الثلاثاء، 4 فبراير 2014

صهر عبد الله عزام: راية الزرقاوي غير شرعية ومحاكم «القاعدة» لا مصداقية لها

صهر عبد الله عزام: راية الزرقاوي غير شرعية ومحاكم «القاعدة» لا مصداقية لها

عبد الله أنس لـ«الشرق الاوسط»: تفجيرات لندن إجرامية


لندن: محمد الشافعي 

قال الإسلامي الجزائري عبد الله أنس صهر عبد الله عزام «الأب الروحي» لـ«الأفغان العرب» وأحد أوائل «المجاهدين العرب» وأميرهم في شمال أفغانستان، انه لم يسمع بأبو مصعب الزرقاوي زعيم القاعدة في بلاد الرافدين أيام كان في أفغانستان أو حتى في باكستان.
وأعرب أنس عن اعتقاده في لقاء مع صحيفة «الشرق الاوسط» أن الاضواء تركزت على الزرقاوي عقب المكافأة المالية التي وضعها بول بريمر حاكم العراق الاميركي السابق، وحتى قبل أن يبدأ الزرقاوي عملياته في العراق وقدرها خمسة ملايين دولار، قبل ان تزيد بعد ذلك لتتساوى مع المكافأة الموضوعة على راس كل من اسامة بن لادن ونائبه الظواهري وقدرها 25 مليون دولار. وأعرب عن رأيه ان راية الزرقاوي التي يقاتل تحتها في العراق غير شرعية، لأن القتال يجب ان يكون تحت راية اهل البلاد الاصليين، أي العراقيين انفسهم وليس بمعزل عنهم، وهذا ما فعلناه في افغانستان ايام الجهاد.

وانتقد محاولة تشبيه ما يدور في العراق اليوم بمشاركة العرب في سنوات الجهاد ضد الروس في افغانستان، لأن المقاتلين العرب عندما ذهبوا الى بيشاور ومنها الى الجبهات داخل أفغانستان، جلال اباد، التي قاتل فيها بن لادن وبانشير، التي كانت في عهدة أسدها أحمد شاه مسعود، كانوا يحاربون تحت راية وإشراف القادة الافغان مثل المهندس احمد شاه مسعود وحكمتيار والبروفسور عبد الرسول سياف والمهندس حبيب الرحمن وغيرهم. ولعبد الله انس اللاجئ السياسي في بريطانيا منذ نحو عشر سنوات، كتاب من 152 صفحة اسمه «ولادة الافغان العرب»، يروي قصة التحاقه بالجهاد في بداية الثمانينات، وتعرّفه الى الشيخ الفلسطيني عبد الله عزام، الأب الروحي للعرب الأفغان، ثم انتقاله الي داخل أفغانستان والتحاقه بأحمد شاه مسعود، أسد بانشير وتحوله الى يد يمنى له. ويروي الاسلامي الجزائري تجربته في سنوات الجهاد ضد الروس في فصول ثمانية من كتابه.

وقال انس لـ«الشرق الاوسط» ان احمد مسعود كان بالنسبة له مثل توأم روحه. ويضيف: مسعود كان يتميز «بكاريزما» خاصة تجذبك اليه وتقربك منه وتجعل الانسان يلتصق به، رغم انه كان لا يتحدث العربية، ولكنه كان يفهمها». وعن محاكم «القاعدة» التي تسمى بالمحاكم الشرعية السريعة مثل «التيك واي» والتي تهدر دم الابرياء من المختطفين العرب والأجانب قال انس: «إنها محاكم لا مصداقية لها وتذكرني بالجماعة الإسلامية المسلحة في الجزائر التي أجرت العديد من مثل هذه المحاكمات، وقضاتها غير معروفين، ولا أعتقد انهم من الثقات الذين يحظون بحب وتقدير الامة». وقال «ان المحاكم الشرعية التي تحكم في الدماء ومصير الانسان، لا يمكن ان تكون سرية، وأن يكون قضاتها في العادة لهم رصيد من الفقه والشريعة وأحكام الاستنباط، وعلى هذا الاساس ل أدري من هم هؤلاء علماء «القاعدة» الذين تصدوا للفتوى، ولا تعرفهم الامة. واخشى اننا امام صورة اخرى مما حدث في الجزائر عند «الجماعة الاسلامية المسلحة» ما بين 1994 و1999، التي قتلت الشيخين عبد الباقي صحراوي، ومحمد سعيد، وهما عضوان مؤسسان للجبهة الاسلامية للانقاذ، وأعدادا لا بأس بها من المواطنين الجزائريين. وبين الامور التي قالوها حينذاك، ان الضباط الشرعيين هم الذين حكموا عليهم». ويمضي عبد الله انس قائلا: «لقد اطلعت على بعض الملفات وشاهدت بعض المحاكمات عبر أشرطة فيديو، وكذلك تعرفت على بعض اسماء هؤلاء الضباط الشرعيين، فوجدت ان بعضهم لا يفرق بين قراءتي (ورش وحفص)، وحكم هؤلاء الضباط الشرعيين على كثير من الابرياء بالقتل والذبح. ومن حقي ان اتساءل اليوم هل محاكم «الزرقاوي» الشرعية، تسير على نفس المنوال». ووصف عبد الله أنس تفجيرات لندن أنها «إجرامية»، وأشاد بالجهود التي بذلها البريطانيون بحكمة وذكاء لاستيعاب الاحداث، واحتواء الموقف، بينما انتقد ردة فعل الاميركيين الغاضبة، بعد هجمات سبتمبر.

كما انتقد موقف الانظمة العربية في اعقاب هجمات سبتمبر قائلا انها تريد ان ترسل رسالة الى واشنطن تقول:

«لا تضغطوا علينا باستمرار الحديث عن الحرية والديمقراطية والإصلاح وحقوق الانسان، لأننا اذا فعلنا ذلك سيظهر العشرات من امثال الزرقاوي».

على الجانب الآخر قال إن شعار العداء للسياسة الأميركية الذي ترفعه «القاعدة» يجد تجاوبا واسعا بين المسلمين ليس استجابة لـ«القاعدة»، ولكن كرها لسياسة أميركا في فلسطين والعراق، لكنه قال «هذا لا يعني أن «القاعدة» تحمل مشروعا سياسيا، يمكن أن يجلب الاستقرار أو يلقى القبول في المنطقة بسبب رؤيتها للتغيير على المستويين المحلي والدولي، فهي على المستوى المحلي تؤمن بنظرة طالبان في شكل النظام السياسي، حيث تتم البيعة الأبدية لرجل واحد وبصلاحيات مطلقة، ولا يجوز معارضته كما فعلوا مع المعارضة الأفغانية، رغم أنها لم تكن معارضة ترفض الحكم بالشريعة، ومع ذلك لم تنج من القتل كما حدث لأحمد شاه مسعود، أو التهجير كما حدث لرباني وحكمتيار، وهذا مخالف لما كان عليه نظام الحكم على عهد أبي بكر وعمر بفتح باب المعارضة أمام الرعية، فلم يسجن عليا رضي الله عنه لرفضه البيعة أكثر من 6 شهور، ولم ينف عمر رضي الله عنه لمعارضته الشديدة لقرار حروب الردة حتى اطمأن قلبه لها. ولست أدري كيف ستفرض «القاعدة» نموذج حركة طالبان في المنطقة العربية، وهي تعج بالشرائح السياسية على اختلاف توجهاتها من يساريين وعلمانيين وقوميين وليبراليين. وقال عبد الله انس الجزائري الذي اشترك في القتال بأفغانستان، ان رحلته من معلم للقرآن الى مجاهد بدأت في عام 1984، عندما كان في الخامسة والعشرين من عمره، ويعيش مع أسرته غرب الجزائر. فخلال زيارته لمكتبة محلية قرأ في مجلة اسبوعية موضوعا عن فتوى دينية تقول إن الجهاد في أفغانستان ضد الغزاة السوفيات فرض عين على كل مسلم. ثم يتذكر قائلا: بعد أيام قليلة بلغت هذه الفتوى مسامع الجميع وبدأوا يتحدثون عنها، ثم يتساءلون: أين تقع افغانستان؟ واي شعب يعيش هناك؟ وكيف يمكننا الذهاب الى هناك؟ وكم تبلغ تكاليف تذكرة السفر؟ وخلال ذلك العام، كان انس ضمن ملايين المسلمين الذين أدوا فريضة الحج.

ولكنه يعود ويشير الى ان مكتب «خدمات المجاهدين» أسسه الشيخ عبد الله عزام سنة 84 برفقة عدد من المؤسسين «كنت من بينهم، حيث لم يكن عدد العرب المجاهدين يتجاوز الـ30، وكان المجاهدون ذوو الارتباطات العائلية يتلقون مساعدات مالية او «كفالة» من بن لادن، من ماله الخاص، اما غير المتزوجين فكانوا يعيشون في المضافات ريثما ينتقلون الى الجبهات والمعسكرات داخل أفغانستان، الى ان اوقف بن لادن الصرف عليهم، وانفصل عن مكتب الخدمات، مما دفع بالشيخ في التفكير في استصدار فتوى تجيز له اقتطاع 10 في المائة، من أموال الجهاد التي كانت عنده لتصرف كرواتب لبعض العائلات التي كان أربابها يقدمون خدمات اعلامية وتعليمية ليس عزام من بينهم لأنه كان يعيش على راتبه كأستاذ في الجامعة الاسلامية في باكستان، وسافر الشيخ الى السعودية سنة 85 لأداء فريضة الحج وعرض المسألة على مجموعة من العلماء عن امكانية استقطاع عشرة في المائة من التبرعات المالية فسمحوا له بذلك. ويتذكر انس ان البداية الحقيقية لعلاقته بعبد الله عزام كانت في حج عام 1983، فأمام بئر زمزم رأى رجلا يتوضأ بالماء المباركة في الحرم المكي ومعه اولاده، «تقدمت منه وسألته هل انت عبد الله عزام، فقال نعم»، ودار حوار بين الرجلين، انتهى بإعطاء عبد عزام رقم هاتفه في اسلام اباد الى انس، قائلاً له «عندما تأتي سأقدمك الى زعماء الافغان في بيشاور بعد انتهاء موسم الحج». وبعدها بأسبوعين يلتقي «بوجمعة» عبد الله انس في منزل عزام البروفسور في الجامعة الاسلامية بإسلام آباد على العشاء بمجموعة من الضيوف من بينهم بن لادن زعيم «القاعدة» فيما بعد، الذي يقول انس عنه انه لفت انتباهه لكثرة حيائه وقلة كلامه. ويضفي المؤلف الكثير من الصفات على عبد الله عزام ومسعود، فيقول عنهما: لقد كتب لي ان اتعرف على الكثيرين من الخيرين من هذه الامة، ولا أكون مبالغا اذا قلت انني لم ار رجلين اجتمعت فيهما صفات ومؤهلات كالتي اجتمعت في عزام ومسعود، انهما يعيشان يوميا في ذاكرتي، وهي صفات ومؤهلات تكفي وجود واحدة منها في الشخص كي يكون متميزا بين اقرانه». ويتذكر انس أن عزام هو الذي سماه «عبد الله انس»، اذ كان يقدمه الى المجاهدين في بيشاور «ببيت الانصار»: بقوله «هذا انس.. عبد الله انس»، بدل اسمه بوجمعة بشير. ويتذكر أنس، قصة لقائه الأول مع أحمد شاه مسعود في جبال الهندوكوش التي بدأت عندما طلب منه الأخير تلاوة بعض الآيات القرآنية، فتلا عليه جزءاً من سورة آل عمران، فأُعجب بتلاوته الزعيم الأفغاني وطلب منه البقاء معه، وهو ما حصل حتى دخول مسعود كابل وسقوط نظام نجيب الله في 1992.

ويتهدج صوته عندما يتحدث عن اغتيال عبد الله عزّام في بيشاور مع طفليه بسيارة مفخخة أثناء ذهابه لصلاة الجمعة. كان عام1989 عام الأحداث الضخمة في أفغانستان، وما زال حتى اليوم يحمل في جيبه صورا تسجل تلك الايام. وعن الهدنة التي أعلنها زعيم بن لادن في شريطه الاخير على الاميركيين يقول عبد الله أنس: أي هدنة حتى تدخل حيز التنفيذ لا بد لها من جملة من الشروط من أهمها التكافؤ أو ما يقاربه في ميزان القوى حتى لا تكون محل سخرية من أحد الطرفين، والثاني أن تكون مطالبها محددة، وأنا على علم بأدق التفاصيل حول الهدنة التي عقدت بين أحمد شاه مسعود وجنرالات الجيش السوفياتي سنة 83 لتنتهي بعد سنة وبطلب من الروس أنفسهم بعد أن أدركوا أنها لم تكن في صالحهم لتشتعل المعركة بعد ذلك على أشد ما كانت عليه. وأضاف قائلا «إن تفجير قطار هنا ونسف مطعم هناك يكون ضحاياه من الأبرياء كما حدث في لندن وغيرها، لن يؤدي الى تغيير سياسة أميركا، وإضافة الى حرمتها شرعيا فانها تضع ملايين المسلمين ومصالحهم تحت حصار القوانين التي سنت بعد تفجيرات أوروبا وأميركا، كقانون تسليم اللاجئين السياسيين الى بلدانهم وغيرها من القوانين الجائرة والتي لم يكن لها لتمر لولا ردة الفعل التي أحدثتها هذه التفجيرات داخل هذه المجتمعات.

وتابع قائلا كما لا تفوتني الاشارة الى أن هذه الملايين من المسلمين في هذه الديار لا تعتبر نفسها في حالة حرب مع المجتمعات، التي تعيش فيها حتى تعقد هدنة معها، وهذا لا يعني أنهم قد تخلوا عن قضاياهم العادلة في العالم وعلى رأسها القضية الأم «فلسطين» وأنا لا أذكر عدد المرات التي وقفت فيها ضمن المئات بل الآلاف في بعض الأحيان أمام مقر رئيس الوزراء البريطاني «توني بلير» احتجاجا على ما يحدث في العراق وفلسطين وقوانين تسليم المطلوبين.

وأضاف انس أما فيما يخص تحديد المطالب فلم يقدم أسامة بن لادن مطالب محددة في منطقة محددة. وتساءل (كيف ستتعامل القاعدة مع القوى التي تمتلك زمام الأمور؟ هل ستطلب التفويض من السلطة وحماس في فلسطين والسنة والشيعة في العراق ومشرف وكرزاي في باكستان وأفغانستان لتفاوض باسمهم أم أنها ستحمل الجميع حملا على قبول ما تتفق عليه مع الأميركيين؟ وهل تملك القدرة على انفاذ ذلك؟)، واشار الى قول الخليفة أبو بكر وهو يحث المسلمين على العمل والنهوض «واعلموا أنه ليس بين أحدكم وبين الله نسب».

http://www.aawsat.com/details.asp?issueno=9896&article=345759#.UvHsaGKSySo

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق