاق؛ لتضع معًا مسودة بيان يطالب بضمان كافة الحقوق للشواذ، على المستوى الدولي القانوني والتشريعي، وقد ساندت هذا البيان 66 دولة، وقد أرادوا عبر هذا البيان إبراز التنوع داخل هذه الفئة والسعي نحو إقرار دولي بحقوقهم ،حيث استبدلوا فيه كلمة شواذ Homosexuals بكلمة (LGBT)، والذى يرمز كل حرف في الكلمة الجديدة إلى نوع مختلف من الشواذ، فحرف (L) يرمز للسحاقيات (Lesbians)، وحرف (G) يرمز للشواذ الرجال (Gays)، وحرف (B) يرمز لمتعددي الممارسات (Bisexuals)، والحرف(T) يرمز للمتحولين (Transgender). من موقع منظمة هيومان رايتس ووتش
اضغط هنا
[17] - فهمي هويدي، مملكة النساء ليست حلاً، مركز الأهرام للتنظيم وتكنولوجيا المعلومات، الأهرام ، 29- أغسطس- 1995، الملف الوثائقي للمؤتمر العالمي الرابع للمرأة، بكين، ص 35.
[18] -  محمد عمارة ، مقدمة ميثاق الأسرة في الإسلام ،اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل ،2007 ، ص 14.
[19] - المؤتمر الدولي للسكان والتنمية، القاهرة، 1994، الفصل الخامس (أ)/ 5- 2/ أ.
[20] - المؤتمر العالمي الرابع المعني بالمرأة/ بكين 1995م: الفصل الثاني/ الفقرة (29).
[21] -لمزيد من التفاصيل حول تحفظات الدول على القاهرة للسكان، ووثيقة بكين انظر: اعتدال بنت عبد الرحمن إدريس، الحقوق الإنجابية والصحة الإنجابية في اتفاقية القضاء على كافة أشكال التمييز ضد المرأة، ومؤتمر السكان، ومؤتمر بكين في ميزان الشرع، رسالة ماجستير، الجامعة الأمريكية المفتوحة، قسم الدراسات الإسلامية والعربية، كلية أصول الدين ،2003.
[22] - المؤتمر الدولي المعني بالسكان، مكسيكو، 1984، الفصل الأول (ب) / ثالث، الفقرة (20)، التوصية 13.
-[23]  وثيقة عالم جدير بالأطفال، خطة العمل ألف-15.
[24] - مؤتمر القمة العالمي للتنمية الاجتماعية/ كوبنهاجن 1995: الفصل الرابع/ ز الفقرة 80.
[25] - صحيفة الشرق الأوسط- العدد (5487)- بتاريخ 23/ 6/1414ﮬ.
[26] - عواطف عبد الماجد، رؤية تأصيلية لاتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة، مركز دراسات المرأة، الخرطوم 1999،ص44.
27 -أوراق عمل قدمت في اجتماع خبراء الأمم المتحدة، أبو ظبى، 10.12. 1994.
[28]  - http://www.islamonline.net/discussiona/message.jspa?messageID=138413&tstart=0
[29] -إعلان ومنهاج عمل بكين، الهدف الاستراتيجى واو 6ج.
[30]- أي السن التي يسمح للفتاة فيها بممارسة الجنس، دون أن تقع تحت طائلة القانون.
[31]- الاستنتاج المتفق عليه الصادر عن الجلسة الواحدة والخمسين للجنة مركز المرأة بالأمم المتحدة، البند 13/k، مارس 2007.
[32] - مرضية أي بالشكل الذي يشبع الغرائز بغض النظر عن أي قيود دينية أو اجتماعية أو ثقافية أو قانونية.
[33]- فالجنس الآمن يعني ممارسة كافة الوسائل لإشباع الشهوة الجنسية بدون حدوث الحمل أو انتقال للأمراض الجنسية وعلى رأسها الإيدز، لذا يتم  تعليم الأطفال والمراهقين ضمن مواد تعليم الجنس Sex Education أن الممارسة التقليدية (الطبيعية) هي ممارسة خطرة؛ لأنها تتسبب في حدوث الحمل وتسبب انتقال الأمراض وعلى رأسها مرض الإيدز، بينما تعتبر الممارسات الشاذة بالنسبة للفتيات هي ممارسات آمنة، وإذا ما رغبت فيما أطلقوا عليه –ممارسات تقليدية –عليها أن تحتاط بوسائل منع الحمل وهو ما أسموه بالجنس المحمي.
[34] - إعلان ومنهاج عمل بكين، فصل المرأة والصحة، ج/94
[35] -أزواج وأفراد، والمقصود بأزواج Partners & couples والمقصود بها أي اثنين يعيشان معًا بغض النظر عن الجنس أو نوع الارتباط، أي المهم المساكنة (امرأة ورجل ، امرأتان ، رجلان ... إلخ) والأفراد أي فرد يعيش بمفرده ويتمتع بحيثياته الجنسية كيفما يشاء.
[36] - الحرية في تقرير الإنجاب، فللمرأة المراهقة الحرية الكاملة في اتخاذ قرار الإنجاب من عدمه بل وتحديد موعده وعدد المرات.
[37] - إعلان ومناهج عمل بكين، (ج) المرأة والصحة ، البند،95 94.
 [38]-الهوية الجنسية Sexual Identity: "هي إحساس الفرد بنفسه ذكر أو أنثى، بغض النظر عن تركيبه البيولوجي" ، فإذا كانت هويته الجنسية مطابقة لتركيبه البيولوجي، كان شخصًا طبيعيًّا، أما إذا كانت الهوية الجنسية لشاب ما أنثى (أي انه يسلك سلوك الأنثى)، ومن ثم فإن ميله الجنسي  Sexual orientation يكون نحو ذكر مثله، فيكون شاذًا homosexual وقد ظهر نوع ثالث يميل جنسيًّا نحو نفس جنسه، ونحو الجنس الثاني في نفس الوقت وهو ما يطلق عليه bisexual
43-وذلك طبقًا لما جاء في موسوعة ويكيبيديا العالمية (en.wikipedia.org/wiki/human_sexuality)
45- تعد الاتفاقيات الدولية سن الثامنة عشر هو سن انتهاء مرحلة الطفولة، وبالتالي تعد الزواج تحت سن الثامنة عشر هو زواج للأطفال، وعنفًا ضد الطفلة!!
46-الاغتصاب الزوجي Marital Rape:"طلب الشريك (الزوج وغيره) للقاء الجنسي دون رغبة الشريكة يعد اغتصاب زوجي يشمل أيضًا نوع الممارسة نفسها، وهو جزء من العنف المنزلي "( موسوعة الزواج -marriage.about.com - glossary)
48-مع الاعتراض على هذا المصطلح، كما يقول الشيخ محمد الغزالي في كتابه (كفاح دين): لا وجود لهذه التسمية (منظومة الأحوال الشخصية)  في ميدان الفقه الإسلامي؛ فشرائع الأسرة ليست أحوالاً شخصية تخص أصحابها وحدهم، ومن حقهم أن يبقوها إذا شاءوا أو يغيروها إذا شاءوا. ولا وجود لكلمة قوانين الأحوال الشخصية في كتبنا الفقهية كلها" ويبدو أن هذا المصطلح مترجم عن اللغة الفرنسية، فالإسلام لا يعرف التجزئة كما عرفتها العقلية والثقافة الغربية
49- سيداو اختصار لـ (اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة (Convention on the Elimination of all Forms of Discrimination Against Women CEDAW)،  وهي تعد (المتن) الذى كتبت عل هامشه جميع أعمال الأمم المتحدة من مؤتمرات (قمة دولية) في مجال المرأة، صدرت عن لجنة مركز المرأة عام1979 ، وقد سبقها إعلان بنفس الأسم عام 1967 ونظرًا لأن الإعلان لم يتخذ شكل اتفاقية تعاقدية – فإنه وبالرغم من هيبته الأدبية والسياسية – لم يضع أمام الدول التزامات واجبة التنفيذ. ومن هنا فإن اللجنة الخاصة بوضع المرأة أخذت في عام 1972 بدراسة الإمكانات لإعداد اتفاقية تجعل من الإعلان قوة ملزمة للمنضمين إليه، ولقيت فكرة إعداد مثل هذه الاتفاقية دعمًا كبيرًا لها في الخطة العالمية للعمل، المنبثقة عن المؤتمر العالمي للأمم المتحدة حول السنة الدولية للمرأة عام 1975، التي دعت إلى وضع "اتفاقية للقضاء على التمييز ضد المرأة، ووضع إجراءات فعالة لتنفيذها". وتعتبر هذه الاتفاقية نتيجة لسياسات (وضع الأجندة) Agenda Setting ، وهو مفهوم يلخص عملية تحديد الأولويات التى ينبغى على مختلف بلدان العالم التفكير بها والحوار حولها، وذلك من خلال انتقال الموضوعات ذات الاهتمام من قائمة أولويات الحضارة الغربية، إلى القائمة العامة لأولويات الشعوب (باختلاف ثقافاتها).

50- زينب مروة الصالح – حقوق المرأة والتشريعات الوطنية في لبنان – بحوث وأوراق عمل الندوة الإقليمية، المرأة والهجرة وحقوق الإنسان – مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية – جامعة اليرموك – أربد – الأردن – 2006 ص 523
51-  The Advancement of Women 1945-1995, The United Nations Blue Book  s  Series  VOL. ISBH92-1-1-100567 United nation publication p11.
52- المجلس الاقتصادي والاجتماعي بالأمم المتحدة لغرب آسيا.
[47] -النقمة من الأنثويات على كل الأديان؛ إذ أن الأديان السماوية كلها لا تعترف بزواج نساءها من رجال دين آخر.
54- سلسلة دراسات عن المرأة العربية في التنمية - تغير القيم في العائلة العربية – بيروت. ص 11 ، ص 12
[49] - زينب مروة الصالح – حقوق المرأة والتشريعات الوطنية في لبنان – بحوث وأوراق عمل الندوة الإقليمية، المرأة والهجرة وحقوق الإنسان – مركز دراسات اللاجئين والنازحين والهجرة القسرية – جامعة اليرموك – أربد – الأردن – 2006 ص525 : 529.
[50] - المادة 16 من اتفاقية سيداو..
[51] - وقد ورد في تقرير مصر حول التحفظ على تلك المادة: "هذه المادة الخاصة بالأسرة تدعو إلى منح المرأة والرجل نفس الحقوق على قدم المساواة في عقد الزواج وفى أثنائه وعند فسخه، وكذلك في القوامة والولاية على الأبناء، وذلك يتعارض مع ثوابت في الشريعة - لمزيد من التفاصيل، أنظر تقرير مصر المقدم إلى لجنة مركز المرأة حول سبب تحفظها على المادة 16 من اتفاقية سيداو..
61-( The Advancement of Women 1945-1995) -مرجع سبق ذكره،ص11
62-لمزيد من التفاصيل أنظر: المذكرة التفسيرية لميثاق الأسرة في الإسلام، اللجنة الإسلامية العالمية للمرأة والطفل، ط1، القاهرة 2007.
63- (The Advancement of Women 1945-1995) مرجع سبق ذكره،ص10-11
[55]-شيرين أبو النجا، نسائي أم نسوي، مكتبة الأسرة، 2002، ص8.
-عبد الوهاب المسيري، إشكالية التحيز، الجزء الأول، المعهد العالي للفكر الإسلامي، 1996.[56]
[57]- من مقال دنورة فرج المساعد ،النسوية :فكرها واتجاهاتها ،المجلة العربية للعلوم الإنسانية،العدد الواحد والسبعون ،2000 .
[58] - المثنى أمين، مرجع سبق ذكره،ص53.

http://www.iicwc.org/lagna_I0I/iicwc/iicwc.php?id=989

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق