الخميس، 19 فبراير 2015

وزير إيراني أسبق معترفا: "التقية" سياسة إيرانية خارجية

يقول: لإيران دور بالعراق وأفغانستان وسوريا وفلسطي

وزير إيراني أسبق معترفا: "التقية" سياسة إيرانية خارجية

1433/04/01
 الموافق 23/02/2012 -

أجرى الحوار: علاء أبوالعينين






اعترافات مثيرة، تصريحات خطيرة، اختراقات مهمة لخفايا السياسة الإيرانية في المنطقة العربية.. كشف عنها الكاتب والروائي الحالي والوزير الإيراني السابق، سيد عطا الله مهاجراني، في حوار خاص مع "شبكة رسالة الإسلام" على هامش ندوة أقيمت مؤخرا بالعاصمة السعودية الرياض، وكانت بعنوان: "العرب وإيران.. محددات العلاقة ومستقبلها".

بعضها قد يكون معروفا للمحللين والخبراء، لكن أهميتها تكمن في خروجها من شخصية كبيرة مثل مهاجراني؛ فهو رجل عارف ببواطن السياسة الإيرانية، ولما لا: وقد شغل منصب مستشار الرئيس الإيراني السابق محمد خاتمي للشؤون الثقافية، ووزير الثقافة والإرشاد في عهده، ورئيس لمركز حوار الحضارات الذي أنشأه خاتمي، ونائب في البرلمان الإيراني.

كما كان مهاجراني من الأسماء المرشحة لانتخابات الرئاسة الإيرانية في عام 2005م، قبل أن تضيق به سبل العيش الكريم في "إيران الثورة"، ويقيم في لندن بشكل دائم.

وفيما يلي نص الحوار:

رسالة الإسلام: من خلال مشاركتك في ندوة "العرب وإيران.. محددات العلاقة ومستقبلها".. كيف وجدت نظرة العرب لإيران؟

مهاجراني: وجدت وجهات نظر مختلفة ومتعددة تجاه العلاقات العربية الإيرانية، بعضها كانت قاسية وغاضبة وبعضها كانت منطقية وعادلة، وأتصور أن هذا التعدد والتنوع في الآراء مؤشر على مقولة صدرت خلال الندوة من أحد أصدقائنا وهو الدكتور عبد الخالق عبد الله من الإمارات اعتبر فيها إيران جاراً صعباً وغامضاً.

رسالة الإسلام: وبرأيك.. لماذا يجد العرب إيران جاراً صعباً وغامضاً؟

مهاجراني: هذا سؤال يطرح نفسه، وأتصور أن هناك أسباباً مختلفة، والسبب الرئيس هو: الحرب التي فُرضت على إيران في العقد الأول من قيام الثورة. لقد واجهنا عدوان العراق، وفوجئنا - مع الأسف - بتأييد أصدقائنا وأشقائنا العرب للرئيس العراقي صدام حسين؛ فبدون الدعم والتمويل العربي، لم يكن في مقدرة صدام – كما أعتقد - إطالة أمد الحرب ضد إيران لنحو 8 سنوات. وقد جعلت الحرب الآخرين ينظرون إلى الإيرانيين والثورة الإيرانية بطريقة مختلفة، فمثلا كان صدام يردد دوما: الإيرانيون مجوس وكفار ومعادون للإسلام.

السبب الثاني للغموض يتمثل في: الموقفين الأمريكي و"الإسرائيلي" المعادي لإيران من بداية الثورة وحتى الآن، فواشنطن وتل أبيب دائما ضد إيران، ودائما ما يستفيدان من كل الأوراق المتاحة لهما في المنطقة ضد إيران، ومن بينها: أوراق سياسية، وإعلامية، واقتصادية، فضلا عن الحرب النفسية، وغير ذلك، وهي السياسة التي تسببت في عزلة إيران والشعب الإيراني عن الدول والشعوب العربية المجاورة، والعزلة عادة ما تسبب الغموض.

أما السبب الثالث للغموض من وجهة نظري فهو أيدلوجي؛ فحسب الأيديولوجية الشيعية تعد "عقيدة التقية" أمرا مباحاً بل ومستحسناً؛ فإذا كنت تواجه ظروفاً شديدة الصعوبة، فبإمكانك الاستفادة من التقية. اعتقد أن الأسباب الثلاثة التي ذكرتها تفسر سر غموض إيران أمام الآخرين.

رسالة الإسلام: تقول إن ممارسة "التقية" هي أمر واقع في السياسة الإيرانية الخارجية.. وهذا قد يؤدي إلى غموض إيران بالنسبة للآخرين؟

مهاجراني: طبعا. هذا أمر واقع بدون شك.

رسالة الإسلام: فهمت من كلامك أنك تلقى مسؤولية بدء الحرب العراقية الإيرانية العراقية على العراق.. وأنا أسال: من بدأ الحرب، ومن اعتدى على من؟

مهاجراني: عندما تقوم ثورة مثل الثورة الإسلامية في بلد كبير جغرافياً وبشرياً مثل إيران، لا يمكن أن يُجهز هذا البلد نفسه للحرب في مثل هذه الظروف، لأنه يكون في حاجة ماسة أولا إلى ترتيب البيت الداخلي. فبعد قيام الثورة في إيران، لم تكن المؤسسة العسكرية جاهزة للدخول في أي حرب، وكان البلد يواجه مشاكل كبيرة في جنوب وفي غرب إيران، في بلوشستان، في كردستان. كنت نائبا في البرلمان في تلك الفترة، وواجهنا مشاكل وصعوبات كثيرة عندما سمعنا أن العراق جهز جيشه لفرض الحرب ضد إيران، كنا متعجبين من هذا الأمر، فلن نكن في مثل هذه الأحوال مستعدين للحرب. لقد احتل العراق مدنا إيرانية مختلفة في بداية الحرب مثل: قصر شيرين و خرمشهر، وهذا دليل قوي على أن إيران لم تكن مستعدة للحرب، فإذا كنا جاهزين للحرب ما كان العراق تمكن من احتلال مدننا بمثل هذه السهولة.

رسالة الإسلام: بعد قيام الثورة، تدفقت على إيران وفود عربية كثيرة لتهنئة إيران بالثورة.. برأيك لماذا تغير الموقف العربي من إيران من عام 1979م حتى عام 2012م؟

مهاجراني: السبب الرئيسي هو: الحرب العراقية الإيرانية.

رسالة الإسلام: وبعد انتهاء الحرب العراقية الإيرانية.. كيف تصف العلاقات العربية الإيرانية؟

مهاجراني: بعد الحرب في عهد الرئيس الأسبق علي أكبر هاشمي رفسنجاني الذي شغل منصب رئاسة الجمهورية لدورتين رئاسيتين (1989-1997) وكنت مساعدا له، كانت العلاقات جيدة مع دول الجوار العربية وبالأخص العلاقات مع السعودية، كذلك كانت جيدة في عهد خاتمي الذي تولى منصب الرئاسة خلال الفترة بين عامي 1997م و2005م، لكنها تدهورت – مع الأسف - في عهد الرئيس الحالي محمود أحمدي نجاد.

رسالة الإسلام: ولماذا برأيك تدهورت العلاقات العربية الإيرانية في عهد نجاد؟

مهاجراني:

أولا: اعتقد أن حكومة أحمدي نجاد ليس لديها إستراتيجية محددة تجاه دول الجوار تستهدف خلق حالة من الود المتبادل. بالطبع أنا استنبط مثل هذه الأحكام من خلال تحليل تطورات الأوضاع على الساحة العربية الإيرانية، حيث أقيم حاليا في لندن وليس عندي معلومات من داخل الحكومة الإيرانية؛ فأنا أتصور أن العلاقات بين إيران والسعودية ينبغي أن تكون جيدة، باعتبارهما بلدين مهمين في المنطقة، لكن من خلال المشاكل والقضايا المطروحة حاليا استطيع أن أقول: إن إستراتجية حكومة نجاد لم تكن جيدة في إطار الدفع باتجاه إقامة هذه العلاقات الجيدة.

ثانيا: التركيز الأمريكي الإسرائيلي الراهن على إيران، وتصويرهما لإيران على أنها خطر على استقرار وأمن المنطقة.

رسالة الإسلام: تقول بعض الآراء أن أمريكا تنفذ مصالح العراق في المنطقة؛ فقد دخلت أمريكا العراق من أجل خلق نفوذ قوي لها في هذه المنطقة وربما تحجيم الدور الإيراني في المنطقة، لكن ما حدث هو أنها سلمت العراق لإيران على طبق منذ ذهب.. ما تعليقك على هذه الآراء؟

مهاجراني: بعد مضي 5 شهور من احتلال العراق، تصور الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن أن العراق بكامله أصبح في قبضة أمريكا؛ لذلك وجدناه يتحدث عن أن العراق سيصبح نموذجا للديمقراطية أمام بلدان الشرق الأوسط.

لم يتصور الأمريكان أن يجدوا مقاومة تذكر في العراق ولا حتى في أفغانستان، لكن ما حدث فيما بعد على أرض الواقع كان بالنسبة للأمريكان: عواقب غير محسوبة (unintended consequences).

ومن الطبيعي أن تستفيد إيران من الأخطاء التي ارتكبها الأمريكان في العراق خاصة أنها تمتلك علاقات جيدة مع أطراف كثيرة في العراق قبل وبعد سقوط صدام حسين؛ فالصلة بين إيران والأكراد في العراق كانت جيدة، الرئيس العراقي جلال الطالباني ورئيس إقليم كردستان العراق مسعود بارزاني عاشا سنوات طويلة في إيران وهم يتحدثون اللغة الفارسية بطلاقة.. أين تعلموا هذه اللغة؟ لقد تعلموها في إيران.

كثير من قادة حزب الدعوة العراقي كانوا في إيران، كل أفراد عائلة الحكيم كانت في إيران وغيرها الكثير.

كما استفادت إيران من أخطاء الأمريكان في العراق، استفادت من أخطائهم في أفغانستان، وكانت لديها صلات جيدة مع جبهة الشمال، والقائد الأفغاني أحمد شاه مسعود وآخرين، ومن الطبيعي أن تكون لإيران دور ونفوذ في أفغانستان.

رسالة الإسلام: لإيران مشروع في المنطقة كما أكد المتحدثون في الندوة وأنت من بينهم.. فما هي أبرز ملامح هذا المشروع؟

مهاجراني: إيران تريد أن تكون بلداً قويا: عسكرياً وأمنياً واقتصادياً وعلمياً، ويتطلب تحقيق هذا الهدف مناخا مناسباً، إضافة إلى الاستفادة من الفرص المتاحة. إن أهل الرياضة لا يمكنهم الجلوس في أماكنهم لفترات طويلة؛ فأهل السباحة وغيرهم من الرياضيين يحتاجون إلى كميات أكبر من الأوكسجين ولا يمكنهم الحصول عليها بالبقاء معزولين في منازلهم، كما أنهم عندما يأكلون فإنهم يأكلون أكثر من غيرهم. ومن الطبيعي أن تستفيد إيران من الأوراق والفرص المختلفة التي تلوح أمامها في المنطقة.

رسالة الإسلام: يتحدث المراقبون عن تغلل إيراني متزايد في المنطقة العربية وفي أفريقيا ومحاولات حثيثة لنشر المذهب الشيعي بين مواطني هذه المناطق وبطرق مختلفة تتضمن بناء المدارس والجمعيات الخيرية والتنموية وغيرها.. وقيل في الندوة إن هناك أموال دفعتها إيران لبدون في الكويت من أجل تشيعهم ومنحهم جنسية دولة جزر القمر وكذلك أموال تم دفعها إلى أسر في السودان من أجل تشيعها.. ما تعليقك على ذلك؟

مهاجراني: أنا شخصياً لا أوافق على مثل هذا التوجه. لكن الشيعة أكثرية في بعض البلدان العربية مثل البحرين والعراق، ومن الطبيعي أن تستفيد إيران من مثل هذه الورقة، الشيعة في العراق هم أكثرية، لكنهم كانوا مضطهدين في عهد صدام حسين.

رسالة الإسلام: أنا أسال هل هذه السياسة موجودة وهي: السعي لنشر المذهب الشيعي بين مواطني الدول المجاورة؟

لا أملك معلومات حول هذه القضية، لكن من المنطقي أن يلعب كل بلد بالأوراق المتاحة أمامه لتحقيق أهدافه.

رسالة الإسلام: لا اتفق معك في ذلك، فمثل هذه الأمور هي التي تجعل هناك نوع من التوجس من الدور الإيراني في المنطقة، وأحب أن أوضح أن الشيعة ليسوا أكثرية في العراق كما قلت؛ فهناك سنة عرب وهناك سنة أكراد وهناك سنة تركمان، واللعبة كانت فصل التركمان والأكراد عن السنة العرب، حتى يبدو السنة العرب أقلية عند مقارنتهم بالشيعة، وهذا أمر غير حقيقي. فهل تتفق معي في أنَّ الشيعة ليسوا أغلبية في العراق؟

مهاجراني: هم أغلبية في البحرين.

أما بالنسبة للعراق.. فلا أملك إحصائيات دقيقة، لكن ما استطيع قوله هو أنهم كانوا مضطهدين في عهد صدام حسين؛ فعلماء بارزون كثيرون من عائلة الصدر وعائلة الحكيم قتلوا في العراق، ولم نر أحدا يتحدث عن حقوق الشيعة في العراق. فلماذا ذلك؟

رسالة الإسلام: بعيداً عن أي شيء، مبدأ الأغلبية لا يبرر انتهاك حقوق الأقليات، ولو كانت هذه الأقلية فرداً واحداً.

لكن أقول لك لماذا؟

في مصر مثلا توجد نظرة توجس تجاه بدو سيناء وهناك اتهامات لهم بعدم الولاء للوطن، وأنا لا أؤيد بالطبع مثل هذا التعميم.

وبإسقاط الوضع على العراق.. فلمن ولاء حزب الدعوة الشيعي.. هل هو هل لإيران أم للعراق؟

مهاجراني: لا استطيع أنا أقول إن ولاؤهم لإيران أكثر، هم عراقيون، لكن حزب الدعوة وفيلق بدر مثلا، تأسسا من قبل إيران، طوال السنوات التي كانوا فيها في إيران.

رسالة الإسلام: طيب يا دكتور هذه هي المشكلة، تقول أنه لا توجد مشكلة، فكيف ذلك؟ ونحن نجد أن حزب الله في لبنان ينفذ سياسات إيران، وفيلق بدر وحزب الدعوة في العراق ينفذان سياسة إيران، يوجد اختراق إيراني في المنطقة، وهذا الاختراق هو المشكلة التي تزيد حالة العداء وعدم الثقة بين الإيرانيين والعرب.

مهاجراني: أنا أعتقد بأن حزب الدعوة أو فيلق بدر في العراق، أو حزب الله في لبنان هم وطنيون، والحديث عن أنهم يرجحون مصالح إيران على مصالح الدول التي يعيشون فيها فهذا أتصور أنه غير صحيح.

رسالة الإسلام: قيل إن رئيس الوزراء العراقي المالكي، جاء رئيسا لوزراء العراق بمباركة إيرانية أمريكية.. هل هذا حقيقي؟

مهاجراني: أنا أعيش في لندن، وليس لدى معلومات حول هذا الأمر. لكن إيران بدون شك لها دور، يعني أقول بصراحة: إيران في أفغانستان، وفي العراق، وفي سوريا، وفي فلسطين، وفي لبنان، إيران لها دور في كل هذه البلدان بدون شك. ومؤخرا قالها السيد علي خامنئي مرشد الثورة، صراحة: نحن أيدنا حزب الله في لبنان، ليس سياسيا فقط، لكن قال صراحة: نحن نمول حزب الله.

رسالة الإسلام: هذا أمر طبيعي.. فهل هناك جهة أخرى يمكن أن تمول حزب الله؟!.. بالطبع صاحب المصلحة وولي أمره هو من سيموله.

مهاجراني: هذا هو لب الحديث، مثلا أمريكا تقدم معونات لمصر كل عام بنحو مليون ونصف مليون دولار، فلماذا نعترض عندما تمول إيران حزب الله في لبنان.

رسالة الإسلام: والله أنا كمصري وغالبية الشعب المصري نرفض هذه المعونات، ومؤخرا ظهرت حملات شعبية لرفض هذه المعونة؛ لأننا نقدم في مقابلها تنازلات كبيرة ونستجيب للمصالح الأمريكية؛ فالأمر كلّه يرتبط بالمصالح لا أكثر، وليس هناك من يقدم مالا من دافع الحب لهذا البلد أو غيره.

مهاجراني: حينما نتحدث عن مصالح الدول، أتصور أن لكل دولة مصالحها الخاصة، ولتحقيق أي مصلحة لابد من دفع أموال. لماذا السعودية أرسلت جيشها إلى البحرين؟ بالطبع لمصالح سياسية.

إيران أيضا لديها مصالح تريد تحقيقها وتستخدم نفس الإستراتيجية وهي الاستفادة من أوراق مختلفة في المنطقة، ولا يعقل أن نقول لإيران: لماذا ترغبين في الاستفادة؛ يعني إيران تقول إنها تمول حزب الله في لبنان، والسعودية تقول: أنا أرسل جيشي إلى البحرين وهذه مصلحة شعبي ومصلحتي السياسية في المنطقة.

رسالة الإسلام: قال نائب رئيس البرلمان الإيراني السابق محمد رضا خاتمي إن الانتخابات البرلمانية الإيرانية المقبلة تمت هندستها، معتبرا أن نتائجها "معروفة سلفا".. ما تعليقك على ذلك؟

مهاجراني: قرأت هذا الكلام، وأفضل شيء أن نصبر وننتظر النتائج، فلا أريد أن استبق الأحداث. فبعد أن تُجرى الانتخابات وتظهر النتائج نقول: هل تمت هندستها أم لا.

رسالة الإسلام: شخصيا.. ماذا تتوقع من هذه الانتخابات؟

مهاجراني: أتوقع أن تكون انتخابات نزيهة وحرة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق