الاثنين، 27 أبريل 2015

الفرس لم تسيطر على العراق بحكم مباشر


تصحيح الفرس لم يكن لها سيطرة على الارض العربية


بدليل ان الفرس لم يستطيعوا حتى السيطرة على العراق لان القبائل العربية هي التي تسيطر على العراق

وتدفع  الهجمات من القبائل العربية على الفرس و قطع الطريق على الفرس

فلا سبيل الي حماية الفرس و الروم من هجوم العرب الا بمراعاة تكوين العرب النفسي فيتفقون مع العرب على عدم مهاجمة الفرس مقابل ان يعترف الفرس والروم بسيطرة العرب على مناطقهم في مقابل مادي لدفع شر العرب التي  بنيت حياتهم على منهج الصراع من اجل البقاء عن طريق الغزو

ومعلوم ان الفرس  و العراق في جوار واحد ومع ذلك لم يستطيع سابور الثاني ان يسيطر على العراق ولم يعين فارسي يحكم العراق الا بواسطة  ملك عربي وهو امرؤ القيس يعني الحكام هو العرب 
بينما عندما حكم العرب بلاد الفرس  كان ولاتهم من العرب و مثال ذلك ( زياد بن ابيه )كان عامل علي بن ابي طالب رضي الله عنه على فارس و كذلك فعل العرب عندما غزو شمال افريقيا كان الولاة عرب و ليس من البربر تاكيد على القوة الذاتية لجيش العرب
لقد حارب العرب الفرس و منها معركة ذي قار وسابور الاول ذاق الهزيمة على يد العرب على يد الملك العربي اذينة ملك تدمر
و الجزيرة العربية لم تتعرض لاحتلال اجنبي قط والعرب لم يحكمهم غريب غير سامي او مسلم
ونذكر ان عاصمة الفرس المدائن لا زال العرب يحتلونها و هي قرب بغداد و فيها ايوان كسرى
و العرب احتلوا الفرس حكموا الفرس اكثر من 600 عام

=======================



أشهر ملوك المناذرة : د. مؤيد حمزة


ملوك الحيرة

كان للحيرة عدة ملوك كلهم من المناذرة وكان منهم الملوك المشهورين المعروفين وكان منهم آخرين لا نجد لهم ذكراً كثيراً في التاريخ اما عن الملوك المعروفين فهم كالتالي:
1. مالك بن غنم :
قيل انه اول ملوكهم وقيل غير ذلك
2. جذيمة بن مالك: وقد حكم الحيرة بعد مالك بن غنم ولده جذيمة الملقب بجذيمة الأبرش أو جذيمة الوضّاح وله فضل كبير في توحيد قبائل العرب في المنطقة وقد ذكر عنه الطبري انه كان من أفضل ملوك العرب رأياً وأبعدهم مغاراً وأشدهم نكاية وأظهرهم حزما وأول من استجمع له الملك بالعراق وضم إليه العرب فغزا بالجيوش في تلك الحقبة كما ذكر المسعودي عنه فقال انه أول من ملك الحيرة ويقصد بتلك الصيغة
وقد دام حكم جذيمة نحو 60عاما وقد عاصر في زمانه حاكم بلاد فارس وهو كسرى المسمى سابور اشك وأما عن زواجه فقد ورد انه تزوج من الزباء الغسانية (والتي قتلها بعد ذلك قصير بن اجدع الذي اطلق عليه المثل (لامر ما جدع قصير انفه) وهي التي خانته وقتلته أو خططت لقتله وهي من بلاد الشام وبدا إن تلك الزيجة لم تك إلا محاولة فاشلة كغيرها لرأب الصدع بين المناذرة والغساسنة وان لذلك إحداثيات تاريخية مفقودة تحاكي أسباب فشل تلك المحاولات في جمع الشمل والإصلاح بين الطرفين المتحاربين في ذلك العهد.
وعن عمره عند وفاته بمقتله قيل انه كان يناهز أل 118 عاما...
3. عمرو بن عدي:
وقد حكم بعد مقتل خاله جذيمة رغم انه لم يكن متنفذاً في زمن حكم خاله الذي دام زهاء ستون عاما لكن بدا انه كان الأجدر بالحكم من بعده وقد ذكر عنه الطبري انه كان أول من اتخذ الحيرة منزلا من ملوك العرب وان أول من مجّده أهل الحيرة في كتبهم وكتاباتهم من ملوك العرب بالعراق هم آل نصر والذين كانوا ينسبون إليه فتقوى موقفه كثيرا لذا فلم يزل عمرو ملكا حتى توفي وهو ابن مائة وعشرين عاما منفردا بسلطته .
4. امرؤ القيس بن عمرو بن عدي :
وهو أول من حمل هذا الاسم الشهير كملك وحاكم في تاريخ العراق والعرب وقد كان رجلا شجاعا مهابا وان له كبير الفضل على العرب فهو أول ملك عربي تمكن من توحيد العرب بعموم قبائلهم العربية في العراق وسورية والحجاز ونجد واليمن وقد حكم جزيرة العرب برمتها مع أطرافها حين تولى الحكم بعد والده عمرو وقد كان له عدة ألقاب منها امرؤ ألقيس الأول وامرؤ القيس البدء والمحرّق ومحرّق الحرب ومسعّر الحرب وقد دام حكمه طويلا وقد تمكن فيه من توحيد العرب وقد عاصر ملوك فارس من أيام سابور ابن ازدشير وبعده ستة من أحفاده وحتى زمن سابور ذي الأكتاف وقد توفي في عام 223م ودفن في النمارة بسوريا وقد اختلف في حكمه انه حكم 114 عاما أو توفي وله من العمر كذلك ووجد قبره بسوريا في زمننا المعاصر وعليه نقوش بالكتابة العربية الأولية وهي ما تسمى بنقش النمّارة ولا يزال يحمل تلك النقوش حتى اليوم وهي/-
1/ تي نفسي مر القيس بر عمرو ملك العرب كله ذو اسر التج.
2/ وملك الأسد ونزرا وملوكهم وهرب مذحجو عكدي* وجا
3/بزجى في حبج نجرن مدينة شمر وملك معد ونزل بنيه.
4/ الشعوب ووكلهن فرسو لروم فلم يبلغ ملك مبلغه.
5/عكدي. هلك سنة يوم بكسلول بلسعد ذو ولده.
* وتعني القوة
5. الحارث بن عمرو:
وقد حكم بعد وفاة شقيقه امرؤ ألقيس ودام حكمه 87 عاما كان حكمه فيها امتدادا لمن سبقه ولم يميز بشيء فيما دونته أقلام التاريخ .
6. أوس بن قلام:
وقد حكم بعد الحارث بن عمرو ودام حكمه خمسة أعوام.
7. عمرو بن امرؤ القيس:
وقد حكم بن امرؤ ألقيس البدء هذا فكان حكمه قد دام حكمه أربعين عاما وهو كسابقه.
8. امرئ ألقيس بن عمرو بن امرؤ ألقيس البدء وقد حكم قرابة خمسة وعشرون عاما قاتل فيها الفرس طيلة مدة حكمه وقد توفي على أيام ملك الفرس يزدجرج
9. النعمان بن امرئ ألقيس:
وقد خلف والده في الحكم ولقب بفارس حليمة و النعمان الأعور أو النعمان السائح وأبى قابوس ولتلك الألقاب فكل لقب له قصه وهو صاحب قصري الخورنق والسدير الشهيرين بالعراق وهما كما هو معلوم مضرب للحديث عند العرب والجزيرة وقد كان هذا الملك رجلا شجاعا حكيما ومحاربا قويا حازما ومن أهل الغيرة والنجدة والنخوة وقد كان له كتائب من الجيش معروفة أخبارها أشهرها دوسر والشهباء وقد حكم29 عاما حتى434م حيث ترك الملك بمليء إرادته عندما ساح في البوادي لقصته المعروفة..
10. المنذر بن النعمان:
وقد خلف والده النعمان في الحكم حتى عام473م قرابة الأربعون عاما وقد اشتهر بفروسيته وشجاعته وغزوه لبلاد الروم في تركيا...
11. الأسود بن المنذر بن النعمان:
وقد خلف والده المنذر في عام 473م وحتى493م وحكم نصف مدة والده تقريبا وقد كان الأسود رجلا شهيرا بفروسيته وشجاعته وإقدامه بالحرب وقد حارب غازيا في سوريا واسر عددا من أمراء الغساسنة وهنا أغراه ابن عمه أبو اذينة بقصيدة شهيرة يحرضه فيها على قتل هؤلاء الأسرى لأنهم كانوا قد قتلوا أخاه وكان آخرها البيت الشهير
لا تقطعن ذنب الأفعى وتتركها
إن كنت شهما فاتبع رأسها الذنبا
12. المنذر بن المنذر:
وقد خلف أخاه الأسود فحكم حتى عام 500م.
13. النعمان بن الأسود بن المنذر:
وقد خلف عمه بالحكم ولم يدم حكمه طويلا فكان قرابة أربعة أعوام وقد عاصر حكم كسرى قباذ في فارس وهو والد كسرى انو شروان وفي أيامه دخلت قبائل تغلب وبكر إلى العراق وتوفي في 504م.
14. علقمة بن جعفر
وهذا الآخر لم يدم حكمه أيضا فقد حكم قرابة ثلاثة أعوام من504م وحتى507م.
15. امرؤ ألقيس بن النعمان:
وقد حكم من 507م وحتى514م وهو الذي خلّف بن ماء السماء بعده.
16. المنذر بن امرؤ ألقيس(المنذر بن ماء السماء):
وقد خلف والده في514م فحكم حتى 533م وقد كان رجلا محاربا شجاعا حارب الروم كما احتل سوريا ووصل حتى أنطاكية ودخل لبنان وحارب كندة وعرف بالمنذر بن ماء السماء والسبب إن والدته وهي من ( النمر بن قاسط) يقال لها ماء السماء لجمالها الخارق وحسنها واسمها مارية بنت عوف وقد تزوج المنذر من هند بنت الحارث بن عمرو الكندي من ملوك كندة في جنوبي العراق والأحساء والقطيف فولدت له ثلاثة أبناء وهم الأول عمرو بن هند المعروف بمضرط الحجارة (سمي بذلك لجبروته وشدة سطوته) وهو الذي قتله فيما بعد الشاعر الفارس عمرو بن كلثوم والثاني هو قابوس المعروف بقينة العرس أما الثالث فهو المنذر بن المنذر ومن المعروف إن هذا الرجل أي المنذر بن ماء السماء هو أشهر من حكم العراق في غابر الأيام
يومي البؤس والنعيم عند المنذر
المنذر بن ماء السماء هو صاحب الاعتقاد بهذين اليومين واصل ذلك انه لما ندم على قتله نديميه عند سكره فاقسم على أن يتخذ اليومين في كل عام كذكرى يعدم فيها أو يكرم من يصادف مروره عليه وهو قائم بين الغريين (تمثال نسر وتمثال العزى) وقد قال عبيد بن الأبرص قبل أن يقتله المنذر لأنه أتاه في يوم بؤسه/
وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه
خصالا أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة
سحائب ما فيها لذي خبرة انــــــــــــــــق
ولقد حارب هذا الملك الروم حتى تمكن من تحرير سورية من أيديهم ووضع يده عليها ثم واصل حتى أنطاكية كما دخل لبنان وجلب منها الأسرى إلى العراق وفيهم 400 راهبة وفي أثناء غزواته ضد الروم قامت كندة بانتهاز الفرصة فهاجم رجالها العراق لغزوه ولما وصلت أخبار ذلك إليه قرر غزوها انتقاما منها فتوجه نحو مضارب كندة فأسر وقتل12 أميرا من أمرائها وكان من بين الأسرى أيضا الشاعر الشهير امرؤ ألقيس الكندي الذي افلت فيما بعد وليهرب من أسره
لقد قتل المنذر غيلة وغدرا على مذبح كيد واحتراب الغساسنة والمناذرة في عين أباغ على الفرات على مسافة مائة كلم جنوب شرقي حلب في سورية على يد شمر بن عمرو الحنفي الذي أرسله الملك الغساني الحارث بن جبلة عندما أرسل القاتل مع مجموعة من الفتيان المتنكرين الذين عملوا حيلة مع امرأة يقال لها حليمة على إنهم خارجين على الملك الغساني وإنهم مستجيرين بالمنذر فلما اطمأنوا لنجاح حيلتهم قاموا في ليلتهم تجاه مخدع المنذر وهجموا عليه وقتلوه فقيل (ما يوم حليمة بسرّ)
فذهبت مثلا بالمنطقة وتمكن الغساسنة أيضا من اسر احد أبناء المنذر واسمه امرؤ ألقيس وبعد ذلك ثارت بكر وتمكنت بغارة لها على الشام أن تحرر ابن الملك المغدور بعد أن سيطروا على كامل سوريا من جديد واسروا الملك الغساني وفي تلك الحادثة الشهيرة يشير الحارث بن حلزة شاعر بكر مفتخرا في معلقته التي نظمها وألقاها أمام الملك عمرو بن هند
فيقول:
وفككنا غل امرئ ألقيس عنه بعد ما طال حبسه والعناء
واقدناه رب غسان بالمنـــذر كرها إذ لا تكال الدمـــــــاء

17. عمرو بن المنذر( عمرو بن هند):

وقد حكم بعد المنذر ولده عمرو في533م ودام حكمه حتى578م وهو الذي سمي بعمرو بن هند ولقب بالمحرق الثاني وأشهر ما لقب به هو لقب مضرط الحجارة وهو ما يدل على قوته وجبروته لكنه كان قد بالغ في الكبرياء ومسته العظمة حتى انه تصور إن بإمكانه السيطرة على الناس أجمعين وقد كان مرهف الحس عصبي المزاج وسبب له ذلك الكثير من المشاكل وخاصة مع الشعراء كالمتلمس وقصته مع طرفة بن العبد عندما هجاه شهيرة فهو الذي أمر بقتل طرفة لقوله في قصيدته ومنها البيتين

فليت لنا مكان الملك عمرو***رغوثا حول قبتنا تخور

من الزيرات أسبل قادماها *** وضرتها مركبة تـــدور

كما يقال إن الملك عمرو غضب أيضا على طرفة لأنه تغزل بزوجته عندما قال:

ألا أيها الظبي ألـــذ*** ي تبـــــدو ثنايـــــــــــاه
ولولا الملك القاعــ*** د قد الثمني فـــــــــــــاه
غير إن طرفة هجا الملك أيضا ووصفه بالقسوة والظلم وقد ذم قصر السدير وأهله
أبى القلب أن يهوى السدير وأهله*** وان قيل عيش بالسدير غرير
فلا انذر الحي الذي نزلوا بــــــــه*** واني لمن لم يأته لنذيـــــــــر
وقد كانت نهاية ذلك الملك على يد شاعر تغلب الكبير وفارسها عمرو بن كلثوم صاحب المعلقة الشهيرة حين دعا الملك يوما لضيافته فارس تغلب مع والدته ليلى بنت المهلهل وقد كان والدها رجلا من أعزاء العرب وكان الملك قد اتفق مع والدته أن تأمر كلثوم بما يقلل من قدرها وفعلا تمت الزيارة وبينما كان الملك يجالس ضيفه الشاعر الفارس وإذا بصوت والدته كلثوم تصرخ واذلاّه بسبب إن أم الملك قد أمرتها أن تناولها طاسة أو قدحا من الماء فقام الفارس عمرو من فوره إلى سيف الملك المعلق على الجدار وسحبه وضرب به هامة الملك عمرو بن هند وارداه قتيلا صريعا في قصره وهنا صار عمرو بن كلثوم مضربا للأمثال بين العرب كلها فيقال( افتك من عمرو بن كلثوم)
وفي ذلك قال الشاعر ألتغلبي صريم بن معشر والملقب بافنون:
لعمرك ما عمرو بن هند وقد دعا ***لتخدم ليلى أمه بالموفـــــــق
فقام ابن كلثوم إلى السيف مصلتا***وامسك من ندمانه بالمخندق

18. قابوس بن المنذر:

بعد أن قتل عمرو بن هند وصل إلى الحكم أخيه قابوس بن المنذر الذي حكم من عام578م وحتى581م ثم خلفه أبا زيد لمدة عام واحد
19. المنذر بن المنذر بن ماء السماء:
وقد حكم قرابة أربعة أعوام أي حتى 585م
20. النعمان بن المنذر أبو قابوس:
وهو من أشهر ملوك الحيرة بالعراق وقد دام حكمه من عام 585م وحتى613م وقد بلغت دولة المناذرة في حكمه أوج الرخاء والازدهار وقد كان النعمان يلبس في رأسه تاجا مرصعا بالنفائس وعاصر كسرى هرمز وكسرى ابرويز وفي أيامه حدثت واقعة ذي قار بين عرب العراق والفرس والتي انتهت بهزيمة الفرس التي حدثت في بداعية عام 613م
ديانة النعمان
لقد كان النعمان وثنيا في أول عهده ثم تنصّر في 593م مما يدل على استقلاليته من الفرس وتحديه لهم خصوصا وان المسيحية كانت هي ديانة الروم أعدائهم آنذاك وقد كان نسطوريا لذلك طرد اليعاقبة من مملكته وقوى النسطورية وقد كانت ابنته الحرقة نصرانية ومترهبة وهي التي وصفت حالها لسعد بن أبي وقاص بعد القادسية قائلة
فبينا نسوس الناس والأمر أمرنا***إذا نحن فيه سوقة نتنصف
فأف لدنيا لا يدوم نعيمـــــــــــها*** تقلب تارات بنا وتصـــرف

====== 

 وكانت على جميع كسرى للعرب دائرة لم يسمع بها. وقالت شعراء العرب في ذلك واكثروا، ففي ذلك يقول الاعشى:
فلدي لبني ذهل شيبان ناقتي ... وراكبها يوم اللقاء وقلت
هم ضربوا بالحنو حنو قراقر ... مقدمة الهامرز حتى تولت
ثم قال الفرزدق في ذلك:
اني وان كانت تميم عمارتي ... وان كنت منها في فروع الجماجم
لأثني على فتيان بكر بن وائل ... يوافي جمعهم في المواسم
اقاموا لكسرى يضربون جموعه ... ونهرا إذا جاءت وجمع الاراقم
فلما برحوا حتى تهادت نساؤهم ... ببطحاء ذي قار عباب اللطائم
فيوم ذي قار، يوم فضيلة للقحطانية والعدنانية، لا شتراكهم فيه، وهو على العجم شهرته تغني، وقال فيه الطائي:
فانتم بذي قار قد امالت سيوفكم ... عروس اللذين استرهنوا قوس حاجب
يعني بكر بن وائل. وهذا يوم اليمانية والعدنانية.
قال دعل وصفت هذه الحرب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بالمدينة، فقال لأصحابه ومن حضر منهم: " يوم ذي قار اول يوم انتصفت العرب من العجم وبي نصرا " يقول اسمي حين جعلوا شعارهم يا محمد يا محمد.


الانساب ل الصحاري

=====
منقول من بحث لـ الباحث صالح العرجان

فَلَمّا بلغ إياداً كتاب لقيط استعدوا لمحاربة الجنود التي بعث بها كسرى(41) )، وقيل إن الإياديين لم يلتفتوا إلى قول لقيط وتحذيره إياهم ثقة بأنّ كسرى لا يقدمُ عليهم(42) )، وحين التقى الفريقان هُزمت إياد ولحقت بأطراف الشام، فكان مصيرها مشابهاً لمصير قضاعة التي ارتحلت فلولها إلى الشام بعد سقوط الحضر(43) .

واللافت في خبر انتصار الفرس على إياد أن جموع الفرس كانت بقيادة رجل عربي هو مالك بن حارثة الجشمّي، التغلّبي، فقد بعث إليه كسرى ووجه معه أربعة ألاف من الأساورة)(44) ، فإذا صحت هذه الرواية، وصدق لقيط في إخباره عن جيش قوامه ستون ألفاً فإن الجيش الذي هزم الإياديين كان جيشاً عربياً فيه عدة آلاف من الفرس يأتمر بأمر كسرى، ولكن شعر لقيط لا يدل على وجودٍ عربيّ في جيش كسرى، فلماذا أغفل لقيط ذلك؟ ثمة احتمالان: الأول أن جيش كسرى لم يكن فيه عرب أو أن لقيطاً لم يكن يعرف بوجود العرب في ذلك الجيش، وهذا أمر مستبعد؛ فصلةُ لقيط كانت وثيقة ببلاط كسرى؛ والثاني أن لقيطاً أغفل عامداً الإشارة إلى وجود العرب في الجيش الفارسي لإدراكه أن الصراع هو بين إياد والفرس، وليس بين إياد وتغلب، فكان تحذيره لقومه من الفرس وحدهم وضعاً للأمور في مواضعها الصحيحة، ومنعاً لتحويل الصراع من صراع بين العرب والفرس إلى صراع بين القبائل العربية الموجودة في العراق، وهذا التحويل كان هدفاً فارسيّاً به يضعف العرب، وتضعف فرص توحدهم ضد الفرس، وبه تتضائل القوى التي تلزم الفرس للحفاظ على وجودهم في العراق، وسيادتهم على العرب فيه، وبه يفلون الحديد بالحديد.

وأمّا قبول مالك بن حارثة التغلبي بقيادة الهجوم على إياد فمن المرجح أن كسرى أغراه بمكاسب مادية له ولقبيلته، فانقاد إلى كسرى، ودلّ بذلك على عجزه عن فهم حقيقة الصراع في العراق، وعلى تقديمه الانتماء النسبي القبلي) على الانتماء العربي، فكانت رغبته في تحقيق المصالح الخاصة به وبقبيلته سبباً في قبوله التبعية للفرس والانقضاض على العرب الإياديين.

لقد ربح الفرس جولتين ضد الجاهليين، الأولى حين واجهت قضاعة الفرس وحدها فسقطت الحضر، وطردت قضاعة من العراق والثانية حين واجهت إياد مصيراً مشابهاً لمصير قضاعة، وبأيدٍ عربية. وأرى أن هاتين الجولتين كانتا درسين أسهما في تكوين الوعي العربي لدى فئة من الجاهليين، فكان الإحساس بالوجود العربي في مواجهة الوجود الفارسي في العراق، وإنّ في مصرع النعمان بن المنذر وفي معركة ذي قار مايؤكّد ذلك الإحساس، ومايوحي بوجود جهد خفي لتثبيت الوجود العربي المستقل في العراق.

وبأمر من كسرى، وتحت أرجل الفيلة قُتِلَ ملكُ الحيرة النعمان بن المنذر 580-605م)(45) ومن المشهور أن كسرى أقدم على فعلته بسبب مكيدة حاكها عميل للفرس هو زيد بن عدي العبادي التميمي، فقد حَبّبَ زيد إلى كسرى الزواج من أسرة النعمان، ولكن النعمان رفض تلبية طلب كسرى الذي صبر مدّة، ثم استدعى النعمان إلى العاصمة الفارسية، ولما قدم إليها، أمر كسرى بالقبض على النعمان ثم قتله، وَوَلّى على الحيرة إياس بن قبيصة الطائي(46) .

كانت غضبة كسرى أعظم من رفض النعمان لطلبه؛ فقد قُتل النعمان، وانتقل ملك الحيرة إلى أسرة جديدة، وتلك عقوبة لا يوجبها رفض النعمان لزواج إحدى بناته من كسرى، بل توجبها ضرورة سياسية عليا، وقد أفصح كسرى عنها حين كتب إلى ابنه شيرويه: وأمّا ما زعمت من قتلي النعمان بن المنذر، وإزالتي الملك عن آل عدّي إلى إياس بن قبيصة، فإن النعمان وأهل بيته واطَؤُوا العرب، وأعلموهم تَوَكّفهم توقعهم) خروج الملك عَنّا إليهم، وقد كانت وقعت إليهم في ذلك كتب، فقتلته، ووليتُ الأمرَ أعرابيّاً لا يعقل من ذلك شيئاً)(47) 

وبذلك تتضح الأسباب البعيدة لمقتل النعمان؛ فلقد اتبع سياسة جعلت كسرى لا يتخَوّف من انكماش النفوذ الفارسي على العرب فحسب بل يتخوّف من انتقال الملك من الأكاسرة إلى النعمان والعرب، وقد لمس كسرى في تصرفات النعمان بعض ما يعزّز ظنونه، إذ اتجه إلى توسيع نفوذه في شبه الجزيرة العربية، فامتد سلطانه إلى البحرين وجبل طّيئ، وكثرت لطائمه التي يرسلها إلى الحجاز، و..... أصبح بلاطه موئلاً للشعراء العرب ولأدبائهم، والتفّ حوله زعماء القبائل)(48) ويضاف إلى ذلك قتل النعمان لعدي بن زيد العبادي، وهو رأس أسرة عربية عميلة للفرس، وكذلك، وهو الأهم، اطلاع كسرى على كتب تدل على نوازع النعمان والعرب المعادية للسلطة الفارسية.

ومن المحتمل وقوع مراسلات بين الغساسنة والنعمان وقيام بعض المتنورين العرب بمحاولة التقريب بين الغساسنة عرب الشام) والمناذرة عرب العراق) ويرى د. البهبيتي أن النابغة الذبياني كان يطوف في الأرض، يبغي جمع الكلمة، ولم الشعث، ويحاول أن يوفق بين الخصمين التقليدين في هذا: وهم الغساسنة والمناذرة، ويكاد النابغة يذهب ضحية في هذا، لولا فطنة النعمان الأخيرة، وانصياعه آخراً إلى دعوة الوحدة)(49) ، ويميل د.البهبيتي إلى أن كسرى حبس النعمان، وأن حبسه أثار حفيظة العرب، ودفع النابغة صاحب الدعوة إلى الوحدة، والسعي إليها بين الحيرة والغساسنة إلى أن يقول:(50) 

إنْ يَرْجِعِْ النُّعْمَانُ نَفرَحْ ونَبتْهِجْ

وَيَأْتِ مَعَدّاً مَلْكُها وَرَبيعُها


وَيَرْجِعْ إلى غَسّانَ مَلْكٌ وسُؤدُدٌ

وَتِلْكَ المُنَى لو أَنَّنَا نَسْتطيعُها


وإنْ يَهْلِكِ النُّعْمَانُ تُعْرَ مَطِّيةٌ

وَيَخْبَأُ في جَوْفِ العِيابِ قُطُوعُها



فهذه الأبيات -إن صح توجيه د.البهببيتي لمناسبتها- تعبر عن آمال عربية في الوحدة، فالنعمان إن نجا سادت غسان، وسادت معدّ، والنعمان بعد هذا صاحب الحيرة، وتلك كانت الكتل التي تتصارع، وتقتتل في جزيرة العرب، والتي كان دعاة الوحدة يعملون على جمع كلمتها لتجتمع بذلك كلمة العرب)(51) .

قتل الفرسُ النعمانَ بن المنذر وكان قتله سبب وقعة ذي قار)(52) وهي وقعة أشعلتها رغبةُ كسرى في إحكام قبضته على القبائل العربية المقيمة في العراق(53) ، وعلى إذلالها من جهة وغضبةُ تلك القبائل لمقتل النعمان، وحرصها على التحرر من سيطرة الفرس وعلى عدم الارتحال عن العراق من جهة أخرى.

وكان السبب المباشر لمعركة ذي قار أن النعمان بن المنذر كان يتوجّس شرّاً من قدومه إلى عاصمة الفرس، فاستودع أهله وسلاحه عند هانئ بن قبيصة بن هانئ بن مسعود الشيباني، وكان سيداً منيعاً(54) ، وبعد مقتل النعمان طلب كسرى من عامله على الحيرة إياس بن قبيصة الطائي أن يضمّ ماكان للنعمان، ويبعث به إليه، فبعث إياس إلى هانئ: أن أرسل إليّ ما استودعك النعمان من الدروع وغيرها، فأبى هانئ أن يُسلم خفارته، فغضب كسرى، وأظهر أنه يريد أن يستأصل بني بكر بن وائل، ولكنه تريث بناءً على نصيحة من رجل يحب هلاك بكر، هو النعمان بن زُرْعة التغلبيّ، فلما حلّ القيظُ نزلت بكر حنو ذي قار، فأرسل إليهم كسرى النعمان بن زرعة التغلبيّ، فنزل على هانئ، ثم قال له: إمّا أن تُعطوا بأيديكم فيحكم فيكم الملك بما شاء، وإمّا أن تُعَرُّوا الديار تغادروها) وإمَا أن تأذنوا بحرب، فتشاور البكريون في ذلك، ثم أخذوا برأي حنظلة بن ثعلبة بن سيار العجلي الذي قال لهم: لا أرى إلا القتال.... فآذنوا الملك بحرب(55) .

وحينئذٍ قرّر كسرى أن يضرب البكريين، فاتخذ إجراءات تذكّر بالأسلوب الذي ضُرب به الإياديون سابقاً، فقد عقد كسرى للنعمان بن زرعة على تغلب والنمّر، وعقد لخالد بن يزيد البهراني على قضاعة وإياد، وعقد لإياس بن قبيصة على جميع العرب، ومعه كتيبتاه: الشهباء والدّوسر، وعقد للهامرزْ التُّسْتَريّ، وكان على مسلحة كسرى بالسواد، على ألف من الأساورة)(56) ، وعقد لخنابرين على ألف(57) ، وكتب إلى قيس بن مسعود... وكان عامله على الطّف، طَفّ سَفَوان،وأمره أن يوافِيَ إياس بن قبيصة، ففعل)(58) ، وبذلك تتوضح خطة كسرى، وهي ضرب العرب بأيدٍ عربية، بل ضرب القبيلة بكر) بأيدي أبنائها قيس بن مسعود)، وذلك بإشراف فارسي مباشر.

ولكنّ تنامي الوعي بالانتماء العربي ساعد على تقوية البكريين، وعلى إضعاف جبهة الفرس وعملائهم، فانتصر البكريون العرب) وانهزم الفرس وعملاؤهم، وقتل الهامرز، وخُنابِرين، فكيف أسهم الوعي بالانتماء العربي في تحقيق ذلك؟

لقد أنذر بعض العربُ بني بكر بالخطر المحدق بهم، ومنهم قيس بن مسعود الشيباني وله في ذلك أشعار، ومنها قوله(59) :

ألا لَيَتني أرشُو سِلاحي وَبَغْلَتي 

فَيُخْبرَ قومي اليومَ ما أنا قائِلُ


وإنّ جُنودَ العُجْمِ بيني وبَيْنَكُمْ

فيا فَلَجِي يا قومُ إنْ لم تُقَاتِلوا



واشترك بعض العرب إلى جانب بكر في محاربة الفرس؛ فقد كان في بكر أسرى من تميم قريباً من مائتي أسير فقالوا خَلُّوا عنا نقاتل معكم، فإنّما نَذُّب عن أنفسنا، قالوا: فإنّا نخافُ إلاّ تناصحونا، قالوا: فدعونا نُعلم، حتى تَرَوا مكاننا وغَنَاءَنا)(60) ، واشترك بالحرب إلى جانب بكر ربيعةُ بنُ غزالة السَّكوني وقومُه،وكانوا نزولاً في بني شيبان، وكان لربيعة رأي في تلك الحرب، فأخذ به البكريون(61) ، وكذلك أشار عليهم في أثناء المعركة يزيد بن حمار السَّكوني بأن يكمنوا للفرس كميناً، فأخذ البكريون برأي يزيد، وجعلوه رأسهم في ذلك الكمين، وبذلك يتبين لنا أن البكريون لقَوا دعماً عربياً، وأنهم أفسحوا في المجال لمن قرب منهم من العرب كي يشاركوافي محاربة الفرس بسواعدهم وعقولهم وخبراتهم أيضاً.

وكذلك لقي البكريون دعماً من القوة المعادية؛ فقبيل ا لمعركة انسَلَّ قيس بن مسعود الشيباني- وهو من قادة الجيش الفارسيّ إلى قومه ليلاً، فَأتى هانئاً، فأشار عليهم كيف يصنعون، وأمرهم بالصبر، ثم رجع)(62) وكذلك أرسلت إياد إلى بكر سًراً -وكانوا أعواناً على بكر مع إياس بن قبيصة: أي الأمرين أعجب إليكم، أن نطيرَ تحتَ ليلتنا فنذهب، أو نقيم ونفرّ حين تلاقوا القوم؟ قالوا: بل تقيمون، فإذا التقى القوم انهزمتم بهم... وولت إياد منهزمة كما وعدتهم، وانهزمت الفرس)(63) .

إن وعي القبائل بانتمائها العربي منع تكرار ماحدث لإياد وقضاعة؛ فبكر لم تقاتل الفرس وحدها بل قاتلت معها قوى عربية فاعلة، وأكثر العرب الذين حشدهم كسرى لمحاربة بكر دفعهم انتماؤهم العربي إلى إضعاف الفرس، ونصرة العرب البكريون، لقد أراد الفرس أن يئدوا تطلّعات العرب القومية فقتلوا النعمان، وسعوا إلى إشعال نيران الحرب بين العرب، وإلى كسر شوكة بكر المتمردة على نفوذهم ولكن مساعي الفرس عجزت عن وقف نسغ الانتماء العربي وهو يسري إلى كل بقعة من أرض العرب، وتتشربه قلوب أبنائها.

ولذلك كان الانتصار في ذي قار نصراً عربياً لا قبلياً، وماسيوف البكريين وحلفائهم المنتصرة إلا رسل متقدمون للقوى العربية الناهضة، ولمشاعر الانتماء العربي النامية، وأضاء تلك الحقيقة إعلان الرسول العربي محمد بن عبد الله القرشي صلى الله عليه وسلم لها من يثرب في قوله عن ذي قار هذا يوم انتصفت فيه العَرَبُ من العجم، وبي نصروا)(64) ، وإن في قوله ص) انتصفت) مايدل على أن وقعة ذي قار لم تكن نصراً عسكرياً فحسب بل انتصار للحق العربي على الظلم الفارسيّ.

وأما عملاء الفرس فقد تطامنوا أمام المدّ القومي، ومن الأشعار الدالة على الأسف لما بدر منهم قول والدة عميل فارسي عمرو بن عدي بن زيد العبادي) قتل في ذي قار(65) :

ليتَ نُعمانَ علينا مَلِكٌ

وبُنَيَّ لي حيٌّ لم يَزَلْ



وقد أدرك الشعراء عظمة يوم ذي قار، فتغنوا به، ففي أثناء احتدام المعركة انطلقت ألسنة بعض المقاتليين بالأهازيج الحماسية ضد الفرس، كقول حنظلة بن ثعلبة بن سيَّار العجلي(66) :

يا قَوم طِيْبُوا بالقتالِ نَفْسَنا

أجْدرُ يومٍ أن تَفُلُّوا الفُرْسَا



وبعد النصر تعالت صيحات الفخر بيوم عظيم، كقول العُديل بن الفرخ العجلي: البكري(67) :

ما أَوْقَدَ الناسُ مِنْ نارٍ لَمْكرُمَةٍ

إلاّ اصطْلَيْنا، وكُنَّا مُوقِدِي النَّار


ومايَعُدُّونَ من يومٍ سِمعْتُ بهِ

للناسِ أفْضَلَ مِنْ يَومٍ بذي قارٍ



وقد أكثر الأعشى من الافتخار بذي قار، ومن ذلك قوله(68) :

وَجُنْدُ كِسْرَى غَداةَ الحِنْوَ صَبَّحَهُمْ

مِنّا كتائِبُ تُزْجي الموتَ، فانْصَرَفُوا


جَحَاجِحٌ وَبَنُوا مُلْكٍ غَطارِفَةٌ

مِنَ الأعَاجمِ في آذانِها النُّطَفُ


إذا أَمَالُوا إلى النُّشَابِ أيديَهُمْ

مِلْنا ببيضٍ فَظَلَّ الهامُ يُخْتَطَفُ


وخيلُ بَكْرٍ فَما تَنْفَكُّ تَطْحَنُهُمْ

حتى تَوَلَّوا، وكاد اليَوْمُ يَنْتَصِفُ


لو أنَّ كلَّ مَعَدٍّ كانَ شاركَنَا

في يومِ ذي قارَ ما أخطَاهُمُ الشَّرَفُ



وإن افتخار الشاعر بقبيلته المنتصرة، وفي تمنيه مشاركة قبائل معدّ لقومه في ذلك النصر دلالة واضحة على وجود المشاعر العربية عند الأعشى؛ فهو يتمنى مشاركة قبائل أخرى لقومه بالنصر، وبالانتماء النسبي القبلي) وحده لا يطلق تلك المشاعر بل يطلقها الانتماء العربي الذي يشد تلك القبائل بعضها إلى بعض، ويزداد القول بإظهار الأعشى لانتمائه العربي في ذي قار صحّةً إذا استذكرنا وجود مشاعره العربية في مديحه لسادات اليمن، وإن هذه المشاعر لدى الأعشى، وهي موجودة لدى غيره من العرب، هي التي دفعته إلى عتاب بل هجاء سيد قبيلته، قيس بن مسعود الشيباني البكري لأنه وفد على كسرى بعد ذي قار، يقول ا لأعشى(69) :

أَقَيْسَ بْنَ مَسْعُودِ بنِ قَيْسَ بن خالدٍ

وَأَنْت امرؤٌ تَرْجُو شبابَكَ وائلُ


أَطَورَيْنِ في عامٍ غَزَاةٌ وَرِحْلَةٌ

إلا ليت قَيْساً غَرَّفَتْه القَوابِلُ


وَلَيْتَكَ حالَ البَحْرُ دُونَكَ كُلُّهُ

وَكُنْتَ لَقَّى تَجري عليه السَّوائِلُ


كَأَنَّكَ لَمْ تَشْهَدْ قَرابينَ جّمَّةً

تَعِيثُ ضِبَاعٌ فِيهمُ وَعَواسِلُ


تَرَكْتَهُمُ صَرْعَى لدى كُلِّ مَنْهَلٍ

وَأقْبَلتَ تبِغي الصُّلْحَ أُمُّكَ هابِلُ


لقد كانَ في شَيْبَانَ لو كُنْتَ راضياً

قِبَابٌ وَحَيٌ حِلَّةٌ وَقَنَابِلُ


وَرَجْرجَةٌ تُعْشِي النواظِرَ فَخْمَةٌ

وَجُرْدٌ على أكنافِهنَّ الرَّوَاحِلُ


تَرَكْتَهُمُ جَهْلاً وكنتَ عَمِيدَهُمْ

فَلا يَبْلُغّني عَنْكِ ما أنتَ فاعِلُ



إن مشاعر الانتماء العربي والقبلي لدى الأعشى ثائرة ومتألمة لأنّ سَيِّداً عربياً من قبيلته خضع لكسرى في عام واحد مرتين: الأولى حين رضي أن يكون أحد القادة العرب في الجيش الفارسي يوم ذي قار، والثانية حين رضي أن يفد إلى كسرى بعد ذي قار، ولكن غضب الأعشى على قيس لا يخفي حبه له، وإعجابه بصفاته القيادية؛ فقيس محط رجاء لبني وائل بكر وتغلب)، ولكن خضوعه للفرس جعل الأعشى يتمنى لو أن قيساً مات قبل ذلك، إن الأعشى المفعم بمشاعر الألفة العربية والقبلية يستغرب رغبة قيس في مصالحة كسرى بعد ذي قار؛ ففيه رأى قيسٌ قومه يقتلون بالسيوف الفارسية والعربية العميلة للفرس، والأعشى يرى أن باستطاعة قيس -لو شاء- أن يمتنع على كسرى بسيوف قومه بني شيبان، ولكن الجهل ساق قيساً إلى كسرى، وإن قول الأعشى لقيس وكنت عميدهم) لدليلاً على أن الخضوع لكسرى أفقد قيساً زعامة بني شيبان، وإن في قوله فلا يبلغني عنكَ ما أنت فاعل) لدليلاً على أن الأعشى يتمنى الموت على أن يسمع بأن زعيماً عربياً شيبانياً يلقي بيده إلى كسرى.

ولكن قيساً لقي لدى كسرى مالقي النعمان بن المنذر قبله، فلماذا؟ من المرجح اعتماداً على مجيء ليلة يوم ذي قار إلى قومه، وإشارته عليهم بما يصنعون أن قيساً لم يكن عميلاً للفرس.

ولكنه سياسي عربي أراد استمرار صلته بكسرى ليحقق لقومه مالا يستطيع تحقيقه بإعلان عدائه للفرس، ولكن فطنة كسرى السياسية أوقفته على صلات قيس بقومه يوم ذي قار، وعلى نوازعه العربية المعادية للفرس، فاستدرجه إلى بلاطه، وَقْبَل مسير قيس إلى كسرى اجتمعت رجال من بكر بن وائل، فَنَهُوه، وقالوا: إنما بعث إليك لما بلغه عنك، فقال: كلاّ ما بلغه ذلك، فأتاه فحبسه في قصر له بالأنبار حتى هلك، وفي ذلك القصر حبس النعمان بن المنذر حتى هلك)(70) .

وأما شعر الأعشى السابق فإنه تعبير عن أنفه عربية من الخضوع للفرس وعن رغبة في نهج سياسية مغايرة لسياسية قيس، عن رغبة في سياسة المواجهة والتحدي العربي للفرس(71) . ولم تكن رغبة الأعشى بعيدة المنال بل كانت أملاً يوشك أن يتحقق بالإرادة في يثرب، المدينة المنورة، ثم بدأ بذلك الحلم يتحقق على أرض الواقع حين بدأ الفتح العربي للعراق بسيوف عربية شيبانية بقيادة المثنى بن حارثة الذي نشأ في مدرسة هانئ، وقيس والأعشى وغيرهم من رجال ذي قار، ثم اكتمل الإسلام.


(40) انظر القصيدة في ديوان لقيط ص30-50

(41) المصدر السابق ص 50

(42) الأغاني 22/360

(43) انظرمعجم مااستعجم 1/26، 71-75، وتاريخ الطبري 2/42، والأغاني 22/360.

(44) الأغاني 22/358.

(45) وقيل: مات النعمان بالطاعون، وهو في سجن النعمان انظر الأغاني 2/120، وتاريخ الطبري 2/206).

(46) انظر الخبر مفصلاً في تاريخ الطبري 2/201-206، والأغاني 2/112-120

(47) تاريخ العرب القديم ص 169-170

(48) أبو حنيفة الدينوري، 1960م، الأخبار الطوال، تحقيق عبد المنعم عامر، دار إحياء الكتب العربية، القاهرة ص 109-110

(49) تاريخ الشعر العربي ص 42

(50) ديوان النابغة ص 123 والأبيات في مديح النعمان بن الحارث الغساني، وقد رأى د. البهبيتي أنها في سجن كسرى للنعمان بن المنذر انظر تاريخ الشعر العربي ص 42-43)، والقطوع: جمع قطع، وهي طنفسة يجعلها الراكب تحتته، وتغطي كتفي البعير.

(51) تاريخ الشعر العربي ص 43.

(52) الأغاني 2/120

(53) كذلك عمل كسرى على إحكام قبضته على القبائل المقيمة على السواحل الشرقية للجزيرة العربية وعلى طرق تجارته إلى اليمن، وكان يضرب العرب، بعضهم ببعض وبإشراف فارسي مباشر، ومن أبرز الأخبار الدالة على ذلك خير يوم الصفقة، وفيه استغل كسرى الصراع بين تميم وبكر فساعد بكراً على ضرب بني تميم الذي انتهبوا تجارته القادمة من اليمن، وكان ذلك قبل ذي قار فساعد بكراً على ضرب بني تميم الذين انتهبوا تجارته القادمة من اليمن، وكان ذلك قبل ذي قار انظر بعض الأخبار والأشعار على ذلك في الأغاني 17/ 318-322، وتاريخ الطبري 2/169-171، وشرح ديوان الأعشى ص 206).

(54) انظر تاريخ الطبري 2/ 205 -206.

(55) انظر المصدر السابق 2/207، وثمة أخبار عن غارات شنّها بعض البكريين على سواد العراق بعد مقتل النعمان، فغضب كسرى لذلك، وطلب حينئذ ما استودعه النعمان عند البكريين، وحبس سيد بكر قيس بن مسعود الشيباني انظر الأغاني 24/55-58)، ولهانئ بن مسعود الشيباني شعر يرثي فيه النعمان بن المنذر ويصف فيه كسرى بأن عدا اعتدى) على الملك النعمان حتى قتله، انظر معجم البلدان: سيلحون) وربيع الأبرار 1/464).

(56) العقد الفريد 5/263

(57) انظر الأغاني 24/62

(58) العقد الفريد 5/263، وانظر تاريخ الطبري 2/207

(59) الأغاني 24/60، ولحُرّقة بنت النعمان بن المنذر أبيات تنذر فيها بني بكر من الخطر الفارسيّ، وتعلن تعاطفها معهم انظر الأغاني 24/62-63).

(60) العقد الفريد 5/264-265

(61) انظر الأغاني 24/ 67

(62) العقد الفريد 5/263، وأورد الطبري في تاريخه 2/208) بعض مشورة قيس، إذ ذكر قوله لهانئ: أعط قومك سلاح النعمان، فيقووا، فإن هلكوا كان تبعاً لأنفسهم، وكنت قد أخذت بالحزم، وإنْ ظفروا ردّوه عليك).

(63) تاريخ الطبري 2/208-210، ويرى يوسف اليوسف مقالات في الشعر الجاهلي ص 13)، أن ليوم ذي قار دلائل قومية وطبقية، وأنه كان ثورة أو حركة قومية تجلى فيها الشعور القوميالأول مرة) ومن المفيد الإشارة إلى حرص كسرى على الاستفادة المادية من العرب وأرضهم؛ فقد كانت له لطائم تحمل تجارته بين اليمن والعراق انظر الأغاني 24/62). وكان له بجانب البحرين نخيل وناس يحمونه ويصرمونه له انظر ديوان امرئ القيس ص 57).

(64) الأغاني 24/72

(65) المصدر السابق 24/70

(66) النقائض 2/642، ولمزيد من أشعار الحماسة في أثناء معركة ذي قار انظر الأغاني 24/68، وتاريخ الطبري 2/208-210.

(67) العقد الفريد 5/266

(68) شرح ديوان الأعشى ص210-211، والجحاجح: السادة الشجعان، والغطارفة: السادة الكرام، والنطف: اللآلئ والجواهر، ولمزيد من شعر الأعشى وغيره في ذي قار انظر شرح ديوان الأعشى ص 81-84، 309، 320-322، والأغاني 24/73-75، وتاريخ الطبري 2/211-212، والعقد الفريد 5/265-268، والنقائض 2/ 645-646.

(69) شرح ديوان الأعشى ص 276-277، والعواسل: الذئاب، وهابل: ثاكل، والرجراجة: كتيبة الجند العظيمة التي تموج من كثرتها، وكثرة ما معها من الأسلحة، والأكناف: الجوانب والرواحل: الإبل النجيبة.

(70) المعاني الكبير 2/922، وفيه: ويقال نجا قيس) ويبدو أن كسرىحمل القادة العرب في جيشه مسؤولية الهزيمة في ذي قار، فإضافة إلى قيس أراد كسرى الانتقام من إياس بن قبيصة الطائي، فأرسل إلى ماله ليأخذه، فنفرت طّيئ، فأراد أن يبطش بأناس منهم ثم عدل عن رأيه، وكتب لهم كتاباً فيه أمان، ولزيد الخيل الطائي قصيدة انظر ديوانه ص 81-82) يدعو فيها قومه إلى عدم الاطمئنان إلى أمان كسرى ويذكرهم فيها بغدره ومنها أفي كل عام سيّدُ يفقدونه)، وفي ذلك إشارة لا تخفى إلى أولئك السادة الذين قتلهم كسرى وإيحاء لا يخفى بوجود المشاعر العربية عند زيد الخيل الطائي.

(71) يؤكد رغبة الأعشى في تحدّي الإرادة الفارسية أنه دعا قومه إلى الامتناع عن تقديم رهائن منهم لكسرى، وله قصيدة شرح ديوان ص 103-107)، يتحدى فيها إرادة كسرى بأخذ رهائن من بكر لأنّ منها أغارت على السواد، وفيها يعلن استياءه ممن قبل من قومه بتقديم الرهائن، ويحضّ على التمرّد على الإرادة الفارسية، ويظهر قدرة قومه على مقاومة الفرس.




========
المنذر بن النعمان الملقب بالغرور وهو الذي وقع أسيرا في البحرين أثناء حروب الردة فاسلم وأبدل لقبه من الغرور إلى المغرور وانتهى حكمه في 632م وبذا يكون هو آخر ملوك المناذرة الذين حكموا العراق في الحيرة...

636 معركة القادسية 


==================

قراءة مختصرة في تاريخ الفرس مع العرب

http://aljazeeraalarabiamodwana.blogspot.com/2015/04/blog-post_249.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق