الجمعة، 25 أبريل 2014

هل "دولة العراق الإسلامية" مُخترَقة؟

هل "دولة العراق الإسلامية" مُخترَقة؟

هل "دولة العراق الإسلامية" مخترقة؟
 279 قرآءة
مجموعة من التغريدات لـ "عبد الله بن محمد" وهو اسم حركي -غالبًا- لأحد منظري تنظيم القاعدة، مؤلف "إستراتيجية الحرب الإقليمية على بلاد الشام" وصاحب مدونة "شؤون إستراتيجية". تتناول هذه التغريدات قضية اختراق الحركات الجهادية من قِبَل أجهزة المخابرات العربية والأجنبية.

في البداية أحب أن أوضح أني لن أكتب هنا كمحلل كما عهدتموني بل بصفتي الشخصية التي يعرفها بعض القادةِ المجاهدين.
بحكم تخصصي وعلاقتي بالمجاهدين كنت -وما زلت- على اطلاع بحقيقة الأوضاع في معظم الساحات الجهادية من القوقاز إلى أقصى مالي.
مما تعلمته من هذه التجارب أن الجهاد حركة عنيفة تفقد اتزانها إن لم تضبط بالشرع والشورى؛ فبالأول يعرف الحق، وبالثاني تعرف المصلحة.
جميع المحاولات الناجحة للمخابرات في اختراق الجماعات الجهادية كانت تستهدف الأساس الشرعي وهو المنهج والأساس التنظيمي المتمثل بالشورى.
كان الجهاد في الجزائر في بداياته مدعومًا من الشعب والحركات الإسلامية وكان شبيهًا بما يحدث الآن في سوريا من اتحاد الجميع ضد الأسد.
كانت الكتائب الجهادية تقاتل جنبًا إلى جنب، والعلماء يثبتون، ويصححون، والفتية يراقبون تحركات الدرك، والنساء يصنعن الطعام للمجاهدين.
وكان أنصار الجهاد في أوروبا قد شكلوا مركزًا إعلاميًّا، وجعلوا إدارته لأبي قتادة الفلسطيني وأبي مصعب السوري، وكان الأول شيخًا علمًا والثاني خبيرًا عسكريًّا.
وعندما أراد جنرالات فرنسا في الجزائر قمع هذه الثورة الجهادية التي اشترك فيها الصغير والكبير وقفت هذه اللحمة وهذا التكاتف حائلاً دون ذلك.
هنا استحضرت المخابرات الفرنسية تجارب الجستابو وأجهزة أمن أوروبا الشرقية في إجهاض الحراك المسلح من الداخل، وهو ما أطلق عليه الثورة المضادة.
فكرة الاختراق هذه تعتمد على السيطرة على مركز قرار الجماعة ليتم إدخالها بمواجهة تدريجية مع الشعب ليتوقف دعم الشعب ويلتجئ للسلطات طلبًا للحماية.
ساعد استجواب المعتقلين الجهاديين لدى المخابرات في دراسة فكر وكيان الجماعة الإسلامية المسلحة، وهي أكبر الجماعات الجهادية آنذاك.
هذه الدراسة مهدت لتجنيد قائد ميداني يدعى "زيتوني" وكانت الخطة تهدف لاغتيال قائد الجماعة الإسلامية وتنصيب الزيتوني مكانه.
بعد الاغتيال تم إعلان بيعة للزيتوني في ظروف غامضة وبداعي صعوبة التواصل مع بقية القيادات، فمر الأمر، ووافق الجميع درءًا للنزاع.
عندما استلم الزيتوني بدأ باستدعاء القادة والكوادر المتميزين، وتم تصفيتهم ولصق التهمة بالنظام وتعيين آخرين للشروع في الخطوة الأهم!
عندما أصبح الزيتوني بلا ندّ يستطيع أن يقول له "لا" بدأ بتغيير الطابع الفكري للجماعة، فجعلها "الدولة الإسلامية" التي يكفر أو يأثم من لا ينتمي لها.
وحتي يضفي على هذا الأمر طابعًا شرعيًّا طلب من الشيخ أبي قتادة فتاوى بأن جماعته هي الجماعة الأم والسلفية الحقة وانساق الشيخ معه بدافع النصرة.
بعد أن نجحت المخابرات في اختراق الأساس التنظيمي عندما ألغت الشورى لتصبح القيادة فردية والأساس الشرعي للجماعة والمتمثل بالمنهج بدأ المخطط.
بدأت القيادة المخترقة بإرسال السرايا لاستهداف الأهالي بحجة تعاونهم مع الجيش، ومهد لذلك بفتاوى التكفير والردة، وبدأت الدماء تسيل.
عندما استُدرج المجاهدون للخطوة الأولى في قتل الأهالي بدأت قوات الدرك بلبس الزي الأفغاني وتركيب اللحى لترتكب المجازر باسم المجاهدين.
طوال هذه الفترة كان مناصرو الجهاد مستمرين بالدعم الإعلامي، وهذا ما جعل بقية المجاهدين يظنون أن الأمور طيبة وما يحصل من تجاوُزات مبرر!
زيادة في الاحتياط قامت القيادة المخترقة بمنع دخول الكوادر من خارج الجزائر وعزل المجاهدين في الجبال حتى لا يعرفوا حقيقة الأوضاع.
هذا المخطط ظل يسري بخفاء، ولم يتخيل أحد بوجود اختراق سوى أبي مصعب السوري من خلال مراقبته للخط السياسي والعسكري للجماعة الإسلامية.
لم يصدق أحد ظنون أبي مصعب السوري إلا بعد أن نجى الله بعض المجاهدين الليبيين من حصار معسكرات الزيتوني ليكشفوا مآسي لم تخطر على بال مسلم!
انتهى هذا المخطط بنجاح باهر للمخابرات بعد نفور الناس من المجاهدين وتفكك مكونات الحراك الثوري، وأصبحت تجربة تدرس في الأكاديميات الأمنية.
الحقيقة أني أطلت الحديث عن تجربة الجزائر؛ لأنها شبيهة بما يحدث في العراق الآن إلا أن الاختراق في قيادة العراق أشدّ مكرًا ودهاء وخفاء.
منذ بداية الجهاد في العراق أيام الزرقاوي رحمه الله وحرب المخابرات على قدم وساق، وقصص العملاء ومشايخ الموساد معروفة.
كان الجهاد العراقي يحظى بدعم وتعاطف شعبي وعربي وإسلامي كبير وقدمت الكثير من التضحيات التي كسر على إثرها ظهر الحملة الصهيوصليبية.
بعد الفشل العسكري الذريع لجأت مراكز البحث لدراسة التجربة الجزائرية في إجهاض الحراك الشعبي الجهادي المتنامي.
أتى البيت الأبيض بوزير دفاع كان يعمل في إدارة العمليات القذرة للسي آي أيه، وأتت بباتريوس صاحب السجل الطويل في قمع الحروب الشعبية.
في هذه المرحلة بدأت الجماعات الجهادية تتهاوى أمام محاولات الاختراق وبدأ مشروع الصحوات، ولم يصمد سوى دولة العراق الإسلامية وأنصار الإسلام.
طوال فترة الزرقاوي والشيخين من بعده كانت هناك تجاوُزات بفعل سخونة الحرب ومرارة المؤامرات إلا أن الحراك الجهادي لم يفقد اتزانه.
شخصية الزرقاوي ووفرة القادة المهاجرين ذوي التجربة جعلت مستوى الانضباط كبيرًا، واستمر ذلك بدرجة أقل في عهد البغدادي والمهاجر.
الاختراقات التي حققتها المخابرات الأردنية ومخابرات المالكي بين المجاهدين تسببت في قتل الزرقاوي ثم البغدادي والمهاجر.
عندما استلمت القيادة الجديدة لدولة العراق الإسلامية استمرت بنفس السياسة السابقة للشيخين إلا أن المسار الإستراتيجي بدأ يتغير بعد ذلك.
قيادة أبي بكر ركزت جهودها لحرب الصحوات بشكل أراح القوات الأمريكية وجيش المالكي، وأصبحت الحرب بين أهل السنة وبلا أفق لنهايتها.
المريب في طريقة التعامل مع الصحوات أنها كانت تؤدي لزيادة المشكلة لا لاحتوائها؛ فاستهداف زعماء العشائر كان وقودًا لدخول عشائرهم في الحرب.
بعد مقتل الشيخين حدث ارتباك تنظيمي، وأصبحت هناك اجتهادات دون ضوابط وبلا علم القيادة في بعضها، ومن هنا بدأت مسيرة الانحدار.
بعد تراجع الجهاد ونفور أهل السنة من المجاهدين بدأ إخواننا المجاهدون في الدولة بالكشف عما رأوا من تجاوزات كانوا يظنون أنها سياسة رشيدة.
كانت القيادة الجديدة -وما زالت- ترفض سماع النصائح من الخارج بل وتفصل أي جندي تابع لها يتفوه برأيه المُعارِض للسياسة المتبعة.
المشكلة في القيادة الجديدة أنها وظفت عملياتها بشكل يتناغم مع مصالح المالكي وإيران ومن هنا بدأت الشكوك عندي وعند بعض المجاهدين في الخارج.
الانحراف الشرعي والتنظيمي لم يكن واضحًا في البداية إلا أن اشتعال الحراك الشعبي في العراق جعله أشد وضوحًا.
مع بداية الربيع العراقي عادت التفجيرات في الأحياء الشيعية بشكل مريب وبلا مناسبة سوى إفساد الحراك الذي خرجت بيانات الدولة بتأييده!!
ومع تنامي الحراك الشعبي عادت الاغتيالات لتطال بعض مَنْ خرج على المالكي مع أن المصلحة كانت تقتضي دعم الحراك بحسب البيان لا تنفير الناس منه!
حتى ذلك الوقت لم يخرج الأمر عن دائرة الشكوك إلا أن الأمور بدأت تتكشف مع الوقت وبشكل أكد وجود نوع من الاختراق في القيادة!
من المعروف أن الجماعة الوحيدة التي وقفت إلى جانب الدولة ضد الصحوات وضد حملات التشويه هي جماعة أنصار الإسلام.
هذه الجماعة -وبدون مناسبة- صدرت أوامر من قيادة الدولة باستهدافها واستفزازها لدرجة وصلت حدّ استباحة دمائهم!!!
وقد قدمت أنصار الإسلام شكوى رسمية لقيادة تنظيم القاعدة وطلبت مني ومن الأخ أسد الجهاد2 التدخل لوقف الاعتداءات وإلا فستعلن الحرب على الدولة!
هذه نسخة أصلية من شكوى جماعة أنصار الإسلام من تجاوزات دولة العراق الإسلامية gulfup.com/?zCGULr.
وبعد أن حولنا الأمر لقيادة القاعدة في خراسان اتضح لاحقًا أن قيادة الدولة سوغت انحرافها الجديد بأنها الجماعة الأم ولا يحق لغيرها الوجود!!!
هذه الانحرافات الشرعية والتنظيمية هي نفسها التي جرت في الجزائر، وسوغها مشايخ لا يعلمون حقيقة القيادة وجمهور يكبر مع كل تفجير!
هناك تذمر واستغراب في أوساط شباب الدولة إلا أن ثقتهم بتاريخ الدولة وحجم المؤامرات عليها جعلهم لا يصرحون بذلك، ومن هنا تستمر الأخطاء!
يجب ألا يعمينا تعودنا على سماع تجاوزات الدولة منذ البداية على عدم ملاحظة الفرق الذي حدث في الأعوام الأخيرة فهناك اختراق واضح ويجب الكشف عنه.
الحل في العراق هو الذي كان من الممكن أن ينقذ الجهاد في الجزائر، وهو بأن يسأل المجاهدون أنفسهم لماذا نستعدي الناس بهذه الطريقة ومن المسؤول؟
يجب أن يتتبع الإخوة في الدولة مصدر هذه الأوامر وعلى أي أساس صدرت، وما المصلحة منها، فبمثل هذا الحوار الداخلي ستتضح الصورة.
ما دعاني لكشف هذه الأمور الآن هو ما تخطط له الأطراف التي اخترقت الدولة بخصوص سوريا فهم يريدون إجهاض الجهاد الشامي كما فعلوا في العراق!
هناك ملف لن أفتحه الآن، ولكن يكفي الإشارة أن ما كشف من مؤامرات ببداية الجهاد الشامي كان منبتها من العراق، ومن هنا بدأ الشك عند الإخوة في سوريا.
الأطراف التي اخترقت الدولة لم تكتفِ بمحاولة فرض نفسها على جبهة النصرة بل انخرطت في عملية دنيئة للسعي في إحداث انشقاق داخل الجبهة!
هناك حرب مخابرات تجري حاليًا في سوريا، ولولا أن الله يَسَّر لهذا الجهاد قيادات واعية تتواصل مع أهل العلم والدراية وتلتزم بالشورى لكان غير ما ترون.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق