الجمعة، 26 يونيو 2015

صحيفة لحزب الله: لماذا يؤجج "الخليجي" خلافات إيران والإمارات؟


الجمعة، 26 يونيو 2015 خلاف إماراتي إيراني على الجزر الثلاث - أرشيفية
نشرت صحيفة تابعة لحزب الله اللبناني مقالا للباحث علي إبراهيم مطر بعنوان: "لماذا يسعى مجلس التعاون إلى تأجيج الخلافات الإماراتية ـ الإيرانية؟".

وقال الكاتب في مقاله الذي نشر في صحيفة الأخبار اللبنانية: "تحاول الدول الخليجية، ممثلة بمجلس التعاون، اللعب بشكل مستمر على الخلافات مع إيران، وإثارة نعرات قد تؤجج الخلافات معها بدفع خارجي، مستندة في كثير من الأحيان إلى موضوع جزر طنب وأبو موسى التي تطالب بها الإمارات، والتي تعدّ من أهم الشركاء الخليجيين بل العرب اقتصاديا مع إيران.

ولفت مطر إلى أنه "لا يعتبر الخلاف الإماراتي ـ الإيراني على جزر طنب وأبو موسى حديث العهد. منذ زمن بعيد والنزاع بين دولة الإمارات والجمهورية الإسلامية الإيرانية على هذه يشد الباحثين من مختلف أنحاء العالم".

وأشار إلى أن "هناك من يرى في الخلاف انعكاسا لتقلبات السياسة الدولية، ومنهم من يعتقد أنه ترجمة لنزاع تاريخي بين العرب والإيرانيين. وقد حاول مجلس التعاون الخليجي أخيرا اللعب على أزمة العلاقة مع إيران من خلال تأكيد «دعم حق الإمارات العربية المتحدة وسيادتها المطلقة على جزرها الثلاث طنب الكبرى وطنب الصغرى وأبو موسى، ومياهها الإقليمية والإقليم الجوي والجرف القاري والمنطقة الاقتصادية الخالصة للجزر، باعتبارها جزءا لا يتجزأ من الإمارات العربية المتحدة»، وهو يحاول ذلك في كل اجتماع عربي، ودائما ترد وزارة الخارجية الإيرانية من خلال تأكيدها أن هذه الجزر جزء لا يتجزأ من الأراضي الإيرانية".

وذهب مطر بالقول إلى أنه "تمتّد جذور الخلاف إلى القرن الثامن عشر، وكانت دائما بين مد وجزر، طبقا للظروف؛ لذلك من المهم الإضاءة على هذا الخلاف، وتوضيح بعض النقاط، فهو عادة ما يتم استخدامه للضغط على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، أو قد يكون سببا لتراجع العلاقات العربية الإيرانية، وهذا ما يصب في مصلحة من يريد تأجيج خلاف معين بين العرب وإيران في الخليج نظرا لأهمية هذه الجزر".

ورأى أن "لهذه الجزر أهمية استراتيجية، اقتصادية وعسكرية، كونها تقع على المدخل الشمالي لمضيق هرمز، والطرف المسيطر عليها قادر على التحكم في حركة الإمدادات النفطية على مضيق هرمز، ويعني هذا أن إيران بامتلاكها هذه الجزر تملك التأثير على حرية الملاحة البحرية ضد دول الخليج وبقية الدول العربية والغربية، وبالطبع هذا ما لا تقبل به أمريكا؛ لأنه في وقت تستطيع إيران تجاوز المضيق وتصدير النفط من موانئ إيرانية تقع جنوب المضيق، فإن حركة الإمدادات النفطية لكثير من الدول العربية محكومّة بحرية الملاحة عبر المضيق. وهذا يعني أن سيطرة إيران على الجزر يساعدها على تنفيذ الخنق الاستراتيجي النفطي ضد الدول العربية، في حين لا تؤدي سيطرة الدول العربية على الجزر إلى الخنق الاستراتيجي النفطي ضد إيران. وتشكل هذه الجزر مواقع جغرافية لا يستهان بها في توفير الحماية الاستراتيجية العسكرية بالسيطرة على أمن الملاحة الإقليمية والدولية التي تتحكم بمضيق هرمز. وتعد هذه الجزر مراكز حيوية لمنارات المراقبة البحرية للسفن التجارية المارة من مختلف أنحاء العالم، وكذلك تعد منطقة استراتيجية فريدة حيث تُشكل مركزا للاستطلاع والمراقبة لسواحل المملكة العربية السعودية وجمهورية إيران والعراق.

وواصل الباحث بأن "هذه الجزر لا تقل أهمية عن ممرات الملاحة الدولية الأخرى، مثلها مثل مضيق «باب المندب» في عدن على مدخل الجزء الجنوبي للبحر الأحمر، وقناة السويس في الجزء الشمالي من البحر الأحمر، أضف إلى ما تقدم، فإن هذه الجزر تستخدم موانئ وملاجئ للسفن التجارية المارة في عمق الخليج، واللجوء والاحتماء من العواصف البحرية التي قد تواجه هذه السفن أثناء رحلاتها البحرية إلى الشرق الأقصى والأدنى من العالم.

ولفت إلى أن جذور الخلاف تمتّد إلى القرن الثامن عشر الميلادي، وكان دائما بين مد وجزر، طبقا للظروف التي كانت تحكم المنطقة في ذلك الحين، وتبعا للمتغيرات الدولية والإقليمية التي تؤثر عليه. ففي حين كانت الولايات المتحدة الأميركية تدعم إيران في عهد الشاه للحصول على حقها في الجزر، غيرت واشنطن بعد انتصار الثورة الإسلامية مواقفها، وأصبحت تعمل على تأجيج الخلاف بين إيران والإمارات. لقد تعاقبت أحداث سياسية وتاريخية عدة على قضية الجزر بين الحربين العالميتين الأولى والثانية، جعلت بريطانيا تعمد إلى إغلاق ملف هذه القضية تحديدا بين أعوام 1924 ـ 1932 بعد فشل المحادثات البريطانية ـ الإيرانية، بشأن بيع أو تأجير هذه الجزر، وذلك لأن إيران لم تقبل أن يتم التفاوض على حقها، خاصة أن هذه الجزر مثبتة تاريخيا أنها من حق إيران. وظلّ الصمّت المخيّم على هذه الحقوق سنوات طويلة حتى عادت الأحداث تتجدد مرة أخرى في مطلع عام 1968، عندما أعلنت بريطانيا رغبتها في الانسحاب من المنطقة بنهاية عام 1971. وفي عهد الشاه محمد رضا بهلوي أنزلت إيران قواتها على هذه الجزر، لتثبيت حقها بها، وبنجاح الثورة الإسلامية، والإطاحة بنظام الشاه، وتسلم مقاليد الحكم، وإعلان قيام الجمهورية الإسلامية الإيرانية عام 1979 بقيادة الإمام الخميني، أعلنت القيادة الإسلامية أن هذه الجزر من حق إيران، ولا يمكن التفريط بالحقوق، وهذا ما يمنعه الدستور الإيراني.

واستطرد الكاتب: "توالت الأحداث في منطقة الخليج، فنشبت حرب الخليج الأولى بين العراق وإيران (1980 ـ 1988) وبعد إيقاف القتال بين الدولتين بعد حرب طويلة ومريرة، بدأت مرحلة أخرى من الصراعات المسلحة بالمنطقة بغزو العراق لدولة الكويت في الثاني من آب/ أغسطس 1990، لتبدأ حرب الخليج الثانية. وبنهاية هذه الحرب، وفي شهر آب 1992، أعادت الجمهورية الإسلامية فتح ملف الجزر والمطالبة بباقي حقوقها. ومع نمو الجمهورية الإسلامية وازدياد قوتها، ووقوفها بوجه الولايات المتحدة الأميركية، أخذت واشنطن تعمل على بث الفتن بين العرب والإيرانيين. دائما كانت الولايات المتحدة تبحث عن حجة لإثارة هذه الفتن. وفي كل مرة كانت أميركا ومعها السعودية تستغل قضية الجزر، وتلعب على مشاعر الإماراتيين الذين يعتبرون أن هذه الجزر من حقهم، لكسب معركة ما ضد طهران تصب في مصلحة واشنطن. وبالعودة إلى التاريخ القديم، لا سيما تاريخ القواسم، تتأكد ملكية إيران لهذه الزيارة. كما أعلنت إمارة الشارقة التوصل إلى اتفاق مع إيران يقضي بأن تقوم القوات الإيرانية بالاستيلاء على المواقع الاستراتيجية في جزيرة أبو موسى.

وختم الكاتب مطر مقاله بالقول: "أشارت الاتفاقية إلى أنه سوف تكون لإيران السيادة الكاملة على المناطق المتفق على وقوعها تحت السيطرة الإيرانية، وسوف يرفع فوق هذه المناطق العلم الإيراني. لذلك فإن خطابات الاستنكار والإدانات لن تقدم أي حل، بل إن اللجوء إلى هذه الخطابات والنزول تحت رغبات السعودية سيؤجج النزاع، وخاصة أن الخليج لا يتحمل أي حرب جديد إلى جانب ما تقوم به السعودية من تأجيج للخلافات. ولذلك فإن بالإمكان حل الخلافات بطرق ودية ودبلوماسية، دون الذهاب نحو تأجيج الخلافات وبث الفتن بين إيران والإمارات.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق