الأحد، 1 يونيو 2014

آية الله بوروجردي وأتباعه يواجهون حكم الإعدام في إيران:

آية الله بوروجردي وأتباعه يواجهون حكم الإعدام في إيران:

رجال دين يتحدون سلطة "ولاية الفقيه"

تبين حالة آية الله بوروجردي المنتقد لنظام الحكم وذي الاتجاه التقليدي أن التحالف الذي كان قائما بين رجال الدين في الماضي يزداد تفككا وأن الأصوات التي تنادي بفصل الدين عن السياسة في إيران تزداد ارتفاعا يوما بعد يوم. تقرير كتبه قاسم طولاني.
​​
ليس مستبعدا أن يواجه أحد مشاهير رجال الدين الإعدام في إيران، ذلك أن آية الله سيد حسين كاظميني بوروجردي موجود منذ أكتوبر / تشرين الأول 2006 في سجن "إيفين" طهران. وكما ذكرت الفيدرالية الدولية لحقوق الإنسان في باريس فأن "المحكمة الخاصة برجال الدين" كانت قد أصدرت في العاشر من يونيو/حزيران حكم الإعدام على آية الله بوروجردي وسبعة عشر شخصا من أتباعه.
فقد نشر العديد من المدونيين الايرانيين في الأيام الماضية تقارير عن حكم الإعدام الصادر ضد آية الله بوروجردي. إلا أن وكالة الأنباء الايرانية شبه الرسمية "إيلنا ILNA" نقلت فيما بعد على لسان مسؤول في مكتب إعلام "المحكمة الخاصة برجال الدين" خبرا ينكر فيه حكم الإعدام ويؤكد أنه لم يصدر بعد أي حكم ضد آية الله وأتباعه.
العلمانية غير مطلوبة
من المرجح أن حكم الاعدام المزعوم الصادر من "إخوة الدين" في الجمهورية الإسلامية ضد آية الله بوروجردي يرجع إلى رفضه مبادئ "ولاية الفقيه" في إيران، حيث أن رجال الدين الذين يحاولون الفصل بين الدين والسياسة غير مرغوب فيهم في دولة يحكمها الملالي منذ قيام الثورة الاسلامية في العام 1979.
لقد عانى كثير من رجال الدين الناقدين و"ذوي الاتجاه التقليدي" في الماضي من اضطهاد "الحكومة الإسلامية" لهم. فحتى آية الله العظمى منتظري الذي عينه آية الله الخميني لخلافته لا يزال تحت الرقابة منذ ستة عشر عاما.
وقبل حبسه بأيام أعلن آية الله بوروجردي أنه يريد أن يعبد الناس ربهم دون أي تدخل من رجال السياسة. فحسب القراءة الرسمية للجمهورية الإسلامية يعتبر الاسلام البعيد عن السياسة الذي يريده آية الله بوروجردي بمثابة الإلحاد.
أسلمة السياسة وتسييس الإسلام
لقد سنّ آية الله الخميني مبادئ "ولاية الفقيه" قبل نجاح الثورة الإسلامية عام 1979. وولاية الفقيه تقول بعدم شرعية وإسلامية أي حكومة لا تخضع لموافقة رجال الدين الذين يمثلون "الإمام المهدي المنتظر" (أي الإمام الثاني عشر عند الشيعة) على الأرض. ولكن الحقيقة هي أن رجال الدين التقليديين من الشيعة يرفضون أي مزج بين الدين والسياسة.
لهذا السبب لم تلق "أسلمة السياسة" التي نادى بها الخميني بعد الثورة حماسا كبيرا بين رجال الدين. ولكن بعد تأسيس الجمهورية الإسلامية استطاع الخميني وأنصاره فرض تصوراتهم عن حكومة رجال الدين.
منذ ذلك الوقت يعاني أنصار الفصل بين السياسة والدين من الاضطهاد القاسي. وعلى وجه الخصوص بعد تولي محمود أحمدي نجاد للحكم قبل عامين تمارس الحكومة العنف ضد الجماعات والمجموعات الدينية التي تنادي بمفهوم إسلامي غير مسيّس.
التحذير من انتشار العلمانية سرا
​​بعد ثمانية وعشرين عاما من قيام الثورة ازداد ارتفاع الأصوات التي تنادي بتطبيق النظام العلماني في إيران. ففي خطبة ألقاها في مدينة تبريز الواقعة شمال غرب إيران حذر آية الله أحمد خاتمي، وهو أحد المتعصبين من رجال الدين الملتفين حول المرشد الديني علي خامنئ وعضو هيئة رئاسة مجلس الخبراء المختص بانتخاب المرشد الديني، من رواج فكرة فصل الدين عن السياسة بين قسم من "الملالي".
هذا التحذير وصفه حسن شريعت مداري، ابن آية الله العظمى كاظم شريعت مداري وأيضا أحد أنصار الإسلام التقليدي غير السياسي، قبل وقت قصير بأنه يدل على أزمة شرعية سياسية تعاني منها الجمهورية الإسلامية. وقال في حديث لإذاعة "راديو فردى" الناطقة باللغة الفارسية أن المرء كان دائما ملتزما بمبدأ استقلالية المدارس الدينية والفصل بين الدين والسياسة على مدى تاريخ الشيعة الذي بلغ 1400 عام. وبحسب شريعت مداري فإن "الخميني وأنصاره هم وحدهم الذين جعلوا الحكومة دينية والدين حكوميا عن طريق فرضهم نظرية ولاية الفقيه".
السمعة المفقودة
بينما كانت الجماعات المعارضة والنشطاء في داخل إيران وخارجها تعلن احتجاجها بصوت عالٍ ضد الحكومة بعد كل عملية اعتقال للمعارضين السياسيين للجمهورية الإسلامية لم يكن هناك شيئ ملحوظ من هذا في حالة بوروجردي وأتباعه. في الحقيقة أن قسما كبيرا من المواطنين وخاصة الطلاب ونشطاء المجموعات السياسية قد أعرضوا عن رجال الدين أو الدين، وهذا كما يبدو احدى نتائج السيادة الكلية للملالي.
يحاول آية الله بوروجردي - الذي ينعت الجمهورية الإسلامية بـ"ديكتاتورية الحكم الديني" ويطالب بالفصل بين الدين والسياسة - استرداد "سمعة الدين المفقودة" لدى المجتمع الإيراني. في فترة رئاسة محمد خاتمي ناضل المصلحون أيضا بطريقتهم الخاصة من اجل "استقلالية الدين عن الحكومة"، حيث طالبوا بـ"حكومة متدينة" (أي ديمقراطية إسلامية) بدلا من "دين حكومي".
الرجوع إلى الدين التقليدي
من جانب آخر يعني فصل السياسة عن الدين نهاية الجمهورية الإسلامية بشكلها الحالي. ويبدو أن رجال الدين الحاكمين قد أدركوا هذه المشكلة. فسمحوا لأول مرة بعد 24 عاما بانتخاب محمود أحمدي نجاد رئيسا وهو ليس من رجال الدين.
وكانوا قبل ذلك قد أوكلوا – لأول مرة أيضا في تاريخ الجمهورية الإسلامية – منصب رئاسة مجلس الشورى إلى غلام علي حداد. ويرى حسن شريعت مداري أن هذا قد يعني محاولة للوقوف أمام فقدان سمعة الملالي كرموز للدين على الرغم من صغر مجموعة الملالي المتميزين الذين يتدخلون في شؤون الدولة.
يقول شريعت مداري: "كثير من رجال الدين يفتقرون في إيران إلى حرية الرأي والفكر. ولهذا فإنهم يحاولون جاهدين الرجوع إلى الدين التقليدي". إلا أن محاولات استرداد استقلالية رجال الدين الشيعة قد تتطلب ثمنا عاليا يدفعه رجال الدين، مثل الثمن الذي يدفعه الآن آية الله بوروجردي.
قاسم طولاني
ترجمة عبد اللطيف شعيب
حقوق الطبع محفوظة: قنطرة 2007

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق