السبت، 18 أبريل 2015

مقابلة جمال خاشقجي مع صحيفة التحرير

الكاتب السعودي جمال خاشقجي:  الإعلام المصري يُدار بالتليفون


حوار: خالد محمود رمضان
جمال خاشقجى، اسم لصحفى وإعلامى سعودى مثير للجدل وكذلك تصريحاته ومواقفه السياسية والإعلامية، فعلى الرغم من أنه أحد نجوم الإعلام السعودى الرسمى، فإنه لا يضع نفسه على مقربة من دوائر صناعة القرار السياسى فى السعودية، والتى يرى أنها بدأت حقبة جديدة فى المنطقة العربية بتدشين «عاصفة الحزم» العسكرية فى اليمن قبل أسبوعين.
فى حوار مطوَّل عبر الهاتف دام نحو خمسين دقيقة، تحدث خاشقجى الذى يتولى رئاسة قناة «العرب» الفضائية التى توقفت عن البث من البحرين بعد يومين فقط من انطلاقها، لـ«التحرير» عن رؤية مختلفة وصادمة للمشهد الرسمى والإعلامى فى مصر من وجهة نظر سعودية لا تكتفى بالهجوم، بل تصل إلى حد التهديد والوعيد فى لهجة مغايرة تمامًا لما اعتدنا أن نسمعه عربيًّا وسعوديًّا.
 ■كيف ترى الموقف المصرى الرسمى أو الشعبى أو الإعلامى من السعودية بشكل عام ومن «عاصفة الحزم» بشكل خاص؟
 - أنا حتى فى السياسة أتبع المذهب الظاهرى، فما يظهر لى هو التزام مصرى واضح بالأمن السعودى والسياسة السعودية الخارجية فى المسألة اليمنية حاليا، وتشارك مصر مشكورة فى الحملة، وتؤسس لعلاقة ثقة يمكن أن تتسع ويُبنى عليها.
 ■أنت تتكلم عن مشاركة مصرية فى عملية «عاصفة الحزم» لكن رسميًّا ليس لدينا بيان رسمى بأن هناك قوات مصرية بشكل أو بآخر تشارك عمليا على الأرض فى اليمن.. ما تعليقك؟
 - لا أعرف لماذا لا يَصدر بيان من قِبَلِكم بذلك، ولكننا رأينا طائرات مصرية وصورًا لهذه الطائرات تشارك فى العملية ولاقت هذه الصور ترحيبا ورضا من السعوديين ودلالة على عمق العلاقة بين البلدين إلى آخره، لكن لماذا لم يصدر تأكيد رسمى بذلك من مصر.. أنت تجيب عنها أفضل منى.
 ■وبماذا تفسر أنت عدم وجود بيان رسمى مصرى إلى الآن؟
 - لا أعرف، ربما قد تكون مسألة دستورية، لأن الدستور المصرى لا يسمح بالمشاركة فى عمليات عسكرية خارج مصر إلا بعد العودة إلى ال.. لا أعرف، الحقيقة إنها أول مرة أعرف منك أنه لم يصدر شىء رسمى يقول بأننا قد شاركنا بعدد 16 طائرة وأرسلنا كذا أو فعلنا كذا، فهذه المسائل من حق الشعب المصرى أن يعلمها.
 ■ما توصيفك للموقف الإعلامى؟ كيف تتابعه؟ وكيف تلمسون أنتم الموقف الشعبى؟
 - الموقف الإعلامى فى مصر شابه قلق، ما بين أصوات كانت معارضة للعملية وأصوات محايدة للسياسة الخارجية السعودية، وهذا أدى بكثير من الإعلاميين السعوديين إلى التعليق على ذلك، وأنا من بينهم، واستغربناه لأنه يتنافى مع ما يفترض من علاقة قوية بين البلدين.
 ■لكن أنت لمّحت عبر موقع «تويتر» إلى أن الجزائر بلد مريح، وهو ما أدى إلى مشكلة، ورجل الأعمال نجيب ساويرس رد عليك وقال لك: الكلام ده عيب!
 - نعم.
 ■ماذا بشأنه؟
 - أنا أفضِّل أن أترك تغريدتى معلَّقة، أنا لم أذكر بلدًا بذاته، فبالتالى أفضِّل أن أترك المسألة كما ذكرتها فى التغريدة، ولو كنت أرغب فى أن أذكر اسم البلد لذكرته.
 ■لكنك تقريبًا هددته بأن هناك وقتًا لكشف العيب والمحاسبة.. ماذا كنت تقصد تحديدًا؟
 - مرة أخرى أكتفى بما ذكرت، لأن ما ذكرته واضح وأكتفى به وأنا من الناس الذين ينظرون إلى المستقبل أكثر من الماضى، يعنى أتمنى علاقات جيدة، وأتمنى أخوّة، ولكن عندما يتجاوز أحد علىّ أو على بلدى فلا بد أن أرد عليه، لا أكثر ولا أقل، لكنْ لا أسترسل كثيرًا فى الخصومة لحرصى ومحبتى لمصر وأهلها.
 ■يُنظر إليك على أنك مقرَّب من دوائر صنع القرار فى السعودية وبالتالى ما تقوله قد يكون محسوبًا عليك أو لك.. لكن على الأقل صانع القرار السعودى كيف ينظر إلى مصر فى تقديرك؟
 - بداية أنا لست مقربًا، فأنا لا أقل ولا أكثر من أى زميل صحفى سعودى يستطيع أن يلتقى المسؤولين السعوديين، أنا من هؤلاء، ومرة أخرى صانع القرار السعودى يقدِّر ويشكر ويثنى على الدور المصرى، وقبل أيام كان رئيس أركانكم فى السعودية ووزير الدفاع قام أيضًا بزيارة وأجرى اجتماعات بوزير الدفاع عندنا.. المملكة تشكر مصر على موقفها وعلى مشاركتها، وقد تم التعبير عن ذلك، إنْ رسميًّا أو شعبيًّا.
 ■هل هناك تململ سعودى مما يصح أن يسمَّى التردد المصرى مثلًا مقارنة بموقف باكستان؟
 - أولا باكستان دولة ديمقراطية برلمانية، فالمملكة تحترم موقف باكستان، ولا يستطيع السيد نواز شريف، رئيس الحكومة، التصرف دون العودة إلى البرلمان، والمملكة احترمت هذا، وقد عبّر عن هذا وزير الشؤون الإسلامية الذى يزور حاليا إسلام أباد. وقال إن التصويت فى البرلمان الباكستانى مسألة داخلية باكستانية، ولكن ما يخص إخواننا فى مصر سببه أمران، الأول: الإعلام الذى يعلم طبيعة الشعب المصرى والقدرة على التأثير فيه، وأنت تعرفها أيضًا، فبالتالى عندما تصدُر أصوات تندد بشكل حتى ليس بلغة المحلل السياسى المقبولة وإنما بلغة المتحامل على المملكة، تكون هذه صدمة لأننا نعلم أنه يستطيع أحد ما أن يرفع السماعة ويقول لفلان «بلاش الكلام ده، ومش عايزك تقول الكلام ده مرة تانية»، لكن فلان طلع وقال الكلام ده مرة تانية.
 ■لكن أنت تعلم أن الإعلام فى مصر لا يدار بهذه الطريقة أم أن لديك تصورًا آخر للمسألة؟
 - لا.. الإعلام فى مصر يدار بهذه الطريقة، يعنى بإمكان الشخص المعنىّ أن يتصل بجريدة «التحرير» ويقول: مش عاوزين الحوار مع خاشقجى ده يطلع بكرة.. مئة فى المئة.
 ■كلامك صدامى؟
 - لا، ليس صداميا.. هناك صحف مصرية سُحبت من السوق بعد طبعها.
 ■لكن كلامك به نوع من التقليل من شأن الإعلام المصرى واستقلاليته إذا صح الكلام؟
 - أستغفر الله، أنا لا أقلل ولكننى أذكر وقائع.
 ■أنت انتقدت إعلاميين مصريين بأعينهم، ومن الواضح أنك كنت تقصد بانتقادك المسؤول التليفونى؟
- لقد كنت أقول لو كان الإعلام حرًّا ما كتبت ما كتبت.
 ■هل تقصد أن الرئاسة تدير الإعلاميين المصريين بالريموت كنترول؟
 - أنا لا أعرف ما يجرى عندكم.
 ■لكن كلامك يعنى هذا ويقول إن الإعلام المصرى يُدار من قصر رئاسة الجمهورية؟
 - أنا لا أعيش فى مصر ولا أعرف، وأنا لا أعمل بالإعلام المصرى حتى أقول مَن يخاطب مَن، لكن على كل حال ما يجب أن نلتفت إليه هو تعزيز العلاقة وتعزيز اللُّحمة والتعاون بين الجانبين.
 ■لكن كلامك لا يصب فى هذا الإطار؟
 - صدّقنى هذا حديث رد فعل وليس فعلًا، أتمنى أن نقفل هذا الملف ما دام الإخوة فى مصر قد استجابوا فى ما يبدو إلى حد ما، وتم وقف العبث الذى كاد يؤثر، فبالتالى حبّذا لو نمضى قُدمًا نحو المستقبل.
 ■لكنى كصحفى مصرى أعتقد فى المقابل أن الإعلام فى مصر استثناء عن العالم العربى.. أليس الأمر كذلك فى السعودية؟
 - موضوعنا ليس السعودية والإعلام فى السعودية، موضوعنا الإعلام فى مصر، وبالتالى لا يجوز لصحفى أن يقول إذا كان الإعلام غير حر فى إيران فبالتالى أقبل أن يكون الإعلام غير حر عندى فى السعودية، فأنا كصحفى سعودى أريد دومًا أن يكون إعلامى حرًّا ومستقلا وأتحمل مسؤوليته.
 ■هنا يصح أيضًا أن نقول إن الإعلام السعودى يدار من قصر الملك!
 - من حقك أن تقول هذا إذا كانت هناك مشكلة فى الإعلام السعودى، إذا تجاوز الإعلام السعودى فى حق مصر مثلًا بإساءات فمن حقك أن تعتب على الحكومة السعودية.
 ■وفقًا لمعلوماتك هناك قوات مصرية على الأرض؟
 - لا، وفقًا لمعلوماتى، لا توجد قوات مصرية على الأرض.
 ■إذن ماذا يوجد؟
 - هناك قوات جوية. انظر، المملكة العربية السعودية شفافة تمامًا فى هذه العملية والمتحدث الرسمى باسم التحالف كل يوم بعد المغرب يطلع ويلتقى الإعلاميين السعوديين والعالميين، ولهم أن يسألوه ما شاؤوا، ويذكر بالتفاصيل ماذا حدث بشأن العملية يوميا.
 ■هناك شعور فى مصر سأقوله لك بالبلدى «إن السعودية عايزة تزقّ مصر فى اليمن أو تورطنا تانى فى اليمن»!
 - أول حاجة.. مستحيل، فالسعودية لا تريد لمصر إلا الخير ولا تريد بحال من الأحوال أن تزيد من مشكلات مصر وإنما تخفف منها والخطة يضعها عسكريون محترفون سعوديون بالتعاون مع شركائنا فى «عاصفة الحزم» ولا يجوز ولا يليق أن يقول أحد إن السعودية تريد توريط هذا أو ذاك، فأهداف الحملة معروفة وهى دعم الشرعية فى اليمن ووقف تقدم الحوثيين ودفع الأطراف اليمنية إلى القبول بمبادئ الحوار اليمنية لا السعودية.
 ■ما دامت المعركة فى البحث، فما الذى يجعل السعودية تتدخل وأراضيها لم تتعرض لتهديد مباشر؟
 - لعدة أسباب، الأول أن الشرعية اليمنية طلبت من الرياض التدخل، ووفقًا للعلاقات بين الجانبين فهذا يوفر الشرعية الكافية لتبرير هذا التدخل. والثانى أن القضية أخلاقية، فالسعودية لم تدخل اليمن لتدعم انقلابًا مثلًا حدث فى اليمن، ظالمًا طاغيًا على الشعب، وإنما تدخلت لتمنع هذا الانقلاب، القضية أخلاقيًّا سليمة جدا. والثالث أن الحوثيين يريدون السيطرة على عدن ومن خلفهم على عبد الله صالح بدولته العميقة ويتوج ابنه بالقوة رئيسًا على اليمن، وربما يُجرى انتخابات مضروب فى شرعيتها ومن ثم يُفتح اليمن طولا وعرضا لإيران، لأنه بالطبع صالح والحوثيون يحتاجون إلى دعمها، وهذا يعنى أن الساحة الخلفية للسعودية ستكون مرتعًا للإيرانيين.
 والسبب الرابع أنه إذا استتب الأمر لصالح والحوثيين لكان هذا الأمر مهددًا للأمن القومى السعودى ولكنا وجدنا أنفسنا -نحن السعوديين- أمام قواعد عسكرية إيرانية تُبنى على حدودنا المباشرة، فبالتالى كان ضروريًّا أن تتدخل السعودية فى اليمن وفقًا للمعايير التى ذكرتها المملكة وليس من بينها أى أطماع فى اليمن لا فى أراضٍ ولا فى حدود وإنما فقط لحرصها على استئناف العملية السياسية التى بدأت فى اليمن بعد ثورة 2011 لكى تكتمل وتؤتى أكلها للشعب اليمنى.
 ■لكن إذا كنتم تحترمون الموقف الباكستانى الرسمى وهو الرفض فلماذا لا يوجد نوع من الاحترام أو التقدير -إذا صح التعبير- للتردد المصرى، أم أنك ترى أنه لا محل لتردد مصرى فى هذه المسألة؟
 - لطبيعة العلاقة بين البلدين لا مكان للتردد المصرى فى مسألة كهذه.
 ■نحن هنا نتكلم عن مفهوم العشم أكثر من السياسة؟
 - لا، ظروف معينة معروفة.
 ■وهى؟
 - لا خلاص، هذا يكفى.
 ■هل هذا الموقف من الرياض يرتبط بما قدَّمَتْه للقاهرة من مساعدات مالية للخلاص من الإخوان أو ما بعدهم؟
 - مرة أخرى، الكلام يجر إلى تفاصيل لا تفيد.
 ■أنت دعوت مؤخرًا إلى موقف قد يبدو متعارضًا مع الموقف الشعبى والرسمى فى مصر الرافض للإخوان والرافض للمصالحة تتكلم فيه عن مصالحة وعن أن العاهل السعودى الراحل الملك عبد الله نصح الرئيس السيسى بالحوار والانفتاح.. على أىّ أساس تقول هذا؟
 - هذا تحليل طبيعى لمجريات الأمور، لا يوجد بلد يستطيع أن يستمر وهو محتقن، يجب على كل المكونات السياسية خصوصًا فى البلدان التى لديها دستور ديمقراطى وبها قبول بالتعددية أن تكون كل مكوناتها حتى ولو متعارضة لا يبطش أحدها بالآخر.
 ■لكنك تعلم أن يد الإخوان متورطة فى الدم المصرى.. ما قولك؟
 - هذه وجهة نظر لطرف، الطرف الآخر يقول إنه هو الضحية، المصلحة أن لا تستمر مصر فى هذا التشاحن، مصر تحتاج إلى كل فرد من أفرادها لكى تخرج من كبوتها ولا يستطيع طرف واحد أن يقوم بهذه المهمة.
 ■لماذا لا تنصح الملك بالتحاور مع المتطرفين فى السعودية؟
 - لأن المتطرف الذى يرفع السلاح يرفض كامل النظام.
 ■الإخوان لا يختلفون عن المتطرفين فى شىء، هو نفس الموقف ونفس الأساليب!
 - ليس نفس الموقف، فالإخوان مستعدون للمشاركة ديمقراطيًّا فى الانتخابات وقد فعلوا ذلك.
 ■أستشفّ من كلامك أنه قد يكون هناك اتصالات سعودية مع الإخوان تمهِّد لحوار مصالحة معهم؟
 - لم أسمع بشىء من هذا، فالسعودية اليوم مشغولة بهمها اليمنى ثم همها السورى.
 ■لماذا سكتُّم عما تتعرض له الشرعية فى سوريا وليبيا ولم تتدخلوا لا سياسيًّا ولا عسكريًّا؟
 - الشرعية فى سوريا لم تعد شرعية إذا كنت تشير إلى أن الأسد (النظام) يقتل ربع مليون من شعبه ويهجِّر نصفه الآخر «10 ملايين» فعن أى شرعية لبشار الأسد نتحدث؟!
 ■الرئس اليمنى السابق على عبد الله صالح، كان فى وقت ما حليفكم وتدخلتم لإنقاذ حياته فما الذى دفعه إلى الانقلاب عليكم لاحقًا؟
 - لأنه يريد السلطة، على عبد الله صالح مهووس بالسلطة ولا شىء غير السلطة.
 ■هل اكتشفتم هذا بشكل مفاجئ.. هو طول عمره يريد السلطة؟
 - التقلبات التى جرت فى اليمن خلال السنوات الأربع الأخيرة كانت هائلة جدا والمملكة حاولت أن تجمع اليمنيين بمن فيهم «المؤتمر الشعبى» الذى يقوده على عبد الله صالح فى إطار عملية سياسية تحمى اليمن من الانهيار، ولكن أَبَى على عبد الله صالح إلا الاستئثار بالسلطة، فالتطرف هنا هو فى عملية الاستئثار بالسلطة وإلغاء الآخر، هذا الذى أدى إلى الأزمة فى اليمن، أنا فى اعتقادى، وقلتها فى أكثر من مقالة، أن المتطرف ليس الذى يحمل أفكارًا اجتماعية متطرفة، وإنما الذى يرفض المشاركة، لأن المجتمعات العربية القادمة لا بد أن تكون مجتمعات تشاركية فالبديل عن التشاركية هو العنف والقوة بشن الحرب أو بالسجن.
 ■هل تَعتبر أن السعودية بمنأى عما عُرف باسم ثورات الربيع العربى؟ ولماذا؟
 - أنا كتبت قبل أربع سنين أن السعودية نعم بمنأى عنها، ولكنها أيضا يجب أن تتفاعل معها، وقلت إن السعودية ودول الخليج، العقد الاجتماعى فيها مختلف ويقول بأن السلطة تكون فى يد الأسرة المالكة مقابل أن توفر الحقوق والكرامة والعيش السليم لشعوبها، لكن العقد الاجتماعى الموجود فى المجتمعات العربية حتى فى زمن مبارك أو فى زمن بن على يقوم على حرية الاختيار ولم تتحقق لهم لا حرية الاختيار ولا الكرامة ولا رغد العيش، وبالتالى كان لا بد لهذا العقد الاجتماعى أن ينفجر، فلا يجوز أن تضع فى دستورك أن الشعب هو مصدر السلطات ثم تفرض على الشعب قرارك الذى تراه إما بانتخابات مزوّرة وإما بالتخويف والترهيب.
 ■الأستاذ محمد حسنين هيكل قال منذ فترة إن الحقبة السعودية تعود فى عهد الملك الجديد.. هل تتفق مع هذا الكلام؟
 - أنا أعتقد أن هناك حقبة سعودية جديدة بدأت قبل أسبوعين بـ«عاصفة الحزم»، هذه الحقبة أساسها القيادة والمبادرة وعدم ترك المنطقة تتداعى فى انتظار تدخلات خارجية لن تأتى وتقوم على مبادئ أخلاقية باحترام خيارات الشعوب والشرعية فى تلك البلدان، فهذه الحقبة وإن بدأت بعملية محدودة فى عدن ثم انتشرت إلى بقية اليمن وتوسعت إلى مواجهة الحوثيين ثم الدولة العميقة التى يمثلها على عبد الله صالح فلا بد أن تمضى وتستمر، وهى طويلة جدا، من أجل إصلاح حالة الانهيار الهائلة التى حصلت فى العراق وفى سوريا وفى ليبيا وتهدد غيرها.
 ■هل السعودية فى عهد الملك سلمان تقدم نفسها على أنها المخلِّص أو المنقذ؟
 - أنا أرجو أن تكون كذلك، لأنه لا بد للعالم العربى من أحد يقوم بهذا الدور وإن لم يقم أحد بهذا الدور فسيكون الانهيار.
 ■هل نتحدث عن تنازع أدوار بين الدور المصرى والدور السعودى باعتبار أن الدور المصرى هو الدور الطبيعى؟
 - الذى يستطيع يفعل.
 ■وأنت تعتقد أن مصر الآن لا تستطيع؟
 - لم أقل ذلك على مصر، أتمنى أن تفعل وتشارك المملكة فى هذا الدور، المملكة تنظر إلى جناحين استراتيجيين لها فى الماضى، باكستان ومصر، تحلّق بهما فى السياسة الاستراتيجية السعودية، المملكة حريصة على باكستان ومصر، هذه السياسة كانت قائمة فى الستينيات والسبعينيات أو تشكلت فى السبعينيات والثمانينيات، وتفسر أيضًا التدخل السعودى لدعم الجهاد الأفغانى والذى كان من أسبابه أو محركاته حماية باكستان، الآن انضمت لهذه المنظومة تركيا، تركيا بعودتها إلى محيطنا العربى بالرغبة والتعاون بعد وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم منذ عشر سنوات أصبحت مكملًا أيضًا لهذه الاستراتيجية ولا يغفل قدر مصر ودورها إلا جاحد ويجب أن يكون لمصر هذا الدور وهذا ما نتمناه منها ولها.
 ■لكن تركيا ما بين مصر والسعودية، متورطة فى أعمال يعاقب عليها القانون وعندنا موقف سياسى رسمى وشعبى،..
 - المملكة لا تنظر إلى تركيا على أنها تقوم بأعمال يعاقب عليها القانون وإنما تنظر إليها على أنها دولة يمكن أن تكون حليفًا، والعلاقات بيننا فى أفضل أوضاعها، فقبل زيارة الرئيس أردوغان لإيران اتصل به ولى العهد السعودى.
 ■أليست هذه انتهازية السياسة؟
 - ليست انتهازية، أنت تبحث فى علاقاتك مع أصدقائك الذين يتفقون معك فى الرأى والبعد الأخلاقى للسياسة.
 ■هل الملك سلمان معنىّ بالوساطة بين مصر وتركيا وقطر؟
 - أنا لم أسمع بوساطة ولا أعتقد أن هناك حاجة إلى وساطة، يعنى بإمكان مصر أن تتصل مباشرة بالطرفين والمصلحة العامة فى المنطقة فى ظل حالة الانهيار ووجود «داعش» كأحد المهددات للمنطقة بالكامل، من الضرورى أن تكون العلاقات بين جميع الدول جيدة، ومتعاونة من أجل وقف حالة الانهيار ثم إعادة بناء المنطقة وفق معايير صحيحة تتوافق مع الروح التى أطلقها الربيع العربى فى المنطقة.
 ■رغم فشل تجارب التيار الإسلامى لكنك اعتبرت أن الأحزاب الإسلامية هى الحليف الاستراتيجى...
 - هذه حقيقة.
 ■هل هذه استراتيجية سعودية؟
 - أنا أعتقد أن المرحلة القادمة تشاركية وليست بالضرورة إسلامية أو أحزابًا إسلامية، فالذى نحتاج إليه فى المنطقة من أجل نشر الوئام والتفرغ للبناء، هو حالة من التشاركية بين كل مكونات المجتمعات العربية السياسية. دعنى أَقُلْ لك كيف نجحت تركيا.. لقد نجحت تركيا لأنها حققت هذه المواءمة والتشارك بين كل القوى السياسية، علمانيين وإسلاميين، يمينًا ويسارًا، واحتكموا إلى صناديق الاقتراع فتفرّغ النظام للبناء… التشاركية هى كلمة السر.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق