الأحد، 1 يونيو 2014

الالحاد في ايران والاعراض عن الدين

07.02.2013
الإعراض عن الإسلام في إيران

تسونامي الإلحاد واللادينية في جمهورية إيران الإسلامية

يدق "حراس الفضيلة" في إيران ناقوس الخطر، فبينما يزداد تأثير الإسلام على الحياة الخاصة والسياسية في دول العالم العربي، تكاد تفرغ المساجد في الجمهورية الإسلامية من مرتاديها. والجيل الشاب على وجه الخصوص هو من يهرب من التدين إلى طوائف صوفية أو إلى المسيحية، بحسب ما يوضّح لنا علي صدر زاده.

يدق "حراس الفضيلة" في إيران ناقوس الخطر، فبينما يزداد تأثير الإسلام على الحياة الخاصة والسياسية في دول العالم العربي، تكاد تفرغ المساجد في الجمهورية الإسلامية من مرتاديها. والجيل الشاب على وجه الخصوص هو من يهرب من التدين إلى طوائف صوفية أو إلى المسيحية، بحسب ما يوضّح لنا علي صدر زاده.

يعتبر موقع "بازتاب" (الصدى) أكثر المواقع الإخبارية الإلكترونية قراءة واقتباساً في إيران حالياً. ومما ساهم في ازدياد الإقبال على هذا الموقع هي الحملة الانتخابية الرئاسية ومظلة الحماية التي يوفرها له محسن رضائي، الذي يسعى لخلافة محمود أحمدي نجاد في منصبه.

ورغم أن هذا الرجل المتنفذ، الذي يقف وراء موقع "بازتاب" الإلكتروني والذي كان يشغل منصب القائد السابق للحرس الثوري الإيراني، لا يَتوقع إحراز نتائج باهرة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، إلا أنه ينوي الترشح مرة أخرى مثلما فعل قبل عدة سنوات.

وكأن اسم هذا الموقع "بازتاب" على الإنترنت هو اسم على مسمى، فمضمونه يعكس كالمرآة كل مواضيع المعركة الانتخابية ويمثل صدى لما يدور فيها.

ويتفاجأ المرء أيضاً بأن هذا الموقع يكتب بشكل ناقد وصريح حول مشاكل الحياة اليومية، متخطياً أحياناً بعض الخطوط الحمراء لمناقشة مواضيع تعتبر في المجتمع من المحرمات.

​​

وقبل فترة قصيرة، تطرق هذا الموقع إلى الموضوع الحساس "اللادينية في الجمهورية الإسلامية".

كالطوفان، انتشرت ظواهر اللادينية والإيمان بالخرافات والانتماء للطوائف الصوفية بين الشباب الإيراني. هذه "الظاهرة المشينة"، كما يصفها موقع "بازتاب"، مردودة إلى إساءة استخدام الحكومة للدين. ويبدو المقال القصير حول هذا الموضوع كخليط من التحليل والتعليق والتحذير.

لكن الأهم من نص المقال والأكثر لفتاً للانتباه هي التعليقات العديدة للقراء التي تشرح أوجه إساءة استخدام السلطات للدين في الحياة اليومية، والتي تبرر من وجهة نظرهم إعراض الشباب عن الإسلام أو تبرر لادينية المعلقين أنفسهم.

مساجد خاوية

هذه "الظاهرة"، التي يصفها محررو موقع "بازتاب" بالـ"مشينة"، تعتبر بالنسبة لجزء من المعارضة مفهومة ولها أسبابها.

وعلى ذلك فإن النقاش حول هذا الموضوع يكشف عن تباين واضح بين إيران والدول الإسلامية الأخرى، فبينما يزداد تأثير الإسلام على الحياتين الخاصة والسياسية في الدول العربية، باتت مساجد الجمهورية الإسلامية بالذات تفرغ من مرتاديها.

وفي رحلة البحث عن روحانيتهم، أصبح الكثير من الإيرانيين يتوجهون نحو المسيحية أو الدروشة أو الطوائف.

وبالنسبة للأجهزة الأمنية، فإن الصراع ضد معتنقي أي معتقد، يشكك في القواعد التي بنيت عليها الجمهورية الإسلامية، يشكل صراعاً مصيرياً ومعقداً في الوقت نفسه.

ويعني ذلك أنه يجب تحمل الأقليات الدينية من جهة، ومن جهة أخرى يجب التحرك ضد ما هو "قبيح" دينياً، فالأمر لم يعد يتعلق باعتقاد ديني ما، بل وصل إلى حدد تهديد الأمن القومي.

وفي كل مرة تقوم فيها منظمة دولية أو حكومة أجنبية بالاحتجاج على ملاحقة الأقليات الدينية في إيران، يعيد محمد جواد لاريجاني، رئيس اللجنة الإيرانية لحقوق الإنسان، تكرار هذه الكلمات: "لا أحد يُلاحَق في إيران بسبب معتقده الديني".

إقبال متزايد على طوائف العلاج النفسي

تصريح لاريجاني هذا حول الحرية الدينية، التي يزعم أنها موجودة في الجمهورية الإسلامية، بتنا نسمعه مراراً وتكراراً في الأيام الماضية، عندما تم اعتقال إحدى عشرة ربة منزل في مدينة شاهرود شمال شرق البلاد بسبب انتمائهن إلى طائفة "الحلقة الروحانية".


​​لقد قامت تلك النساء بتنظيم حلقة دراسة أسبوعياً تمتد ست ساعات. المدرّسة في هذه الحلقة، التي تعمل محامية، سافرت 700 كيلومتر من مدينة أصفهان لتدريسهن.

أولئك النساء لم ينشغلن بمسائل "التصوف المبهم" وحسب، بل وبنوع من العلاج النفسي الضار، المعروف بالعلاج الطبي التجميلي غير الجراحي، بحسب ما أوردت وكالة "فارس" للأنباء في العشرين من ديسمبر 2012.

وبالنسبة لأولئك النساء، فإن "الحلقة الروحانية" محاولة للاتحاد مع هذا العالم ولإيجاد السلم الداخلي. أما بالنسبة لحراس الدين والفضيلة، فهذا نوع من التصوف الخاطئ، الذي يشكل منهجاً هداماً وخطيراً للتلاعب بالشباب وتجريد الإسلام من مضمونه.

تتألف "الحلقة الروحانية" من خليط من البحث عن معنى الحياة والعلاج النفسي. وتقدم هذه الطائفة، إضافة إلى تفسير لمجريات العالم، نوعاً من العلاج يسمى بالفارسية "فارادرماني"، أي العلاج الطبي التجميلي غير الجراحي.

و في البداية، لاقت هذه الطائفة قبل خمس سنوات تجاوباً من قِبَل طلاب الجامعات من أبناء الطبقة المتوسطة في المدن، وانتشرت بعد ذلك بشكل سريع في كل أنحاء البلاد، كما يوضح ذلك أحدث مثال من مدينة شاهرود الصغيرة.

وتتلخص عقيدة أتباع هذه الطائفة في أن كل شيء في العالم يمتلك وعياً ويشعّ طاقة، والهدف هو درء الطاقة السلبية، بحسب مؤسس الطائفة محمد علي طاهري، المحكوم عليه حالياً بسبع سنوات في السجن وسبعين جلدة.

وكما لدى الرومي وشيوخ التصوف الإيراني الآخرين، تركز "الحلقة الروحانية" على وحدة الذات. وطبقاً لهذه العقيدة، فإن كل شيء هو في نهاية الأمر تجلٍّ لله.

وعندما بدأت هذه الطائفة نشاطاتها، كانت تحظى برضى السلطات، لأنها بنت معتقداتها على الإسلام وعلى جذور التصوف في إيران.

وفي عدد من الكتب، شرح أتباع هذه الطائفة اعتقاداتهم، وفي الجامعات سُمح لهم بإقامة ندوات.

وحتى خارج إيران، سُمح لأتباع الطائفة بالتنظير لها، في أرمينيا وتركيا وكوريا الجنوبية، بينما قام مؤسس الطائفة، محمد علي طاهري، بزيارة عدد من الدول، مفتخراً بحصوله على شهادتي دكتوراه فخريتين من جامعتين في الخارج. وحتى التلفزيون الرسمي كرمه من أجل نشاطه.

لكن ذلك كله من الماضي، فمنذ إعادة انتخاب أحمدي نجاد قبل ثلاث سنوات ونصف، عادت "المكافحة الشاملة" لكل نوع من "التصوف الخاطئ" لتتصدر أجندة الدولة، تقودها أعلى السلطات الدينية والسياسية.

وتقدِّر "ندوة طهارة النفس" في جامعة قم الدينية عدد أتباع "الحلقة الروحانية" بثلاثمئة ألف شخص.

ويقول عدد من أصحاب مواقع الإنترنت التي تزعم أنها تكافح "التصوف الخاطئ" إنه تم الاستهانة بهذه الطائفة وتجاهلها، وإن "الحلقة الروحانية" لا تبدو نوعاً غير ضار من التصوف، بل تياراً خطيراً يقترب من كونه حركة شعبية صغيرة تشكك في الأسس التي قامت عليها الجمهورية الإسلامية.


​​
نهاية زمن التحمل

من جهته، يقود مرشد الثورة آية الله خامنئي شخصياً الحملة الرسمية ضد "التصوف الخاطئ" منذ أكثر من عامين، إذ كان قد أقام في مدينة قم المقدسة لمدة أسبوع في أكتوبر 2010، اجتمع خلاله مع عدد من المراجع الشيعية.

وفي آخر يوم من زيارته، أعلن خامنئي في خطاب أمام طلاب العلوم الدينية: "إن انتشار الإباحية والتصوف الخاطئ وما يسمى بالكنائس المنزلية هي محاولات من الصهاينة وأعداء آخرين لمحاربة الإسلام".

وبمجرد أن غادر أكثر الرجال نفوذاً في البلاد مركز تعليم المذهب الشيعي، قام كل مرجع شيعي بإصدار فتاوى تحرم "التصوف الخاطئ"، وتعتبر نشر تعاليمه كفراً وإلحاداً.

لكن بالرغم من القمع، يزداد اليوم عدد من ينتمون إلى الطوائف المختلفة أو إلى أقليات دينية.

فعدد من اعتنقوا المسيحية حديثاً في إيران وينتمون إلى كنائس سرية ازداد بشكل ملحوظ خلال الأعوام الماضية. وتزعم المنظمة الإنجيلية "أبواب مفتوحة" على موقعها الإلكتروني أن عدد المسيحيين في إيران ارتفع من 300 ألف إلى 460 ألف شخص.

وعلى الرغم من أن هذه الأرقام لا يمكن إثباتها، إلا أن الاتجاه لاعتناق دين آخر غير الإسلام لا يمكن إنكاره، ذلك أن الإسلام الذي تروج له الدولة دفع الكثير من الإيرانيين للإعراض عن دينهم، بحسب ما يقول أستاذ العلوم الدينية محسن كاديفار.

فالبحث عن مخرج روحاني لا ينتهي، ولهذا يعتقد بعض الأشخاص أنهم سيجدون غايتهم في المسيحية أو البوذية أو في الطوائف الصوفية.

علي صدر زاده
ترجمة: ياسر أبو معيلق
تحرير: علي المخلافي

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق