الأربعاء، 16 مايو 2012

السعودية هذه الدوله ياجاهل هي دولة التوحيد الي حكمت من البحر للبحر ومن الحديده في اليمن الي الزبير في العراق وحماه في الشام




المملكة العربية السعودية  هذه الدوله ياجاهل هي دولة التوحيد الي حكمت من البحر للبحر ومن الحديده في اليمن الي الزبير في العراق وحماه في الشام

لولا تحالف العثمانيين والفرس والانجليز عليها لوحدة العالم الاسلامي كله وهذا تقرير بريطاني فيه دليل على كلامي

إلى ـ اللفتنانت كرنل أي. ئي. ويلسن 

القائم بأعمال المفوض المدني للمناطق المحتلة في العراق 

الرقم: 218 التاريخ: 12 تشرين الثاني / نوفمبر 1918 

سيدي، 

أتشرف بتقديم تقرير عن عمليات البعثة التي كان لي شرف رئاستها إلى وسط الجزيرة العربية للتعامل مع سعادة الإمام عبد العزيز بن عبد الرحمن بن فيصل آل سعود (K.C.I.E) حاكم نجد وملحقاته، في أمور معينة ذات أهمية متبادلة، بالنسبة له وللحكومة البريطانية ، وذلك عملاً بتعليمات حكومة جلالته المبلغة إلى السير برسي كوكس ببرقية وزير الهند المؤرخة في 20 تشرين الأول / أكتوبر 1917 . 

إن تقريري يغطي فترة سنة تقويمية كاملة تقريباً، تبتدئ بمغادرة البعثة بغداد في 29 تشرين الأول / أكتوبر 1917، وتنتهي في أول تشرين الثاني / نوفمبر 1918، يوم وصلت بغداد عائداً من وسط الجزيرة العربية لدى انتهاء عمليات البعثة. 

وقد وجدت من الأفضل التخلي عن محاولة عرض أعمال البعثة بالتسلسل التاريخي، مفضلاً مناقشة كاملة ومستقلة للمشاكل المختلفة التي استوجبت النظر فيها خلال الفترة التي يغطيها التقرير. إضافة إلى ذلك، منعتني اعتبارات حجم التقرير من أن أدخل في هذا العرض أي وصف تفصيلي لرحلاتي في الجزيرة العربية، أو للنتائج الجغرافية أو العرضية الأخرى التي حصلنا عليها خلالها، إلاّ بمقدار ما كان ضرورياً لإيضاح الأمور التي كانت البعثة معنية بها بصورة مباشرة. وقد سبق لي أن كتبت أوصافاً مختصرة لبعض رحلاتي لتنشر في "النشرة العربية"، وإنني لأتطلع إلى فترة راحة وفراغ لكي أعد للنشر أكداس الملاحظات التي جمعتها عن موضوعات مختلفة مثيرة للاهتمام خلال إقامتي الطويلة في الجزيرة العربية. 

2 ـ العلاقات السابقة بين بريطانية ونجد 

لم تكن هنالك قبل نشوب الحرب العظمى اتصالات كثيرة بين السلطات البريطانية وحكام نجد، وذلك لأسباب واضحة. ففضلاً عن عدم ترحيب الشعب نفسه، بسبب تعصبه وانطوائه على نفسه، فإن الصداقة القائمة منذ زمن طويل بين بريطانية وتركية حالت دون أي نوع من الاعتراف السياسي من جانب بريطانية بتلك المنطقة الثائرة والمستقلة عن  تركية. 


والواقع أن المناسبة الأولى التي قام فيها موظف بريطاني بزيارة نجد بصفة رسمية تمت قبل 99 عاماً، حينما اجتاز الملازم سادليير، موفداً من حكومة الهند، المناطق المدمرة للذولة السعودية، ليقدم إلى من قام بتدميرها تهاني الحكومة على ما أنجزه، وليحثه على اتخاذ الاحتياطات الشديدة ضد إعادة إحياء السلطة االسعودية . ولحسن الحظ لم يكن إبراهيم باشا والذين يعمل نيابة عنهم ممن يقبل النصيحة الجيدة، وإذا كان هدف بعثة الملازم سادليير أصبح معروفاً في الجزيرة العربية، فإنه قد أصبح منسيّاً بالتأكيد عند زيارة البعثة البريطانية التالية للرياض. 

كان ذلك في سنة 1865، حينما عهد إلى الكولونل لويس بيلي (Lewis Pelly) بوصفه مقيماً سياسياً في الخليج، بمعالجة الأمور الناجمة عن القرصنة والاتجار بالرقيق على الساحل العربي من الخليج، وقد قرر بمبادرة منه أن يزور السلطان الوهابي مع بعثة صغيرة حسنة الاطلاع. وكان استقباله من جانب فيصل بن سعود ووزيره غير مشجع. وعادت البعثة البريطانية إلى الساحل وهي تدرك أنه على الرغم من أنها تعلمت الكثير، فلم ينجز غير القليل في اتجاه تأسيس علاقات ودية دائمية مع البلاط الوهابي. 


وفيه رساله ارسلها شاه ايران لمحمد علي يمدحه فيها ويمجد فيه لانه قضى على الدوله السعوديه الاولى اذا لقيتها بحطها هنا الحمد لله انها جت لابوتركي على ماانتمنى


تثقف بالتاريخ واعرف منهم الرجال ومنهم اشباه الرجال هؤلاء القواسم حلفاء الدوله السعوديه الاولى

لقد همت بريطانيا، وهي ذات الحول والطول في الشرق كله، بتدمير القواسم، ولكن هل تحقق لها ذلك ؟

قال لوريمر: في هذه الظروف أصدر الحاكم العام في الهند أوامره بإعداد حملة بحرية عسكرية، كان الهدف الرئيسي لها تدمير القواسم، بتدمير القوة البحرية لهذه القبائل العربية المشتغلة بالقرصنة، ولا يسمي العرب إلا لصوصاً، أسف على العلم والأدب؟، وإن كانت الحقائق تقوم بالتحدث عن الواقع بنفسها، وإن قال الأعداء ما شاءوا، فإنما بأفعاله يعرف الفاعل، قال: وأهمها القواسم، أي تروم للقواسم تدميراً نهائياً بحيث لا تبقى لهم حركة يقدرون على معاداة بريطانيا بها، وهي تعلم أنها مالها معاض إلا القواسم الأبطال، صقور البحر، الذين لا يخافون ولا يخشون، وقد جربتهم بريطانيا وجربوها، وإذا هم جمرة محرقة وشجي في الحلق .


وقال لوريمر: أن آخر ضحايا القواسم في هذه المرحلة كانت السفينة "داريا دولت" التي يقودها الكابتن " فيلمنج" وقد استولوا عليها في يوليو سنة 1819م، وهنا عزمت بريطانيا بكل ما أوتيت من قوة، على القضاء على القواسم قضاء ساحقاً، وإن تحكم عليهم حكماً ماحقاً، حتى لا تبقي ولا تذر اسماً للقواسم إلا غدا كان ضئيلاً مقهوراً، ويتابع لوريمر قوله. وقد صدرت الأوامر، أي من حكومة بومبي المعروفة بالهند وتحت ستار هذا اللقب، وكان أمراً منوياً، ومن هنا يظهر أن البريطانيين يصغرون الاسم القاسمي ويعظمون معناه، أي يرون معناه عظيماً حيث رأوا وسمعوا ما صار منهم، فهم يظهرون للناس تهوين أمرهم، ويكتمون الحقائق التي يعرفونها عنهم، وذلك دأبهم طيلة تلك الأيام .

صدرت التعليمات من حكومة الهند البريطانية للقادة البحريين والعسكريين في الحملة بهذه الأهداف جميعها عدا واحداً هو حماية سلطان مسقط من الضغط الوهابي. وهذا الهدف إذا صح أنه كان من بين أهداف الحملة، فقد كان مقنعاً وبشكل غير مباشر بالنسبة للقائمين بالأعمال، وصدرت التعليمات تؤكد بشكل خاص ضرورة تدمير سفن القواسم، ومن الناحية السياسية فقد تم الالتزام بأقصى جانب ممكن من الحذر والحيطة، والمعنى أن الحملة لم تترك شيئاً مما يتعلق بالحذر في الحال الإ جاءت به مع الكتمان الشديد، والأستار الغليظة التي تخفي بها المقاصد إخفاء كاملاً، فقد ملأت البحر برجالها وأساطيلها وهيأت المعدات الكافية، ومنعت العمليات البرية بقدر الإمكان، وخاصة ما يثير صراعات مع القوى العاملة بأمر أمير الوهابيين، وهذا هو مطلق بن محمد المطيري الذي جاء مع الجبري مناصاً له فتمركز في البريمي لكونها غافرية، والجبري ضد السلطان سعيد بن سلطان فوجد الأمير الوهابي مكاناً آمناً ومقراً معززاً يطمئن فيه عند القيام بعملياته ، وكذلك على الحملة أن لا تفصح عن أي نوايا عدائية نحو هؤلاء، وعليها تجاهل أي روابط قائمة بين القواسم والوهابيين، 


عند ذلك توجهت القوات البريطانية لضرب رأس الخيمة ورتبت أنظمة الضرب وأثبتت قواعدها، وفي اليوم 12 من الشهر نفسه اصطفت السفن لضرب المدينة من كل جانب، وأطلقت النيران فقصفت مدافع السفن الأصغر حجماً المدينة، لأنها استطاعت الاقتراب منها إلى أقصى ما يمكن، لكن المدافعين ظلوا يطلقون قذائف مدفعيتهم الصغيرة، وأغلقوا الخليج ووقفوا عليه كسور من الحديد، بحيث لم يستطع جنود العدو التقدم أقل شيء في الميدان.. وفي الصباح الباكر من يوم 13 نوفمبر قامت مظاهرة بحرية عند مدخل الميناء من طرف المدينة الشمالي، وخلف هذا الستار نزلت قوة المشاة البريطانية وبعض القوارب البحرية، عند الطرف المقابل في مياه تصل إلى منتصف قامة الرجل، واعترض هذا الانزال حشد من الرجال بالسيوف والأسلحة الخفيفة، لكن نيران المدافع التي أطلقت عليهم من القوارب المسلحة استطاعت تشتيتهم، وقد ركزت بريطانيا مدافعها وسفنها في البحر على السور، وأطلقت نيرانها عليه فانقض واندثر، ولم يستطع الثبات لتلك المدافع الثقيلة التي تدك الجبال لو واجهتها، ومنذ الساعة الثانية بعد إشراق الشمس إلى ما بعد الظهر والمدافع الرنانة تعمل عملها، حيث تم احتلال وسط المدينة، بعد أن دمرت المدفعية المباني، وخربت المنازل ، وهدمت السور تماماً، وذهب القواسم عن الميدان بعيداً حيث لاطاقة لهم على رد الواقع عليهم من أفق البحر، وهم في مدينتهم، وعند ذلك نزل الجنود البريطانيون ورفعوا العلم على بيت الشيخ إيذاناً بإتمام الاحتلال، وإظهاراً لانتصارهم، والنار تلتهم المدينة من كل جانب، ولم يبق منها إلا ما شاء الله 


قال لوريمر: والأجزاء الشمالية فقط في شبه الجزيرة بقيت في أيدي العدو ( أي القواسم) وفي الساعة الرابعة أحرق بحارة الاسطول البريطاني خمسين سفينة راسية على الشاطئ، تابعة لرأس الخيمة، وكأنهم لم يستطيعوا سحبها عندما نزل العدو على الساحل المذكور، ولعلها كانت خالية فارغة من كل شيء، منها ثلاثون سفينة كبيرة، وأصبحت المدينة نهباً للنيران، وقد نهب أفراد من الجنود بعض الأسلاب، ولكن لم يسمح بأعمال النهب العام، وبعد شروق الشمس في يوم 14 نوفمبر وصل تقرير يفيد باقتراب حشد كبير من القوات العربية في الداخل ، فبادر الكولونيل سميث للالتزام بالتعليمات الموجودة لديه يتجنب أي اشتباك مع الوهابيين، وأصدر الأوامر بصعود الجنود إلى ظهر السفن بأسرع ما يمكن، ولم تحصل الحملة على تسليم بالهزيمة من العرب الذي سرعان ما عادوا إلى احتلال الشاطئ، ومن الواضح أن القائد عندما رأى الرجال يقتربون من الساحل ظن أنهم من الجهة السعودية، وكانت لديه تعليمات من حكومة الهند بأنه إذا دخل الحرب مع القواسم سعوديون فعليه إيقاف الحرب، ولذلك ابتعد الجنود البريطانيون، وحل محلهم في الميدان رجال المدينة الذين سرعان ما عادوا إلى احتلال الشاطئ، وكأن شيئاً لم يحدث، وهناك ما يحملنا على الاعتقاد بأن القائد الوهابي مطلق تحرك لنجدة رأس الخيمة بمجرد وصول أنباء مهاجمتها إليه، وفي ضوء هذا الاعتبار، وفي ضوء ما حدث بعد عدة أسابيع قليلة في شناص، لا نستطيع توجيه اللوم إلى القائد البريطاني لاتخاذ هذا المسلك الحذر، ولعل القائد المذكور يظهر خلاف ما يضمر لأن كل ما عنده كان خصومة سلطان مسقط، ولذلك وقع جيشه على الساحل الشمالي واحتل منه أماكن من أعمال شناص وما إليها عندما قامت القائمة على رأس الخيمة ولعل هناك نوايا لم تظهر بعد .


القواسم يعودون لقوتهم 

ظنت بريطانيا بعد تلك الأعمال التي أوقعتها بصقور البحر العماني القواسم، أن الحركات قد وهت، وإن أمور القواسم قد انتهت، ولكن الأمر ليس كما ظنت بريطانيا، وليس هدم رأس الخيمة وإحراقها بمثن من عزيمة القوم، وكم أُهلكت ولايات وهدمت إمارات ولم يطل عهدها، إلا وهي هي بحركاتها وأعمالها.

لا ريب أن القواسم وهم الرجال الأبطال الذين ناطحوا بريطانيا وعرفوا عنها الكثير، كما عرفت عنهم، أصبحوا مغمورين بالحنق على ما صار عليهم برأس الخيمة، فهاجوا على ممارسة بريطانيا أخذاً بثأر رأس الخيمة، وقاموا على الموانئ التي يحل البريطانيون فيها والمواقع التي يحتلونها، واشتدت شوكة صقور البحر وحددت مخالبهم وفرت أنيابهم جسم البحر الذي تخوضه السفن البريطانية، وننقل إليك ذلك عن المؤرخ الإنجليزي ومن معه من الإفرنج، ليكون اثبت حجة وأبين محجة، قال: في سنة 1811 إلى سنة 1819م، وغارات القواسم لم تقف ولم تنؤ، وجمرة القوم لم تنطفء ، وقد عرفوا ما حل عليهم برأس الخيمة حتى احترقت الخيمة ولم يبق لها رأس ولا طرف وما برحت تعالج جرحها الفادح، حتى قام صقورها وحلّـقوا على أفق البحر فكانوا على بريطانيا أضر من الأول .


كان الخليج العربي ساحة مليئة بالاحداث والصراعات والتحالفات ، فقد تحالف القواسم مع الوهابيين الامر الذي ازعج بريطانيا والعثمانيين على حد سواء. فالحركة الوهابية كانت القوة البرية الصاعدة والقواسم كانوا يمثلون القوة البحرية التي لا تعبأ بالهجوم على السفن البريطانية . لقد انزعج البريطانيون كثيرا من القواسم ووجهوا حملاتهم ضدهم في العام 1805 و 1809 ولكن هذه الحملات لم تكن لتمنع القواسم من معاودة النهوض وترتيب اسطولهم من جديد. وبعد تحالف القواسم مع الوهابيين ، وازدياد خطرهم في المنطقة وجه الوالي العثماني محمد علي باشا حملته ضد الوهابيين عام 1819 فاستغلت بريطانيا الفرصة وقامت بمهاجمة القواسم في رأس الخيمة في العام نفسه . وقد استطاع البريطانيون تدمير اسطول القواسم وكان من نتائج هذه الحملة التوقيع على معاهدة السلم العامة عام 1820م

======================


سعود عبدالله القحطاني 


الوهابية لم تتعاون مع الانجليز والفرنسيين



على سؤال فحواه: ما هو حكم الصلاة في المسجد الذي فيه ضريح؟ أجاب الشيخ (علي جمعة) مفتي مصر بأن الصلاة في هذا المسجد جائزة. إلى هنا والقصة تبدو طبيعية، فالشيخ عالم أزهري مجتهد، ومن حقه أن يخالف غيره في اجتهاده. غير أن الذي أثار استغرابي فعلاً هو أنه أرجع سبب تحريم الصلاة في هذه المساجد إلى الحركة الوهابية، وقال: إن مبرر الوهابيين في ذلك هو الخروج على الخلافة العثمانية!. أي أن الوهابيين جعلوا من بناء الخليفة العثماني للمساجد على القبور حجة لتكفيره، ومن ثم الخروج عليه. 

فالمبرر في نظر فضيلة المفتي لا يرجع إلى أسباب دينية، ولكنه يعود - كما يدعي - لمبرر سياسي محض!. ثم أضاف إلى هذه الطامة، طامة (تخوينية) كبرى، وهي قوله بالنص: (وخرجوا على الدولة العثمانية، وتعاونوا مع الإنجليز والفرنساوية)!. 

وأنا هنا لن أناقش الشيخ في وجهة نظره حول الصلاة في المساجد التي فيها أضرحة، فهناك من هم أعلم مني في هذا الشأن، وأقدر مني على تفنيد حججه؛ كما لن أتحدث عن تلك اللغة المتدنية، والعامية الساخرة، التي كان يجب أن ينأى بمقامه ونفسه عنها، طالما أن الحديث يتعلق بأمر من أمور الدين، غير أن الكتاب لا يُقرأ من عنوانه فحسب، وإنما من لغته أيضاً، ولله في خلقه شؤون!. 

أما الذي يهمني في كلام المفتي المصري فهو الجزئية المتعلقة بالخروج على الخلافة، والتعاون مع الإنجليز والفرنسيين، وما كان هذا الاهتمام فقط لأنه يفتقر إلى الدقة التاريخية إلى درجة التدليس، بقدر ما هو - أيضاً - لأسباب موضوعية وكذلك وطنية؛ فالوهابية كانت هي الأساس الذي قامت عليه وحدة هذه البلاد، فشرعية التأسيس هي وهابية بالإجماع، وشرعية الاستمرار - في تقديري - تعود الى الإنجاز بكافة صوره. 

وإذا حاولنا تحليل كلام المفتي في هذه الجزئية، فإننا سنخلص بأنه يترتب على كلامه: أن الخلافة العثمانية كانت هي القوة المسيطرة على منطقة نجد (منطلق الحركة الوهابية)، وأن الوهابيين جاؤوا، أو تمسكوا بفكرة تحريم الصلاة في المسجد الذي فيه ضريح، بغرض تكفير هذه السلطة والخروج عليها. 



وهذا زعم لا أساس له من الصحة. فالعثمانيون - كما يعلم أي قارئ مبتدئ للتاريخ - لم يكونوا مسيطرين على منطقة نجد، ولم يكن ذلك الحيز الجغرافي من الوطن العربي داخل ضمن نفوذهم العسكري أو السياسي أو الاقتصادي، بل كانت هذه المنطقة - في ذلك الحين - عبارة عن إمارات ومراكز قوى مستقلة، حتى جاء الإمام محمد بن عبدالوهاب وتحالف مع الإمام محمد بن سعود، وأخضعا المنطقة لسلطة الدولة السعودية الأولى، ثم توسعت هذه الدولة حتى خرجت من النطاق النجدي وشملت أغلب أرجاء الجزيرة العربية. 

إذن فلا حاجة لأن يبحث الوهابيون عن مبرر لتكفير الدولة العثمانية كي يبنوا دولتهم المستقلة، ذلك لأنه لا وجود للعثمانيين من الأساس في منطقة نجد، وإذا زال المسبب بطل السبب كما هو معلوم. 

وإذا استبعدنا هذا الاحتمال الذي يتبناه فضيلة المفتي لعدم واقعيته، فضلاً عن أنه لا يمت لتاريخ هذه الحركة بأية صلة، نستطيع القول بشيء من العلمية الموثقة تاريخياً، أنهم جمعوا بين إيمانهم الديني ووعيهم وطموحهم السياسي، فانطلقوا لتصحيح معتقدات الناس، وفي الوقت ذاته ضم أقاليم الجزيرة العربية إلى دولة واحدة تؤمن بمبادئ الدعوة. 

أما ما ادعاه المفتي عن علاقة الوهابيين بالإنجليز والفرنسيين، وتوظيفهم لهذه العلاقة في خروجهم عن الدولة العثمانية، فهو أيضا زعم واه، ومتهافت، يعوزه الدليل، فالإنجليز والفرنسيون لم يكن لهم أي اتصال بالدولة السعودية الأولى بأي شكل كان؛ كما أن هذه الدول، وبالذات البريطانيين، لم يكن من صالحها - في ذلك الوقت - تفتيت الخلافة العثمانية. والشيخ يعرف بالتأكيد من قراءته للتاريخ المصري، على افتراض أنه يقرأ التاريخ، أن محمد علي باشا و الي مصر في ذلك الزمان، وهو تابع رسمي للدولة العثمانية، قام بالخروج على الدولة العثمانية، وحاربها حرباً ضروساً، حتى اضطر الخليفة العثماني أن يستنصر بالقوات الروسية لحماية الدولة العثمانية من جيش محمد علي باشا بعد معركة (قونية) عام 1833، والتي هزم فيها الجيش المصري جيش العثمانيين، وبالفعل وصل الأسطول الروسي إلى البوسفور بغرض حماية الخلافة العثمانية من (واليها) الثائر، وتدخلت أوروبا بكل طاقتها لوقف الزحف المصري على عاصمة العثمانيين، مما دفع بمحمد علي باشا لأن يحاول الاكتفاء بطلب الاستقلال الكلي عن الدولة العثمانية، وأن تكون حدود دولته المستقلة في كل المناطق التي بلغتها جيوشه، غير أن مصالح أوروبا، وفكرة توازن القوى لم تكن تسمح بتقسيم الرجل المريض في ذلك الحين، وقفت في وجه هذا المشروع بقوة. 



من هذا العرض نخلص بما يلى: 

أولاً: الدولة السعودية الأولى بدأت من الصفر ولم تكن المناطق التي بدأت منها وحدتها راضخة للعثمانيين. 

ثانياً: أن الدولة السعودية الأولى لم يكن لها أي اتصال أو مصالح مع الإنجليز أو الفرنسيين، بل على العكس من ذلك كان الإنجليز مستائون من سطوة القواسم الوهابيين على مصالحهم في الخليج. 

وفي ذلك يقول محمد جلال كشك في كتاب السعوديون والحل الإسلامي: (كانت حكومة الهند تتابع باهتمام بالغ أنباء الدولة السعودية والأحداث المتعاقبة بعد غزو إبراهيم باشا وسقوط الدرعية فقررت إرسال "سادليير" لداسة الموقف، وقد حددت المذكرة السرية التي كلف بها سادليير بالمهمة واجباته في 15نقطة). وأهم ما يعنينا من هذه النقاط: 

أ - بحث إمكانية التنسيق للقضاء على الوهابيين. 

ب - التعرف على نوايا إبراهيم باشا المقبلة بعد إخضاعه للساحل العربي. 

ج - إذا كان إبراهيم باشا ينوي استئصال القواسم (الوهابيين) فما هي المساعدة التي يمكن أن نقدمها له من خلال أسطولنا وقواتنا؟ 

ويعلق الأستاذ كشك بعد ذلك ويقول: (فهي مهمة تجسس بريطانية ودراسة للوضع وإعداد لحملة استئصال الوهابيين وبالذات القواسم).

ثالثاً: أن مصر كانت تابعة رسمياً للدولة العثمانية، بل أن واليها - الألباني الأصل - محمد علي باشا لم يأت إليها إلا عن طريق الجيش العثماني، وكانت ولايته على مصر بمباركة العثمانيين، وكانت تبعيته لهم رسمية، ومع ذلك خرج عليها وحاربها وكاد أن يهدمها، لولا أن الخليفة اضطر للاستصراخ بأعدائه في الأمس كي يقفوا بوجه (عامله) الذي خرج عليه. أي أن زعم المفتي في (شجب) خروج السعوديين على العثمانيين ينطبق عليه المثل القائل: رمتني بدائها وانسلت!. 

رابعاً: محمد علي باشا كانت له اتصالات واسعة مع الإنجليز والفرنسيين والروس، ومن ذلك مثلاً ما قاله المؤرخ الوطني المصري الشهير عبدالرحمن الرافعي عن أن ابراهيم بن محمد علي باشا في حملته على معقل الوهابية في الدرعية: (استعان بخبرة الأوروبيين في الحروب فاصطحب معه في الحرب الوهابية طائفة من الإفرنج منهم الضابط الفرنسي فيسيير أحد ضباط أركان الحرب، وهذا أمر لم يكن مألوفاً ولا سائغا بين قواد الشرق في ذلك العهد)!. والمسألة التي تستحق البحث - حقيقة - هي عن أثر هذه الاتصالات في خروجه على العثمانيين، وهل كانت المسألة برمتها فخاً سار فيه الباشا؟ أم أنها كانت خطة للضغط على العثمانيين؟ أم أن المسألة كما تبدو على ظاهرها مجرد محاولة للخروج على الدولة؟ 

======
وبمناسبة كون المفتي مهتما بدراسة العلاقات مع الإنجليز والفرنسيين في تلك الفترة، فليته يبحث لنا ويحدثنا عن احتلال هاتين الدولتين لمصر، وكيف كان الناس يتعاملون مع هذا الاحتلال، ومن كان من العلماء الأزهريين (الأبطال) في مواجهتهم، خصوصاً في وقت ثورة القاهرة على الفرنسيين. وفي المقابل، ليته يحدثنا أيضاً عن (خيانات) ضعفاء النفوس في تلك الفترات القاحلة، ويستخلص لنا من هذه القصص الدروس والعبر، وليبدأ لنا بذكر قصة الشيخ البكري وابنته على سبيل المثال لا الحصر، في هذه القصص فائدة للأمة، خصوصاً أن الشيخ - حفظه الله - مهتم بقضاياها، فهو يعيب - مثلاً - في شريطه المذكور على علماء الوهابية بأنهم لا يدعون لإخوانهم في العراق وفلسطين، ورغم أن هذا الزعم غير صحيح، يعرف عدم صحته كل مصل بالمساجد السعودية، إلا أنه على كل حال يدل على غيرة وحرص على الإسلام والمسلمين. 

وبمناسبة هذه الغيرة وما رافقها من حمية للأزهر، فليت شيخنا الفاضل يحدثنا - ايضاً - عن قصة استقبال شيخ الأزهر للسفير الإسرائيلي وحاخام إسرائيل الأكبر وما رأيه في هذه الزيارة؟ 

وليحدثنا فضيلته عن أساتذة الأزهر الذين سافروا إلى إسرائيل!!، وتعاونوا مع جامعاتها، مثل: د. نبيل ذكر الله الأستاذ بكلية طب الأزهر، ود. رضا محرم الأستاذ بهندسة الأزهر، ود. عبد الموجود عبدالفضيل الأستاذ بكلية أصول الدين، ود. عبدالصبور فاضل الأستاذ بكلية اللغة العربية، وغيرهم من أساتذة الأزهر (الذين لم يجدوا حرجاً من السفر إلى الكيان الصهيوني في مخالفة واضحة لكل الأصول الشرعية وقرارات اتحاد الجامعات العربية بمنع التعاون الأكاديمي مع إسرائيل) (عبدالرحمن سعيد/ مجلة السنة/ العدد 111). 

ويبقى التأكيد على أن دفاعنا عن الوهابية لا يعني بأنها حركة منزهة عن الأخطاء والمثالب، ومن المؤكد أنه توجد فئة غير قليلة من السعوديين ترى أن الوهابية ليست فوق النقد، متى ما كان هذا النقد موضوعياً وعلمياً وموثقاً ودقيقاً، أما إذا كان الكلام عن الوهابية لمجرد السخرية والتطاول، فهذا وبكل المعايير يكون أمراً غير مقبول، ولا أظن أن إخواننا العقلاء في مصر يرضونه أيضاً. 

إن الوهابية هي التي حققت لهذه البلاد وحدتها بعد طول تشتت وتحزب وتحارب وصراع، والوهابية هي الحركة الدينية الوحيدة في العالم العربي التي بنت دولة مستقلة، والوهابية هي الحركة الدينية الوحيدة التي حققت وحدة سياسية بين خمسة أقاليم عربية في دولة واحدة اسمها اليوم المملكة العربية السعودية. 


=============

وأكبر مثال على ذلك أنه حين غزاهم إبراهيم بن محمد علي باشا كانوا كلهم وكما قال شاعرهم، فيصل بن سعود بن عبدالعزيز: 

لا أصلح الله منا من يصالحكم *** حتى يصالح ذئب المعز راعيها 

ولم تسقط الدرعية إلا بعد أن سقطت الأرض من دماء أبنائها حتى ارتوت، وبعد حصار مرير وطويل، وكتب التاريخ تزخر بقصص البطولات التي سطرها الوهابيون في دفاعهم عن دولتهم وفي معاركهم مع طوسون وأخيه إبراهيم، تلك المعارك التي لم تنته إلا بانبعاث الدولة السعودية ثانية على يد الإمام تركي بن عبدالله، وثالثة على يد الملك عبدالعزيز. 

وتحدثنا كتب التاريخ أن أول من سفك دمه دفاعاً عن الدرعية هم العلماء الوهابيون أنفسهم، وليس من المستغرب أن تكون الوهابية بهذه العملية والقوة مقارنة بغيرها، وذلك لأنها في الأساس حركة إصلاحية قامت على محاربة الخرافات وفكر الكرامات والخوارق، ولم تكتف بأي حال بالتواكل، لذا جاءت برجال تمكنوا من توحيد الجزيرة العربية كافة. 

ولقد أنصف المفكر العربي المعروف محمد عابد الجابري الوهابية حين جعل من نشأتها (بداية) تاريخ النهضة العربية الحديثة، فلا نهضة مع الخرافة، ولا رجاء في تطور من يؤمنون بالخوارق والكرامات ويعتمدون على التواكل ويتجاهلون العمل. نعم نحن لسنا مع الغلو بكافة صوره، سواء كان وهابياً، أو أزهرياً (على غرار الفتاوى الأزهرية ضد طه حسين وعلي عبدالرازق مثلاً)، ولكن هذا لا يعني وبأي حال بأن نجعل من غلو البعض مبرراً في الطعن بالكل، ولو كان الأمر كذلك لطعن الفرنسيون بثورتهم، وشكك الأمريكيون باستقلالهم، ولما بقي بين أمم الأرض تاريخ تفخر وتزهو به. 

ويبقى في نهاية المطاف تساؤل عن الأبعاد - الحقيقية - التي دفعت بمفتي مصر لقول مثل الكلام اللامسئول عن تاريخنا وبلادنا؟ 

ولقد اضطررت إلى ايراد هذه المعلومات التاريخية توضيحاً لما قد يلتبس في أذهان العامة من أن ما ذكره الشيخ الدكتور علي جمعة والذي نكن له جميعاً كل احترام وتقدير كعالم جليل هو الواقع الذي سارت عليه الدعوة الوهابية كحركة مقاومة سياسية فقط وليست حركة إصلاح ودعوة لمجتمع بأكمله كان يعاني انتشار البدع والخرافات التي أبعدت ابناءه عن الدين الصحيح. 

ويبقى رأي فضيلة مفتي مصر الشيخ علي جمعة رأياً شخصياً لا يمكن بأي حال من الأحوال ان يؤثر في عمق العلاقات والروابط التي تجمع بين الشعبين الشقيقين السعودي والمصري خاصة ونحن نعرف وقفاتهما الثابتة والموحدة ضد كل من يسعى للنيل من ثوابتهما الدينية والاجتماعية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق